أريد أن أحارب الذين أخرجونا من منزلنا

20 يونيو 2016
يحلمون بالعودة إلى بيوتهم (العربي الجديد)
+ الخط -
"حين أكبر، أريد أن أكون مهندساً لأرمّم المنازل وأعيد بناء ما دمّرته الحرب". هذا ما يحلم به إيهاب لطف الجرباني (13 عاماً)، الذي نزح مع والده وأشقائه إلى أحد المخيّمات في محافظة مأرب (شرق).

وكان إيهاب قد ترك وعائلته منطقة حُفاش في محافظة المحويت (غرب)، بعدما حاول المسلحون اعتقال والده مراراً. أخيراً، استقرّوا في أحد المخيمات. في المكان الجديد، تابع وباقي أشقائه دراستهم في إحدى مدارس مأرب بعدما أعلنت وزارة التربية أنها سوف تمنح التلاميذ شهادات من مكاتب التربية والتعليم في المحافظات والمناطق التي نزحوا إليها، بهدف تشجيعهم على مواصلة تعليمهم في المدارس المحيطة بالمخيّم. يقول إيهاب لـ"العربي الجديد"، إنّه حريص على إتمام دراسته ليصير مهندساً مدنياً، "فالمنازل التي دمّرتها الحرب كثيرة وتحتاج إلى إصلاح وإعادة إعمار". ويشير إلى أنّ ذلك يفرض عليه الاجتهاد، وإن كانت الظروف صعبة وغير مناسبة. يضيف: "أعيش في خيمة مع أفراد أسرتي السبعة. أجد صعوبة في الدراسة. لكنّ هذا لن يمنعني من المتابعة، خصوصاً أنّني أحب أن أتعلّم وأصير مهندساً".

ويشير إيهاب إلى أنّ الحرب دمّرت حياته وحياة كثيرين. لا يستطيع أن يعيش بسلام على غرار أطفال آخرين. يضيف: "كان المسلحون يحاولون اقتحام منزلنا لاعتقال والدي. لذلك غادرنا المنزل". يشتاق إلى أولاد عمّه وأصدقائه، ولا يدري ما إذا كان سوف يلتقي بهم من جديد أم لا. ربّما باتت أقصى أمنيات بعض الأطفال العودة إلى الديار والعيش بسلام وأمان.

يصف البعض العيش في المخيّمات بـ"الأمر القاسي". يشتاقون إلى بيوت دافئة يعوّضون فيها كلّ ما حرموا منه من احتياجات معيشية أساسية. تنحصر تلك الأمنيات بخدمات توفير المياه والغذاء وارتداء ملابس نظيفة وغيرها.

خليل عبد الوهاب (12 عاماً)، يرى أنّ "هذا العالم لن يستقر، ولن يعود النازحون إلى منازلهم إلا بعد القضاء على اللصوص والجماعات المسلّحة". لهذا، يفضّل أن يكون جندياً مدافعاً عن مدينته التي تركها وعائلته مجبراً بسبب الحرب. خليل هو واحد من بين مئات الأطفال الذين اضطروا إلى مغادرة مدينة تعز. لذلك، يحلم أن يصير جندياً للحدّ من جرائم الجماعات المسلحة. لن ينسى كيف ترك وأفراد أسرته كلّ ما يملكون في بيتهم المبني من الصفيح القديم، للنجاة من القصف. يقول خليل لـ"العربي الجديد": "أريد أن أحارب الذين أخرجونا من تعز"، مشيراً إلى عدم وجود مدارس في المكان الجديد الذي نزح إليه.


في هذا السياق، تشير الباحثة الاجتماعية هند ناصر، إلى أنّ "صور الحرب تسيطر على مخيلات الأطفال النازحين بغالبيتهم. تراهم يلعبون ألعاباً حربية، أو يبتكرون أخرى يستخدمون فيها الأسلحة". وتوضح أنّ "الصدمات التي تعرّضوا لها تبقى دائماً مرتبطة بالوضع العسكري عموماً"، مضيفة أنّ "عشرات الآلاف يعانون من اضطرابات نفسيّة، كصعوبات في التأقلم والتحصيل العلمي".

أم بثينة، نازحة، تحكي عن معاناة ابنتها التي تبلغ من العمر ثماني سنوات، نتيجة سماع دوي الانفجارات القوية. تقول لـ"العربي الجديد" إنّها عانت فترة طويلة بسبب اضطرابات النوم والخوف من البقاء لوحدها، مضيفة أنّها "كانت تصرخ وتبكي كلّما سمعت أصوات الانفجارات. فقرّرنا الانتقال إلى الريف. وحتى اليوم، ترفض أن أتركها وحدها".

إلى ذلك، يؤكد الناطق الرسمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) في اليمن، محمد الأسعدي، أنّ "معاناة الأطفال النازحين مضاعفة، خصوصاً أنّهم تركوا منازلهم ومدارسهم والأماكن التي اعتادوا اللعب فيها، وانتقلوا إلى أماكن غريبة لا تتوفر فيها أي مقومات للعيش". ويوضح لـ "العربي الجديد" أنّ "الأطفال النازحين لا يعانون من الحرمان فقط، بل من مشاكل نفسية أيضاً قد ترافقهم طويلاً، خصوصاً إذا فقدوا أحد أقربائهم أو أصدقائهم". يلفت إلى أنّ "اليونيسف تعمل من أجل الأطفال عموماً، لكنّها تركّز على الأطفال الأكثر تضرراً، النازحين منهم خصوصاً".
المساهمون