وسيسجل التاريخ بأن مباراة الإياب التي أقيمت على ملعب رادس بالعاصمة التونسية في 31 من شهر مايو/ أيار الماضي كانت الأطول في تاريخ المسابقة.
ولم تنتهِ القضية الشائكة إلا في السابع من أغسطس /آب بقرار إحدى اللجان المختصة، بعد أن تجول الملف في أروقة المحاكم بدءاً من باريس مروراً بلوزان ووصولاً إلى القاهرة، وبات الكاف الآن أمام "كشف حساب"؛ لأن القضية أظهرت تخبطاً قانونياً وتضارباً في القرارات، مما أضر بسمعة الكرة الإفريقية.
الكاف في مهب الريح!
وأثبتت قضية نهائي الترجي والوداد المغربي وتداعياتها بأن الاتحاد الإفريقي يترنح وما حدث شكل فضيحة جعلت الفيفا يُعجّل بتعيين السنغالية فاطمة سامورا لمدة ستة أشهر لمراقبة المنظومة الكروية الإفريقية وإحداث إصلاحات إن لزم الأمر، ومن أخطاء الاتحاد الإفريقي في هذه الأزمة مسؤوليته عن تعطل تقنية "الفار" في مباراة الإياب مما أحدث أزمة كبيرة لم تتوقف تداعياتها حتى بعد صدور القرار وحسمه وترتب عليه انسحاب الفريق المغربي.
الخطأ الثاني تمثل في دعوة اجتماع ما سمي باللجنة التنفيذية للكاف في باريس في الخامس من يونيو/حزيران، وانبثقت عنه أزمة جديدة، لأن محكمة التحكيم الرياضي (كاس) طعنت في قانونية اللجنة بعدم اختصاصها في إصدار القرارات، ومن بين القرارات إعادة المباراة على أرض محايدة. وشكل قرار (كاس) ضربة موجعة للكاف اعتبرها المتابعون بأنها "ضربة قاضية" وتشكيك في قدرة الكاف على تسيير المنظومة.
تناقض وأخطاء!
ومن المآخذ الأخرى على "الكاف" تضارب القرارات حول المباراة النهائية وخاصة مع المحكمة الرياضية التي أعادت الملف لإحدى لجان الكاف المتخصصة، ما اعتبره الكثيرون بأنه رسالة وإشارة للمسؤولين لتصحيح الأوضاع، ولم يكتف أعضاء المحكمة الرياضية بذلك، بل أعلنوا بأن المحكمة تحتفظ لنفسها بحق مراقبة القرارات والإجراءات الخاصة بهذه القضية.
وجاء قرار لجنة الانضباط أو التأديبية بتثبيت فوز الترجي كضربة موجعة لتوجهات اللجنة التنفيذية المنعقدة بباريس في الخامس من يونيو، مما يؤكد تقلص حظوظ الملغاشي أحمد أحمد. كما أن القضية أثارت أيضاً موضوع تقنية "الفار" والتي تبين أنها مسؤولية شركة خاصة تعاقد معها "الكاف" ما يدفع لطرح التساؤل هل ستستمر مهازل "الفار" مستقبلاً؟
وجاء قرار "الكاف" بتبرئة رئيس الاتحاد المغربي فوزي لقجع من تهمة الاعتداء بالعنف، على الحكم الأثيوبي بابلاك تيسيما، ليحرك المياه الراكدة، ويثير الشكوك خاصة وأن عملية الاعتداء موثقة، وهناك من ربط بين تبرئة لقجع وإعلان قرار فوز الترجي في اليوم الموالي لتخفيف الموقف على الوداد، كما أن الشكوك حامت حول "الكاف" وهل أن المنظومة تدار من الكواليس؟
بطل يحتفل ثلاث مرات بلقب أفريقي!
ودخل الترجي التونسي تاريخ المسابقة باحتفاله باللقب ثلاث مرات، وكانت الأولى مساء يوم 31 مايو حين توج الفريق التونسي أمام جماهيره، والثانية يوم قرار محكمة (كاس)، والثالثة بإعلان لجان الكاف اعتماد فوز الترجي، غير أن "المسلسل المكسيكي" لن يتوقف، على اعتبار أن الوداد سيستأنف الحكم. وقد يحتفل الترجي باللقب للمرة الرابعة في أغرب قضية شهدتها الكرة الإفريقية تاريخياً!
هل يرحل أحمد أحمد؟
وتقول هذه الأحداث والتداعيات بأن "البيت الإفريقي" يعيش أياماً سوداء بحكم توالي الأزمات، بدءاً من الاتهامات التي طاولت أحمد أحمد غداة اجتماع اللجنة التنفيذية بباريس حيث خضع للاستجواب من قبل الشرطة الفرنسية على خلفية قضايا فساد مالي وإداري تتعلق بعقد مع شركة فرنسية، فضلاً عن اتهامات أخرى طاولته بعد أن قدم عمرو فهمي سكرتير الكاف السابق قضية ومستندات ضده.
وجاء قرار إنفانتينو رئيس الفيفا بتعيين السنغالية فاطمة سامورا الأمينة العامة كمتصرف لمراقبة "الكاف" لمدة ستة أشهر على أن أيام أحمد أحمد باتت معدودة، بسبب التضارب في القرارات وكثرة الأخطاء، والسؤال هل يكون الاتحاد الأفريقي قد حفظ ماء وجهه بقرار لجنته المختصة بإقفال الملف؟ من المبكر جداً الإجابة على السؤال في انتظار تطورات جديدة داخل الاتحاد الأفريقي.