أزمة الدولار في مصر تضغط على الفاتورة الرمضانية

13 يونيو 2016
فوانيس رمضان ... صناعة محلية (Getty)
+ الخط -
تعاني الأسواق المصرية حالة من الركود في شهر رمضان، والذي يعتبره المصريون موسماً للتسوق والتهافت على السلع. وقد انعكس ذلك بصورة أساسية على إقبال المستوردين المصريين لاستيراد سلع رمضان هذا العام.
رغم سيطرة وسطوة الفوانيس الصينية والبرازيلية في مصر على مدار الأعوام العشرة الماضية والتي وصل حجم استيرادها العام الماضي إلى ما يقرب من 10 ملايين دولار، إلا أن هذه القيمة انخفضت هذا العام لتصل إلى 3 ملايين دولار فقط هذا العام.
يقول الخبير الاقتصادي علاء لاشين: "إن المستوردين أحجموا هذا العام عن استيراد سلع رمضان من الخارج، لعدة أسباب، أهمها أزمة الدولار الطاحنة التي عانى منها المستوردون على مدار عامي 2015 و2016، وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار، بالإضافة إلى غياب الرقابة على الأسواق، مع إغلاق الشركات، ناهيك عن الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي تعاني منها الأسرة المصرية". يدلل لاشين على حديثه بالتأكيد على أن حجم استيراد فوانيس رمضان التي تعد من أكثر السلع تداولاً في شهر رمضان انخفض من 10 ملايين دولار عام 2015 إلى نحو 3 ملايين دولار العام الحالي، وهو الأمر الذي فتح المجال أمام الورش المصرية التقليدية للعودة مرة أخرى إلى الأسواق، وعرض منتجاتها التي كان ينصرف عنها المصريون، مثل الفانوس الخشبي والقماشي وأبو شمعة، وغيرها من الأشكال التقليدية التي ينخفض ثمنها ويناسب طبيعة الظروف التي يمر بها الشعب المصري.

للياميش قصة أخرى
"إن مخزون العام الماضي من الياميش (المكسرات والحلويات من الفواكه المجففة) معرّض للتلف بسبب ارتفاع الأسعار". بهذه الكلمات لخّص علي عبد الرحيم، أحد مستوردي الياميش، وضع السوق، مؤكداً أن الدولة حاصرت استيراد الياميش من الخارج بكل الطرق، سواء كان ذلك بارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه، أو بفرض جمارك إضافية على الياميش باعتباره من السلع الترفيهية، وهو ما أدى إلى عزوف شبه تام من غالبية المستوردين، الذين اعتمدوا على طرح مخزون العام الماضي في الأسواق. يشير عبدالرحيم إلى أنه بالرغم من ذلك، فإن الأسرة التي كانت تشتري ما لا يقل عن خمسة إلى عشرة كيلوغرامات من الياميش، أصبحت تشتري اليوم فقط كيلوغراما واحدا، وفي بعض الأحيان أقل من ذلك، بسبب ارتفاع الأسعار، وتدهور الأوضاع الاقتصادية.

أصدرت الغرفة التجارية بياناً، يتناول حديث رئيس شعبة العطارين رجب العطار، قال فيه: "يقدّر حجم استيراد مصر من الياميش العام الحالي بنحو 40 مليون جنيه، مقابل 100 مليون جنيه العام الماضي"، لافتاً إلى إحجام السواد الأعظم من الشركات عن استيراد الياميش والمكسرات هذا الموسم، رغم انخفاض أسعارها عالميا لزيادة حجم المحصول عن معدلاته الطبيعية، بسبب انخفاض الواردات إلى ارتفاع سعر صرف الدولار بنحو 30% وعدم توافره لمستوردي الياميش باعتباره من السلع غير الضرورية، بجانب زيادة التعرفة الجمركية لتراوح بين 20 و40% مقابل 10% عام 2012.
وبالرغم من قدرة المصريين على العزوف عن الفوانيس والياميش، يبقى الفول أحد الوجبات الأساسية وأرخصها، رغم الارتفاع الجنوني الذي شهده خلال الفترة الماضية، وهو ما دفع التجار إلى استيراد كميات كبيرة من الخارج تتساوى مع تلك التي تم استيرادها العام الماضي. فهم على يقين بأن هناك اقبالاً عليه، وفق ما يؤكده محمود الباشا، عضو شعبة استيراد المواد الغذائية، ويقول: "تعتمد مصر على استيراد الفول بنسبة 95%، بسبب نقص الأراضي المزروعة داخلياً، بالإضافة لسوء حالة الطقس".
وعن ارتفاع سعر الدولار وتأثيره على استيراد الفول، يقول الباشا: "هناك سلع أساسية لا يستطيع المصري العزوف عنها، مثل الفول والعدس والأرز، لانخفاض أسعارها مقارنة باللحوم وغيرها، ومن ثم فإنه بالرغم من ارتفاع أسعار الفول نسبياً، إلا أنه يبقى السلعة الأساسية التي لا تتعرض لأزمات كبيرة كباقي المنتجات".
ويلفت الباشا إلى أن الغالبية العظمى من السلع التي يتم استيرادها من الخارج شهدت هبوطاً غير مسبوق بسبب ارتفاع سعر الدولار، وعزوف المصريين عن الشراء وتقليل الاستهلاك، مدللا على ذلك بانخفاض استهلاك المصريين من الدواجن العام الماضي لما يقرب من 50%، ومن اللحوم ما يقرب من 30%، بالإضافة إلى العزوف عن الياميش وغيره من المنتجات الرمضانية بسبب ارتفاع الأسعار. 

السوق السوداء
يأتي الأرز الذي تعتمد عليه الأسر المصرية في المرتبة الثانية من السلع التي عزف التجار عن استيرادها، فأدى ذلك إلى قلة المعروض والارتفاع الجنوني في الأسعار، حيث وصل سعره لما يقرب من 10 جنيهات في أقل من شهر. يقول محسن سميع صاحب مخزن أرز :" إن الأزمة في مصر، هي صناعة حكومية تماماً، ولاسيما أن الحكومة أخذت قرار خفض المساحات المزروعة بسبب أزمة المياه، وهي أيضاً من تركت المجال للسوق السوداء لتهريب الأرز"، مشيراً إلى أن الغالبية العظمى من مستوردي الأرز يهربون الأرز للخارج، نظراً لجودته وتهافت العديد من الدول عليه، ثم يقومون الآن باستيراده من الهند والصين بأسعار زهيدة مع استغلال تزايد الطلب على هذا المحصول خلال شهر رمضان.


المساهمون