أزمة الكهرباء تدفع تونس للاستيراد من الجزائر والمغرب

18 يوليو 2018
الدول المغاربية تتعاون لمواجهة أزمة الكهرباء (Getty)
+ الخط -
من المنتظر أن تزود كل من الجزائر والمغرب جارتهما تونس بالكهرباء، بعدما لجأت حكومتها هذا العام إلى الاستيراد مجدّداً، لمجابهة الطلب المتزايد على الطاقة خلال فترات الذروة في فصل الصيف، وتفادي انقطاع التيار في العديد من المناطق التونسية، على غرار ما حدث في السنوات السابقة.
وفي هذا السياق، قال المسؤول عن التخطيط والبرمجة بشركة الكهرباء التونسية رفيق بالزاوية، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن 5 خطوط ربط للجهد العالي بين تونس والجزائر تسخر لتوفير الطاقة الإضافية للبلاد في فترات الذروة، مشيرا إلى أن التعاون مع الجارتين الجزائر والمغرب سيمكن من زيادة قدرة تصدير طاقة الكهرباء من هذين البلدين اللذين يحققان الاكتفاء الذاتي من الكهرباء نحو تونس.
وأشار المسؤول بشركة الكهرباء إلى أن الطلب الإضافي على الكهرباء في تونس قد يصل هذا العام إلى 300 ميغاواط، مؤكدا أن التعاون مع شركات الكهرباء في كل من الجزائر والمغرب يجيز الحصول على هذه الكمية بكل أريحية.
وأكد بالزاوية أن تحديد أسعار توريد الطاقة يتم ضمن عقود تجارية تبرم بين الشركات المعنية ولا يكشف عنها عادة، حسب قوله.
من جانبه، رجح مدير عام شركة الكهرباء والغاز الحكومية في تونس منصف الهرابي، أن يصل مستوى التبادل الكهربائي بين هذه البلدان الثلاثة إلى أكثر من 200%. وأشار إلى أن المنظومة الكهربائية المغاربية (وخاصة تونس والمغرب والجزائر)، مترابطة فيما بينها في اتجاه تأمين الشبكات وتعزيز التعاون الثلاثي.
وأضاف الهرابي أن اجتماعا ثلاثيا لشركات الكهرباء المغاربية عقد في تونس يوم الجمعة الماضي، تم خلاله تدارس مزيد من تعزيز تبادل الكهرباء ببين البلدان الثلاثة.
ووقعت تونس الجمعة على اتفاق ثلاثي، تلتزم فيه كل من شركة إنتاج وتوزيع الكهرباء الجزائرية "سونلغاز" والديوان المغربي للكهرباء ومياه الشرب، بتزويد الشركة التونسية للكهرباء والغاز بالكهرباء طيلة فصل الصيف.



وتتسبب ذروة الاستهلاك في انقطاع التيار الكهربائي في العديد من المحافظات والمنشآت الحيوية، بسبب بلوغ الاستهلاك درجات قصوى مع ارتفاع درجات الحرارة والاستعمال المكثف للمكيفات ووسائل التبريد.
وبدأت تونس، أمس الثلاثاء، في تشغيل محطة إنتاج جديدة للكهرباء بمدينة مرناق شمال شرقي العاصمة لتوفير 600 ميغاواط من الكهرباء، في وقت تشهد فيه البلاد طلبا كبيرا على الطاقة قارب 4 آلاف ميغاواط، حسب بيانات رسمية لشركة الكهرباء والغاز، ما دفعها إلى اللجوء للدول المجاورة لسد الاحتياجات المتزايدة.
وكشف المدير العام لشركة كهرباء الجزائر "سونلغاز" محمد عرقاب أن "الجزائر والمغرب سيزودان تونس ما بين 200 إلى 300 ميغاواط للسماح لها بتغطية احتياجاتها من هذه الطاقة".
وليست هذه المرة الأولى التي تشتري فيها تونس الكهرباء من الجزائر لمواجهة الطلب الداخلي، حيث تعودت تونس على الاستعانة بجارتها منذ أكثر من 5 عقود من الزمن.
وحسب مدير التسويق بـ"سونلغاز" حميد الحواس لـ"العربي الجديد"، فإن "المفاوضات بين الشركتين الجزائرية والتونسية لم تستغرق الكثير من الوقت، وذلك بالنظر للتاريخ المشترك بين الطرفين".
وأضاف أن "الجزائر ستزود تونس بالكهرباء انطلاقا من محطة "عين أرنات" الجديدة (340 كم شرق العاصمة) التي يقدر إنتاجها بحوالي 1200 ميغاواط".
ورفض المسؤول في شركة "سونلغاز" الكشف عن قيمة العقد، إلا أن مصادر أكدت لـ "العربي الجديد" أن قيمة ما ستصدره الجزائر من كهرباء نحو تونس يتعدى 12 مليون دولار.
وتتصدر شركة "سونلغاز" العمومية قائمة الشركات الجزائرية التي تعاني من صعوبات مالية حادة، حيث تبلغ الديون غير المحصلة قرابة 5 مليارات دولار، ما جعل الحكومة تفكر في العديد من المرات في فتح رأسمالها أمام القطاع الخاص الجزائري والأجنبي.
وتقدر طاقة إنتاج الجزائر من الكهرباء بحوالي 18 ألف ميغاواط، وذلك بعد دخول محطتي "عين أرنات" و"كاب جنات" (100 كم شرق العاصمة) حيز الخدمة بطاقة إنتاج تقدر بـ 1200 ميغاواط لكل محطة.
ورغم تغطية الإنتاج للطلب الداخلي المقدر بـ 12 ألف ميغاواط حسب الأرقام الرسمية، إلا أن الجزائر تشهد انقطاعا متكررا للكهرباء، خاصة في المحافظات الواقعة جنوب الجزائر، جراء ارتفاع الطلب في فصل الصيف.
وفي هذا السياق، اعتبر الخبير في الطاقة محمود فيلالي أن "الحديث عن تصدير الكهرباء بات يشكل مصدر غرابة بالنسبة للجزائريين الذين تعودوا على الانقطاع المتكرر للتيار في فصل الصيف، بعد تسجيل البلاد لمستويات غير مسبوقة للاستهلاك الداخلي، وكأن الحكومة تعيش في عالم بعيد عن الواقع".
وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن "الجزائر سجلت في فصل الصيف الماضي استهلاكا قياسيا بلغ 14 ألف ميغاواط في بداية أغسطس/ آب 2017، وبالتالي نحن أمام ارتفاع مستمر للاستهلاك، بسبب تغير المناخ وارتفاع عدد السكان، ولم تجد بعد سونلغاز خطة متوازنة لضمان التقسيم العادل للكهرباء فوق التراب الجزائري".
ولفت نفس المتحدث إلى أنه "لا يمكن معارضة تصدير الكهرباء نحو الأشقاء في تونس، لكن يجب على الحكومة الجزائرية أن تحل مشكل الانقطاع المتواصل للتيار، خاصة في الجنوب والذي دفع بالسكان للاحتجاج".
وتدرس الحكومة الجزائرية إمكانية رفع الدعم عن الطاقة، الذين يكلف خزينة الدولة قرابة 20 مليار دولار سنويا، لترشيد الإنفاق العمومي.
المساهمون