واعترضت هيئة المتابعة لكتلة "الانتقال الديمقراطي" المكلفة بالإشراف على الترتيبات الفنية والسياسية لمؤتمر المعارضة "مزفران 2"، على توجيه الدعوة إلى حركات سياسية جزائرية معارضة تنشط في الخارج للمشاركة في المؤتمر، أبرزها حركة "رشاد" التي تضم ناشطين وضباطاً سابقين في الجيش والاستخبارات يقيمون في الخارج، وقيادات سابقة في "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة في الداخل، وحركة الحكم الذاتي في منطقة القبائل" المعروفة اختصاراً بـ"الماك"، ذات غالبية السكان الأمازيغ، وهي حركة لا تلقى أي إجماع في هذه المنطقة، وتدير ما توصف بحكومة صورية من باريس.
وقال عضو هيئة المتابعة والإشراف لتكتل المعارضة سمير بلعربي، إن "هيئة التشاور والمتابعة للمعارضة الجزائرية لم توجّه دعوة لحركة الماك، وما يتم الترويج له من قِبل قنوات إعلامية إنما هو مغالطات وتشويش حول ندوة مزفران 2"، لافتاً إلى أن "حركة رشاد هي من طلبت المشاركة في الندوة ولم يتم توجيه الدعوة لها". وأضاف: "قبل أن يُتخذ قرار رفض مشاركتها، أعلنت الحركة أنها حصلت على دعوة للحضور، وهذا ما جعل الهيئة ترفض حضورها أصلاً تجنباً للمشاكل مع هذه الحركة"، لافتاً إلى أن "الهيئة تعمل على جمع كل القوى التي تؤمن بالانتقال الديمقراطي السلمي في البلاد".
اقرأ أيضاً: عودة شكيب خليل إلى الجزائر: بوتفليقة يسترجع حلفاءه؟
ويأتي اعتراض كتلة المعارضة في الداخل على حضور ومشاركة معارضة الخارج، لتجنّب أي تأويلات سياسية تتعلق بوجود ارتباطات خارجية لمعارضة الداخل، والأخيرة حريصة بشكل كبير على تجنب ذلك، خصوصاً أن الآلة الدعائية للسلطة وأحزاب الموالاة التي تدور في فلكها، باتت تركز في هجومها الإعلامي والسياسي في الفترة الأخيرة على ما تقول إنها ارتباطات خارجية لقوى المعارضة وسعيها لإحداث ربيع عربي في الجزائر. كما أن قوى المعارضة في الداخل، والتي توفّرت لها العوامل الدنيا من مساحة النضال والمقاومة السياسية للنظام في الجزائر، بخلاف ظروفها في التسعينيات التي دفعتها إلى عقد مؤتمر سانت ايجيديو في روما في ديسمبر/كانون الأول 1994 ويناير/كانون الثاني 1995، تطرح تصورات متباينة مع تلك التي تطرحها معارضة الخارج. ففيما تطرح معارضة الخارج بدائل التغيير عبر القطيعة مع النظام، ترى معارضة الداخل إمكانية التغيير السلمي والتعاون مع السلطة أو أطراف منها لإحداث انتقال ديمقراطي سلس وسلمي ووفق الأطر المحافظة على الدولة ومؤسساتها، وتسعى إلى توفير أدوات وأرضية هذا التغيير عبر نقاشات ومؤتمرات سياسية، كمؤتمر "مزفران 1" الذي عُقد في يونيو/حزيران 2014، والمؤتمر المقرر غداً الأربعاء، والذي سيناقش وثيقة الإعلان السياسي والالتزامات التي أعدّها خبراء وممثلون عن القوى السياسية والمدنية المشاركة في كتلة المعارضة. هذه الوثيقة ستُعرض للنقاش في المؤتمر أمام أطياف الطبقة السياسية والاجتماعية والنقابية والإعلامية والشبابية وممثلي المجتمع المدني المشاركين في مؤتمر "مزفران 2"، الذي يأتي بعد المؤتمر الأول الذي انبثقت منه وثيقة مزفران، التي نصت على المطالبة بمرحلة انتقال ديمقراطي في البلاد والفصل بين السلطات وتحرير القضاء وإنشاء هيئة مستقلة تشرف على تنظيم الانتخابات الرئاسية ومطالب سياسية أخرى. واعترضت السلطة على هذه المطالبات، ودفعت بأحزاب الموالاة إلى مهاجمة أحزاب المعارضة، وتجاوز الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة مطالب المعارضة عبر إقراره تعديلات دستورية أقرها البرلمان الجزائري في السابع من فبراير/شباط الماضي.
وفيما تحشد المعارضة لإنجاح مؤتمرها الثاني غداً، والذي ستحضره أحزاب سياسية متعددة في توجّهاتها الأيديولوجية، من إسلاميين ومحافظين وتقدّميين ويساريين، وفعاليات مدنية ونقابية، انطلقت حملة من الوسائل الإعلامية الموالية للسلطة ضد المعارضة، وصلت إلى حد تخوين شخصيات المعارضة السياسية والتشكيك في مساعيها. كما أعلن الأمين العام لحزب "جبهة التحرير الوطني" عمار سعداني، إقامة تجمّع شعبي في العاصمة الجزائرية في اليوم نفسه الذي سيُعقد فيه مؤتمر المعارضة، في تحدٍ قال عنه سعداني إنه للتدليل على قوة أحزاب السلطة. ويقول مراقبون إن هذه الحملة من السلطة تعكس حالة من الارتباك السياسي لدى السلطة المحاطة بأزمات متعددة وصراع حاد داخلها، في ظل جملة من إخفاقات السلطة ومكوّناتها، وتخوّفات جدية من البناء السياسي الذي تنجزه المعارضة على الصعيد السياسي والشعبي.
اقرأ أيضاً: رجال بوتفليقة والاستخبارات... اتهامات جديدة وتصفية حسابات مستمرة