وانعكست تداعيات الأزمة المالية بشكل رئيس على القطاع الخاص، والموظفين العموميين، باقتطاع الحكومة الفلسطينية 50 بالمائة من رواتبهم الشهرين الماضيين.
وسيتواصل الاقتطاع بنسب متفاوتة خلال الفترة المقبلة، في حال استمرار الأزمة وعدم التوصل إلى حلول، الأمر الذي ينعكس سلبا على الحركة التجارية المحلية والنشاط الاقتصادي عموما.
وفي 17 فبراير/ شباط الماضي، قررت إسرائيل اقتطاع 11.3 مليون دولار من عائدات الضرائب (المقاصة)، كإجراء عقابي على تخصيص السلطة الفلسطينية مستحقات للمعتقلين وعائلات الشهداء.
وردا على القرار الإسرائيلي، أعلنت الحكومة الفلسطينية رفضها استلام أموال المقاصة من إسرائيل مقتطَعاً منها أية مبالغ غير متفق عليها مسبقا.
ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في تصريحات سابقة، إلى تفعيل قرارات القمم العربية السابقة الخاصة بتوفير شبكة الأمان المالي بقيمة 100 مليون دولار شهريا، والوفاء بالالتزامات المالية العربية لدعم موازنة دولة فلسطين.
انكماش الاقتصاد
وقال المختص بالاقتصاد، الفلسطيني محمد أبو جياب، في مقابلة مع وكالة "الأناضول"، إن "الأزمة المالية التي تعصف بالسلطة بسبب اقتطاع أموال المقاصة تعمق من الأزمات التي يواجهها الاقتصاد المحلي".
وأضاف أبو جياب أن "هذه الأزمة الخانقة ستزيد الصورة الاقتصادية الفلسطينية تشاؤما وسلبية.. سيرتفع الدين العام وسينكمش الاقتصاد خلال العام الحالي، وربما تعجز الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها على صعيد قطاع الخدمات العامة".
وتابع: "الحكومة الفلسطينية، بحسب ما أعلنه وزير المالية شكري بشارة، تعتزم اقتراض مبلغ 60 مليون دولار شهريا على مدار 6 أشهر قادمة من عدد البنوك المحلية، وهذا سيزيد من الدين العام وسيرهق الموازنة العامة"، متوقعا أن تتسبب الأزمة الحالية بتراجع في الإنتاج وبأزمة عميقة للقطاع الخاص الفلسطيني.
وأضاف أن "القطاع الخاص سيعاني من ارتفاع الديون الحكومية المستحقة له وانخفاض نسبة سداد الديون السابقة، إضافة إلى الضعف الذي ستشهده الحركة التجارية من جراء الاقتطاع من رواتب الموظفين".
تعميق أزمات غزة
ورأى أبو جياب، أن الأزمة ستنعكس بشكل أعمق على قطاع غزة الذي يعاني أصلا من ضغوطات اقتصادية خانقة منذ سنوات، بسبب الحصار الإسرائيلي.
وقال إن "اقتطاع 50 بالمائة من رواتب موظفي السلطة والمتقاعدين في غزة، بالتزامن مع الأزمة الحالية، يعني مزيدا من ركود حركة الأسواق، ومزيدا من خفض الإنتاج بالمصانع، وتسريح أعداد جديدة من العمال".
فيما قال الصحافي المختص بالشأن الاقتصادي، حامد جاد، إن "الأزمة المالية التي تواجهها السلطة الفلسطينية حاليا، ستنعكس سلبا على مجمل النشاط الاقتصادي الفلسطيني وخاصة الحركة التجارية".
وأضاف جاد أن "اقتطاع 50 بالمائة من رواتب موظفي الحكومة البالغ عددهم 138 ألف موظف، سيكون له تأثير كبير جدا على الحركة التجارية بالسوق المحلية، وسيترتب عليه خفض المواطنين لمشترياتهم"، مضيفا أن تراجع القوة الشرائية، يعني هبوطا في الإيرادات الضريبية، خاصة ضريبة القيمة المضافة المجباة محليا، أو عبر المقاصة.
وفي فبراير/ شباط الماضي، أعلن وزير المالية الفلسطيني، شكري بشارة، أن الحكومة، ستتخذ إجراءات مالية تقشفية"، للتعامل مع "أزمة المقاصة".
وقال بشارة، إن "الحكومة ستتجه إلى الاقتراض من البنوك العاملة في السوق المحلية (14 بنكا)، لكنه سيكون اقتراض حكيم، بما لا يؤثر على الحكومة أو على البنوك".
(الأناضول)