أزمة العراق:مضاربو النفط يربحون والناس يخسرون 3.6 مليارات دولار

21 يونيو 2014
الخارطة عن موقع "بي بي سي"
+ الخط -

ما الذي يمكن أن يرفع سعر النفط العالمي الى 115 دولاراً للبرميل؟ سؤال لا بد أن يتبادر الى الذهن، حين معرفة أن الصادرات النفطية العراقية للأسواق العالمية لم تشهد أي انخفاض منذ بدء الأزمة، وفق ما تؤكد المعلومات الرسمية العراقية، والتقارير الدولية جميعها.

النمو الاقتصادي العالمي لا يزال بطيئاً، حتى أن عملاقة الاقتصاد، أي جمهورية الصين، تشهد انحساراً في الحراك الاقتصادي، وبالتالي لا يوجد أي ارتفاع كبير في الطلب على النفط من قبل الدول الصناعية الكبرى. في المقابل، اعتاد العالم التكيف مع العقوبات النفطية على ايران، في حين أن الأحداث الأمنية في ليبيا وانخفاض صادراتها النفطية ليست وليدة هذا الشهر... المؤشرات كلها تقول إنه لا يوجد أي مبرر اقتصادي لارتفاع سعر النفط.

"إنها المضاربات في أسواق الأسهم"، وفق خبراء النفط. وارتفاع سعر البرميل من 108 دولارات الى 115 دولاراً منذ بدء الأزمة العراقية يحقق ارباحاً خيالية للمضاربين، وصلت حتى الآن الى أكثر من 581 مليون دولار.. فيما خسر سكان العالم من جيبهم، وفق حسابات "العربي الجديد"، حوالي 3.6 مليارات دولار زيادة اضافية على أسعار النفط خلال الفترة ذاتها.

 

واقع النفط العراقي
سار
 سعر النفط العالمي منذ بداية الاضطرابات الأمنية في العراق في خط تصاعدي من 108 الى 116 دولاراً يوم أمس الجمعة صباحاً. وقد شهدت الأسعار تراجعاً مساء الجمعة، ليحقق البرميل حوالي 104.68 دولارات. ولا يزال عند أعلى مستوى منذ أيلول من العام 2013.

في موازاة ارتفاع الأسعار، لا تزال الاشتباكات المسلحة تدور في العراق، فيما حقول النفط الأساسية الواقعة في المناطق الجنوبية، لم تشهد أي مخاطر فعلية حتى اللحظة. علماً أن هذه الحقول هي التي تنتج النفط الذي يتم تصديره للأسواق العالمية بواقع 2.4 مليون برميل يومياً.

العالم متخوّف من تراجع إمدادات النفط، إلا أن "الخوف" لا يجد من يبرره. فمحاولة المسلحين السيطرة على "مصفاة بيجي" البعيدة 200 كيلومتر شمالاً من عاصمة العراق، تنتج النفط المستهلك محلياً. وهي لم تقع فعلياً تحت سيطرة المسلحين، بسبب استمرار القتال حولها.

لا بل إن انتاج هذه المصفاة البالغ، وفق وكالة رويترز، 300 ألف برميل يومياً، لن يؤثر على امدادات النفط العالمية. لأن غياب المصفاة، بديهياً، لا يعني أن المواطنين سيستخدمون النفط الخام المعد للتصدير من دون تصفيته وتحويله الى محروقات قابلة للاستخدام.

وبرغم كل ذلك، تؤكد منظمة أوبك أن لديها القدرة الكاملة على تغطية أي نقص في الامدادات النفطية العالمية، في حال تطورت الاضطرابات في العراق.

 إنهم المضاربون

 يقول الخبير الاقتصادي والنفطي العراقي ماجد الصوري في اتصال مع "العربي الجديد"، إن الأحداث التي يمر بها العراق، في صورة عامة، خطيرة وتنعكس على المجتمع العراقي والدولي.

ولكن في ما يتعلق بالنفط، فالعراق كان يصدّر حتى نهاية الشهر الرابع من السنة الحالية 2 مليون و400 ألف برميل يومياً، وينتج حوالي 3 ملايين برميل من المنطقة الجنوبية ما عدا انتاج اقليم كردستان. ويشدد الصوري على أن هناك احتمالات كبيرة وتأكيدات أن انتاج المنطقة الجنوبية سيرتفع إلى 4 ملايين برميل يومياً، ليصدَّر منها 3 ملايين و400 ألف برميل في نهاية هذا العام 2014.

يشرح الخبير النفطي، أن صادرات العراق لم تشهد أي تراجع منذ بدء الأحداث الأخيرة، وعلى السوق العالمية أن تكون مطمئنة. إلا أن دور العامل النفسي واستغلال المضاربين في أسواق الأسهم، أديا الى ارتفاع أسعار النفط عالمياً. 

أرباح وخسائر خيالية

يقول الصوري إن الاحداث الدائرة في المناطق الشمالية من العراق قد تؤثر على نفسية العاملين في الشركات الاجنبية وانسحابها خارج البلاد، ولكن ما دامت المنطقة الجنوبية مستقرة أمنياً فلا يوجد خطر.

يلفت الصوري إلى أن امدادات العراق للأسواق العالمية أساسية وذات اهمية قصوى. أهمية ستجعل العالم يتدخل لمنع امتداد الاضطرابات الى حقول النفط الجنوبية.

ويعود ليؤكد أن عامل المضاربة في السوق العالمية هو الأساس في ارتفاع الاسعار. كما ان السعودية أكدت انها ستقوم بتغطية أي نقص في تلبية حاجات السوق العالمية. لذلك ما يحدث هو تحقيق ارباح كبيرة جداً، بحيث إن السوق العالمية للأسهم تتداول بـ 80 مليون برميل يومياً وبحد أقصى 83 مليون برميل.

وفي عملية حسابية بسيطة، فإن ارتفاع سعر البرميل 7 دولارات، يعني أن أرباح شركات المضاربة والمضاربين ارتفعت 581 مليون دولار أميركي منذ بدء الأزمة العراقية، أي خلال أقل من أسبوعين، إذ كلما زاد سعر النفط دولاراً واحداً، ارتفعت ارباح المضاربين 83 مليون دولار.

وفي عملية حسابية أخرى، تشير تقارير دولية إلى أن سكان العالم يستهلكون حوالي 85 مليون برميل من النفط يومياً.

وبدأ سعر برميل النفط يشهد ارتفاعاً تدريجياً في يوم 10 حزيران/يونيو الماضي، حيث ارتفع 1.64 دولار نسبة الى السعر المحقق في مطلع الشهر (108 دولارات لبرميل النفط). وتتالى الارتفاع اليومي من حوالي 2 دولار وصولاً الى 7 دولارات للبرميل في 19 من الشهر الحالي.

وبذلك، بعد احتساب الارتفاع اليومي لسعر النفط، دفع سكان الارض 3 مليارات و612 مليوناً و500 ألف دولار زيادةً إضافية على أسعار النفط خلال أقل من أسبوعين.

 

العرض لا يتناسب مع الطلب

من جهة أخرى، يقول الخبير الاقتصادي والنفطي العراقي باسم جميل أنطوان، في اتصال مع "العربي الجديد" إن المضاربين في أسواق النفط يستغلون وضع العراق لتحقيق ارباح خيالية.
ويشرح ذلك بأن النفط في اقليم كردستان الذي تدور حوله المخاطر حالياً، لا يشكل سوى أقل من 15 في المئة من الانتاج النفطي العراقي الاجمالي، فيما النمو الاقتصادي العالمي لم يشهد ارتفاعات كبيرة، ولا يوجد مؤشرات انتعاش ملحوظة، ما يعني أن العرض النفطي في الاسواق العالمية لا يتناسب مع الطلب المستقر.

ويوضح انطوان أن من يسيطر على عمليات المضاربات هم شركات كبيرة عابرة للقارات، وأصحاب المليارات الذين يملكون سيولة كبيرة تجعلهم قادرين على التحكم بالعقود الطويلة والقريبة المدى، وبالتالي التحكم بأسعار النفط خفضاً أو رفعاً. ويلفت الى أن الولايات المتحدة الأميركية هي دينامو المضاربات العالمية النفطية، في حين تتوزع الشركات الكبرى على أوروبا والصين واليابان وغيرها من الدول.

المساهمون