أزمة سياسية بين "نداء تونس" و"النهضة" بسبب هيئة الحقيقة والكرامة

08 مارس 2018
الخلاف يُلقي بظلاله على الانتخابات البلدية (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -


تحول الجدل القائم حول التمديد في عمل هيئة الحقيقة والكرامة إلى أزمة سياسية بين حزب "النهضة" و"نداء تونس"، بعد إقرار مكتب البرلمان عرض المسألة على الجلسة العامة للتصويت.


وانسحب نواب "النهضة" وممثل "الكتلة الديمقراطية" من اجتماع مكتب البرلمان اليوم الخميس بعد التصويت بالأغلبية على عرض قرار التمديد على الجلسة العامة، لاتخاذ قرار الموافقة على التمديد من عدمه لهيئة الحقيقة والكرامة بسنة إضافية.

وأخذت الأحداث تطورات غير مسبوقة، إذ تبادل نواب "النهضة" و"النداء" التهم بتعطيل مسار العدالة الانتقالية والالتفاف على القانون والدستور.

ويرى مراقبون أن الأزمة البرلمانية بين الكتل الحاكمة قد تتطور إلى أزمة حكم في ظل التنافس السياسي على الانتخابات البلدية وقد ينهي ما بقي من توافق بين الحزبين.

واعتبر النائب عن حزب "النهضة" الحبيب خضر، مساعد رئيس البرلمان التونسي المكلف بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والسلطة القضائية، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن هناك محاولة للالتفاف على القانون المنظم للعدالة الانتقالية، الذي أعطى صراحة لمجلس الهيئة اتخاذ قرار التمديد بسنة إضافية ورفع قرارها المعلل إلى مجلس نواب الشعب.

وأكّد أن نواب حزب "النهضة" انسحبوا بعد التصويت على تمش (إجراء) غير قانوني، مشيراً إلى أن الأغلبية في المكتب صوتت أيضاً على عدم سد الشغور في تركيبة مجلس الهيئة في مخالفة ثانية للمسؤولية التي يحملها القانون للمجلس.

وبين محمد بن صوف مساعد رئيس البرلمان المكلف بالأعلام أن أغلبية أعضاء مكتب المجلس صوتت مع ممارسة مجلس نواب الشعب لصلاحياته باعتباره سلطة عليا انبثقت عنه هيئة الحقيقة والكرامة، مشيراً في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أن الخلاف القائم هو حول ممارسة المجلس لصلاحياته من عدمها، إذ يدفع نواب حزب "النهضة" إلى تخلي السلطة التشريعية عن صلاحياتها وجعل هيئة الحقيقة والكرامة فوق المساءلة والمراقبة.

وأضاف أن التصويت أفضى بالأغلبية إلى عرض القرار على الجلسة العامة التي تمثل أعلى سلطة قرار في البرلمان للاختيار بين التمديد من عدمه، وبالتالي فإن قرار اليوم مبدئي.

وذكر أن الكتل الحاضرة في المكتب، سواء التي تتمتع بحق التصويت أو الملاحظة، كانت ضد مقترح النهضة تمكين هيئة الحقيقة والكرامة من صلاحيات التمديد بمفردها في أعمالها.
وفي سياق متصل قال النائب حسونة الناصفي، مساعد رئيس البرلمان المكلف بالعلاقة مع الحكومة ورئاسة الجمهورية، أن قرار التمديد من عدمه سيتم الحسم فيه خلال أشغال الجلسة العامة بالتصويت، مضيفاً أن مكتب المجلس اعتبر أن التمديد من عدمه هو من صلاحيات البرلمان ويعود بالأساس إلى أنظار الجلسة العامة.

وأضاف الناصفي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "البند 18 يتحدث عن قرار معلل يفترض حسب القانون أن يكون له أكثر من مآل"، مؤكداً عدم وجود قرار يرفع إلى سلطة عُليا من دون أن تكون له مآلات.

واعتبر الناصفي أن تمديد أعمال الهيئة وسد الشغور والميزانية هي قرارات حصرية لمجلس نواب الشعب، وبالتالي فإن الأمر يعود للجلسة العامة للحسم في مطلب التمديد من عدمه.
من جانب آخر قال النائب المعارض غازي الشواشي، مساعد رئيس البرلمان المكلف بالعلاقة مع النواب، إن هناك أطرافاً من بعض الكتل البرلمانية ضد العدالة الانتقالية وضد المصالحة، ترى أنه ليس من حق الهيئة التمديد في أعمالها، وأن قرار التمديد من الضروري أن يخضع لمراقبة مجلس نواب الشعب ولمصادقة الجلسة العامة.




وأكد الشواشي أن البند 18 ليس في حاجة إلى التأويل، وأن قرار التمديد هو من صلاحيات الهيئة لوحدها، إذ ينص على أن مدة عمل الهيئة حُددت بأربع سنوات بداية من تاريخ تسمية أعضاء الهيئة (انطلقت في عام 2014)، وهي قابلة للتمديد مرة واحدة لمدة سنة بقرار معلل من الهيئة يرفع إلى المجلس المكلف بالتشريع قبل ثلاثة أشهر من نهاية مدة عملها (في 30 مايو/ أيار المقبل).

ولفت إلى أن الرافضين قرار التمديد للهيئة لا يرغبون في هيئة الحقيقة والكرامة ولا مسار العدالة الانتقالية ولا في تحقيق مصالحة وطنية.