ردّدت شبيبة حزب "العدالة والتنمية"، خلال المؤتمر الذي عقده الحزب في أنقرة، لتنصيب وزير الخارجية الأسبق، أحمد داوود أوغلو زعيماً جديداً، خلفاً للرئيس المنتخب، رجب طيب أردوغان، هتاف "علم واحد، وأرض واحدة، وفقط أردوغان"، في إشارة واضحة إلى أن الأخير لا يزال القائد الفعلي، حتى على مستوى قواعد الحزب، ما يعيد طرح السؤال عن الدور الذي سيؤديه، داوود أوغلو، في الحكم كرئيس وزراء.
بحسب الكاتب في صحيفة "حرييت" التركية، سميح إيديز، لا أحد يستطيع أن يصف ما يجري من تبادل أدوار بأنه أمر غير ديمقراطي، لكن كيفية التعامل مع الأمر دستوريّاً هي محل الاهتمام، وخصوصاً أنه بموجب الدستور الحالي، رئيس الوزراء هو رئيس السلطة التنفيذية.
ورغم أن منصب الرئاسة ليس شرفياً بحتاً، لكنه بحسب صلاحياته، وفق الدستور الحالي، لا يسمح لأردوغان بممارسة الصلاحيات التنفيذية، التي يقول إنه ينوي استخدامها، ما يجعل الحل الوحيد، بحسب إيديز، هو الانسجام التام بين رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية مدعومين بموقف قوي في البرلمان.
وانطلاقاً من طموحات أردوغان، فإن هذه الصيغة، تتطلب من داوود أوغلو أن يصبح تابعاً لأردوغان ومنفذاً لتوجيهاته، من دون أي سؤال، ما يعني أن الأدوار التي يقوم بها رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، ستنعكس تماماً عمّا كانت عليه قبل الانتخابات الرئاسية.
بحسب ما يؤكد الكاتب في جريدة "راديكال" المعارضة، جنكيز جندر، لم يكن الرئيس السابق، عبد الله غول، محايداً خلال فترة رئاسته إزاء أردوغان إذ أنه "أيد كل شيء تقريباً تم إرساله إليه، من أردوغان، والآن جاء دور داوود أوغلو ليفعل الشيء نفسه". طبعاً، يتناسى جندر أن غول اعترض على عدد لا يستهان به من مشاريع أردوغان، منها مشروعه تحويل تركيا لتصبح دولة ذات نظام رئاسي.
وبحسب جندر، فإنه فضلاً عن مهماته الأخرى، ستكون الوظيفة الرئيسية لداوود أوغلو هي "التقليل من أهمية منصب رئاسة الوزراء، أي بعبارة أخرى، سيبدأ كرئيس وزراء ضعيف".
هذا هو السبب، الذي جعل إيديز، يفضل أن يشير إلى الحكومة الجديدة باسم "إدارة أردوغان" بدلاً من "حكومة داوود أوغلو". تبقى المشكلة أن أردوغان هو "الرئيس التنفيذي" افتراضيّاً وليس قانونيّاً، ما يجعله قادراً على فعل ما يريد، لأن لديه رئيس وزراء متوافقاً معه، وبسبب وجود معارضة ضعيفة.
لكن العقبة الوحيدة التي تواجه أردوغان، اليوم، هي المحكمة الدستورية، التي فشل في السيطرة عليها أثناء رئاسته الوزراء. ويتوقع كثيرون أن تكون إحدى المهمات التي ستوكل "لإدارة أردوغان"، هي تغيير الدستور لجعل المحكمة الدستورية تحت سيطرة الحكومة بشكل أكبر. أمر بدا واضحاً في خطاب كل من داوود أوغلو وأردوغان في المؤتمر غير الاعتيادي للحزب.
لكن للقيام بذلك، يحتاج "العدالة والتنمية" الخروج من الانتخابات العامة 2015 أقوى مما هو عليه الآن، ليتمكن من الحصول على أغلبية الثلثين في البرلمان، التي يحتاجها لتقديم الدستور الجديد للاستفتاء. مهمة جديدة ستكون من أولويات حكومة داوود أوغلو المقبلة، ما دفع الكثير من المحللين المعارضين إلى اتهام الثنائي الحاكم بالسعي إلى "القضاء على الفصل بين السلطات"، فقط في سبيل التحول نحو النظام الرئاسي مهما كانت الطريقة.