أرواحهن راحت في سبيل الدقيق

21 نوفمبر 2017
+ الخط -

هناك في منطقة شبه منبوذة سياسياً من المغرب العميق جداً، أزهقت أراوح أمهات، لا في حادثة سير على متن شاحنة ذاهبة بهن لجني الرمان أو التفاح في الصباح الباكر، ولا في سبيل تحرير قريتهن من محتل غاشم، ولا حتى في انفجار لغم، يا ليته كان الأمر كذلك لكان علينا أهون أن نسمع هذا الخبر، "لقين حتفهن في تدافع".

ظننته في البداية حصل من أجل إلقاء السلام على السدة الميمونة، لكن لم يكن الأمر كذلك، فتذكرت عندها أن في بلادي من يملك المال هو من هذه السدة ولو لم تربطه بها أية علاقة.

فمن أجل ماذا؟ ظننته مجدداً تدافعاً ناتجاً عن هروب من فيضان! رغم أني تجاوزت المحدد المناخي القائل إن المنطقة لا تعرف فيضانات كثيرة خاصة أننا في الخريف، نعم خريف في بلدي!

حدث التدافع من أجل كيس دقيق، كيس دقيق في بلدي كان كفيلاً بأخذ أمهات لا إلى منازلهن وتحضير خبز من أجل ملء بطون أبنائهن الفارغة، بل أخذهن إلى ملء جوف التراب، أخذهن من هذا البلد الآمن المطمئن الرخاء السخاء، كما علمنا خطباء الجمعة في مساجدهم: لا أحد يموت في بلدنا جوعاً.

ولحدود البارحة كانت لا تزال هذه الفكرة الغبية مسيطرة على ذهني، لكن مع أول ساعات هذا الصباح الكئيب تغير ذهني وفكري، فها هن يمتن ليس فقراً بل هرباً من الفقر والجوع.

غريب.. يمتن جوعاً في بلد تأهل لكأس العالم! بأي وجه ستقابلون العالم؟ في بلد أرسل قمراً صناعياً قبل أيام للفضاء لأغراض ربما قد تكون طبية لعلاج الساكنين في الفصاء! في بلد يساعد أفريقيا ونسي أنه في أفريقيا!

يا وطني الغالي عندما تقتل أمي وأمه من أجل كيس دقيق فاعلم أنك لم تحبني كما أحببتك، عندما يكبر ذلك الطفل ويعلم أن أمه ماتت في سبيل كيس دقيق، هل سيحبك كما أحبتك؟ وكما كنت أحبك؟ لكن لا خوف عليكم مادام دائما هناك من يتكفل بمصاريف دفنكم.

D4274CDA-A579-4EB9-9767-C87E88BEC907
زكرياء الهكار

مولود سنة 1995 بالمغرب الأقصى، باحث.. لا عن الحقيقة ولا عن الذات بل عن الحرية فهناك مصيري.يقول: شاب عادي جدا بطموح غير عادي وبقلم مبتدئ وبتوجه يحوي اليساري واليميني.

مدونات أخرى