أزمات اليمن الاقتصادية تهدد الحكومة بسحب الثقة

03 يونيو 2014
ملايين اليمنيين يعيشون تحت خط الفقر (أرشيف/الأناضول/Getty)
+ الخط -

تواجه الحكومة اليمنية موقفاً صعباً بعد أن وجه البرلمان اليمني مذكرة موقعة من رؤساء الكتل البرلمانية إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي، طالبوا فيها بتغيير الحكومة لفشلها في حل الأزمات المعيشية والاقتصادية التي يعاني منها المواطن.

ويعيش اليمن أزمات اقتصادية ومعيشية يتسع نطاقها يوماً بعد آخر، خاصة فيما يتعلق بملف الطاقة، حيث تتواصل أزمة نقص الوقود منذ نحو شهر ونصف الشهر من دون حل، فضلاً عن استمرار تفجير أنابيب النفط وأبراج الكهرباء من مسلحين، الأمر الذي يجعل اليمنيين يعيشون في الظلام ساعات طويلة، ويكبد اليمن خسائر تقدر بمليارات الدولارات.

وقال رئيس كتلة حزب الإصلاح في البرلمان اليمني، زيد الشامي، لـ"العربي الجديد": إن طلبهم لم يكن خارج إطار مخرجات الحوار الوطني الشامل الذي انتهت أعماله في سبتمبر/أيلول الماضي والذي طالب الرئيس هادي، بإجراء تغيير في الحكومة يضمن النزاهة والكفاءة والشراكة لحل الأزمات التي يعيشها المواطن بشكل أكثر جدية.

وأضاف الشامي، "هناك خلل في تشكيلة الحكومة الحالية. هدفنا علاج هذا الخلل وتوسيع آفاق الشراكة بين الأطياف السياسية والعمل على حل المشاكل".

وشكلت حكومة محمد سالم باسندوة، في 7 ديسمبر/كانون الأول 2011، وفق مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي لنقل السلطة، والتي كان من بين أهم بنودها تشكيل حكومة بالمناصفة بين حزب المؤتمر (الحاكم سابقاً) وبين أحزاب المعارضة المشاركة في الثورة.

متطلبات اليمنيين

ووجّه البرلمان اليمني، منتصف مايو/أيار الماضي، مذكرة استدعاء للحكومة لحضور جلساته للرد على استفسارات بشأن عجزها عن القيام بواجباتها الدستورية المتعلقة بتوفير الحد الأدنى من متطلبات اليمنيين اليومية، وعدم قدرتها على معالجة مشاكل نقص المشتقات النفطية وانقطاعات التيار الكهربائي وارتفاع الأسعار.

وقال الخبير اليمني، ياسين التميمي، في تصريح لـ"العربي الجديد": إن مذكرة الكتل البرلمانية قد شكلت إجماعاً برلمانيا موازياً لإجماع سياسي لم يتحقق على مستوى الأحزاب خلال الفترة الماضية.

وأشار إلى أن التوجه نحو تشكيل حكومة جديدة او إجراء تغيير جوهري فيها، يتأسس هذه المرة على مبررات قوية تتمثل في تفاقم أزمة الخدمات والمشتقات النفطية التي أحدثت إرباكاً شديداً في المشهد المجتمعي والسياسي على حد سواء.

 

ومثل الحكومة اليمنية في جلسات الاستجواب أمام البرلمان، رئيس الحكومة وعدد من الوزراء للرد على الاستفسارات المتعلقة بالأزمات المعيشية.

واستمرت جلسات استجواب الحكومة من البرلمان ثلاثة أسابيع قبل أن يعقد الرئيس اليمني اجتماعاً برؤساء الكتل البرلمانية، الأسبوع الماضي لإشعارهم بأن أي قرار سيتخذ بشأن سحب الثقة عن الحكومة " لن يكون إلا بعد توافق شامل".

ورفض تكتل أحزاب اللقاء المشترك (يمثل النصف المشارك في التسوية السياسية)، التوقيع على عريضة سحب الثقة من الحكومة، التي وافق عليها أكثر من 100 عضو من المستقلين وحزب المؤتمر الشعبي، الذي يرأسه الرئيس السابق، على عبد الله صالح.

شبح رفع الدعم

ويتخوف الشارع اليمني من أية خطوات من شأنها رفع الدعم عن الوقود، والذي سينعكس بدوره على السلع اليومية وارتفاع أسعارها.

وحسب خبراء يمنيين، فإن مسألة رفع الدعم عن المشتقات أصبحت ضرورة ملحة لمواجهة العجز الذي تعانيه الموازنة العامة للبلاد والمشاكل الاقتصادية الاخرى.

ويرى الخبير التميمي، أن هناك التقاء للمصالح بين معطلي التسوية السياسية والرئاسة، تتمثل في التضييق على المواطنين من زاوية المشتقات النفطية، بحثاً عن مبرر لرفع الدعم عن المشتقات، موضحاً أن الأمر أصبح ملحاً في ضوء العجز الهائل الذي تعانيه البلاد في ظل تراجع إيرادات الإيرادات.

ويتعرض اليمن الى ضغوط دولية من المانحين الدوليين، وعلى رأسهم صندوق النقد الدولي لرفع الدعم عن المشتقات النفطية باعتباره "بوابة للفساد المالي".

ونفت الحكومة اليمنية، الأسبوع الماضي، اعتزامها رفع أسعار الوقود، بعد ساعات من إعلان شركة النفط اليمنية الحكومية السماح لملاك المصانع باستيراد احتياجاتها من المشتقات أو البيع لها مباشرة بالسعر المحرر، في إطار خطوة لترشيد الدعم الموجه الى القطاع الصناعي.

وشدد أصدقاء اليمن، في بيان مؤتمرهم الختامي، الذي انعقد أواخر أبريل/نيسان الماضي، في العاصمة البريطانية لندن، على ضرورة أن تضع الحكومة اليمنية جدولاً زمنياً للإصلاح الاقتصادي لتشجيع المانحين على زيادة وتيرة صرف التعهدات المالية.

عجز في الموازنة

وإلى جانب الأزمات المعيشية التي يعانيها اليمن، وجدت الحكومة نفسها أمام عجز كبير في الموازنة العامة للبلاد للعام الجاري، كما يعاني اليمن ارتفاع الدين العام، وتراجع احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي وانخفاض الإيرادات العامة للدولة.

ويقول خبراء اقتصاد لـ"العربي الجديد": إن 90% من الأزمات التي تتعرض لها الحكومة اليمنية ناتجة عن انخفاض الإنتاج النفطي للبلاد، والذي يعتمد عليه اليمن بشكل أساسي في موازنته السنوية بنسبة تصل إلى 70%.

وتتعرض أنابيب النفط الى تفجيرات مستمرة من مسلحين، وهو ما يكبد اليمن مليارات الدولارات ويضعف كمية الإنتاج النفطي للبلاد.

وتصاعدت عمليات تخريب النفط اليمني عقب نجاح الثورة في إطاحة الرئيس السابق علي عبد الله صالح.

وبلغت الخسائر في السنوات الثلاث الماضية 4.750 مليار دولار، حسب الإحصاءات الرسمية. وتبلغ نسبة الحكومة اليمنية من صادرات النفط الخام نحو 70% من موارد الموازنة العامة للدولة و63% من إجمالي صادرات البلاد و30% من الناتج المحلي الإجمالي.

 أزمات إنسانية

ويواجه اليمن أزمات إنسانية على نطاق واسع، خلال العام الجاري 2014، تتمثل في حاجة 14.7 مليون شخص (أكثر من نصف سكان اليمن) إلى مساعدات إنسانية، كما يعاني 10.5 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي، منهم 4.5 مليون شخص يعانون من الانعدام الشديد للأمن الغذائي.

ويعيش ثلث سكان اليمن البالغ عددهم 25 مليون نسمة على أقل من دولارين في اليوم، وتقدر البطالة بحوالي 35%، في حين تصل هذه النسبة بين الشباب إلى 60%.

وتتعثر مشاريع إنسانية يستفيد منها ملايين اليمنيين، بسبب بطء تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام والبالغ تكلفتها 592 مليون دولار.

وإضافة إلى نصف مليون نازح من شمال اليمن وجنوبه، يواجه البلاد أزمة 45 ألف نازح جديد، جراء الحرب الدائرة في محافظتي"شبوة وأبين" جنوب اليمن، بين الجيش اليمني وتنظيم "القاعدة".

ويحتاج اليمن إلى 11.9 مليار دولار لمعالجة المشاكل التي تعصف به، حسب تقارير حكومية.

المساهمون