هل فعلاً توجد أزمة أدوية في مصر؟
تشير تقديرات الصيادلة والمعنيين إلى أن السوق المصرية تشهد نقصاً في أربعة آلاف صنف دواء. وقال مصدر مسؤول بغرفة صناعة الأدوية في اتحاد الصناعات المصرية، لـ"العربي الجديد"، إن "غرفة الأدوية اتفقت مع وزارة الصحة على زيادات جديدة لأسعار الأدوية بعد تعويم العملة المحلية وارتفاع سعر الدولار من 8.88 جنيهات إلى أكثر من 15 جنيهاً رسمياً".
وتوقع ألا تقل زيادة سعر الأدوية الجديدة عن 30% حتى تتمكن مصانع الأدوية من معاودة الإنتاج مرة أخرى، مشدّداً على أن مصانع الأدوية العالمية هددت بالتوقف التام عن الإنتاج بعد المدة التي قطعتها على نفسها وزارة الصحة.
من جهتها، قالت وكيل نقابة الأطباء في مصر، منى مينا، إن ثمة أوامر صدرت للمستشفيات الحكومية باستخدام إبر الحقن (السرنجات) أكثر من مرة بسبب نقصها في الأسواق، ما يهدد بانتقال الأمراض والعدوى في دولة يسكنها 90 مليون نسمة.
أهم الأدوية الناقصة من السوق؟
أدوية للأمراض المزمنة مثل الضغط والسكر والكبد والمحاليل الطبية وأدوية الأورام والصرع والقلب وأنواع الأنسولين ومشتقات الدم، وبعض أنواع الخيوط الجراحية، والإبر الدقيقة وأدوية التخدير.
ما هي حدود الأزمة؟
بحسب مسؤولين في وزارة الصحة توقفت شركات الأدوية عن توريد احتياجات المستشفيات الجامعية مثل: المعهد القومي للأورام، ومستشفى الحسين الجامعي، ومستشفى القصر العيني، ومستشفى المنيل الجامعي، ومستشفى معهد ناصر، ومستشفى الهلال، ومستشفى الأطفال الجامعي (أبو الريش).
هذا النوع من المستشفيات يعالج 30% من الحالات المرضية البسيطة في مصر، و70% من الحالات المعقدة كالأورام وعمليات القلب والمخ، ويتم بها نحو 55% من العمليات الكبرى في مصر.
ما سبب تفاقم الأزمة؟
يعمل في مصر نحو 154 مصنع أدوية، توفر 92% من احتياجات المواطن المصري. المشكلة أن هذه المصانع تعتمد على استيراد 90% من المادة الخام المستخدمة في صناعة الدواء. وبعد تحرير سعر صرف الجنيه، زاد سعر الدولار في السوق الرسمية بنحو الضعف، ما يعني أن فاتورة استيراد المواد الخام زادت على الشركات بنحو الضعف. هذا التغير يُجبر مصانع الأدوية على رفع الأسعار للجمهور، غير أن الدواء في مصر يخضع لتسعيرة جبرية تفرضها الحكومة على المصانع وكذلك على مستوردي الدواء.
وترى المصانع أن هذه التسعيرة الجبرية ستكبدها خسائر مالية طائلة، فلم يعد أمامها إلا خياران، إما أن تتوقف عن الإنتاج لتفادي هذه الخسائر، أو أن تُنتج الدواء وتتحمل هي الخسائر، فكان الخيار الأول هو الأنسب، ما فاقم أزمة نقص الدواء في مصر.
كيف تتطور الأزمة؟
مع تفاقم أزمة نقص الدواء، لا يقف الحد عن تعرض أعداد من المواطنين لخطر مضاعفات الأمراض أو تدهور الحالة الصحية أو حتى الموت، بل يبدو المناخ أكثر استعداداً لخلق سوق سوداء للأدوية المهمة، وبالتالي ارتفاع أسعارها لمستويات قد لا تُصدّق.
وجه آخر تحمله الأزمة، وهو ظهور الأدوية غير الصالحة للاستخدام في الأسواق.
وفي هذا السياق، تعقد النقابة العامة للصيادلة في مصر جمعية عمومية يوم 25 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري بالقاهرة، لمناقشة أزمة الأدوية منتهية الصلاحية، بعدما زادت حدتها خلال الأيام الماضية، في ظل استغلال البعض ارتفاع أسعار الأدوية واختفاء عدد منها، خصوصاً بعد تعويم الجنيه وارتفاع أسعار الدولار.
وقال نقيب الصيادلة الدكتور محيي عبيد، إن الأدوية منتهية الصلاحية باتت تغزو عددا من المستشفيات الحكومية والخاصة والصيدليات، ما يشكّل خطراً داهماً وكبيراً على صحة المواطنين.
ما هي التوقعات؟
ستضطر الحكومة للسماح بزيادة أسعار الدواء بنسب تراوح بين 25 إلى 30% على الأقل للقضاء على الأزمة، وسيضطر المواطن لتحمل هذه الزيادة لأن البديل الوحيد أمامه هو الموت.