أرخبيل لامو... مستودع الثقافة السواحلية

30 ديسمبر 2017
أدرجت لامو تاون على قائمة التراث العالمي لليونسكو (Getty)
+ الخط -
كان بحارة العرب قديماً يطلقون عليها "جزر أريايا السبعة"، وكان البحارة حول العالم يسمّونها ميناء الترحيب، فعندما يكونون في طريقهم ذهابًا أو عودةً إلى الهند يمرون على لامو ليتزودوا بالمؤن ويستريحوا من عناء فات، ويستعدوا لاستكمال رحلتهم الطويلة. وكم سقط في عشقها مئات الأغراب والمسافرين الذين أقاموا فيها، ثم اتخذوها لهم مسكناً ووطناً، تماماً مثل السواحيلية الذين تنبع ثقافتهم من المكان.

وتوجد روايات يرددها السكان المحليون، والتي تذكر أن السفن الصينية المكونة لأسطول "تشنغ" قد غرقت بالقرب من جزيرة لامو في كينيا في 1415م، واستقر الناجون في الجزيرة وتزوجوا من نسائها. وقد ثبت ذلك مؤخراً من خلال الأعمال الأثرية في الجزيرة التي أسفرت عن العثور على أدلة تشير إلى هذا الأمر بالفعل، كما أظهرت نتائج اختبارات الحمض النووي على بعض السكان، أن لديهم بالفعل أسلافاً من الصينيين.

يقع أرخبيل لامو في المحيط الهندي بالقرب من الساحل الشمالي لكينيا، وتقع الجزر بين بلدتي لامو وكيونغا بالقرب من مقاطعة الساحل، وهي جزء من منطقة لامو الكينية. وأكبر الجزر هي جزيرة بات وجزيرة ماندا وجزيرة لامو. وتشمل الجزر الصغيرة كيوايو، التي تقع في محمية كيونغا البحرية الوطنية، وماندا توتو. واليوم تعد لامو تاون أكبر مدينة في الأرخبيل وتقع في جزيرة لامو.

أدرجت لامو تاون على قائمة التراث العالمي لليونسكو، كما يحتوي الأرخبيل على العديد من المواقع الأثرية والتاريخية ذات الأهمية الكبيرة، مثل تاكوا وماندا تاون، وهما في جزيرة ماندا، وموقع شانغا الواقع على جزيرة بات. وقد تم التنقيب عن بعضها جزئياً في السنوات الماضية، وهو ما أسهم في إلقاء الضوء بشكل جديد على التاريخ والثقافة السواحلية.
ويشكل أرخبيل لامو الوجهة الأكثر شعبية وزيارة على الساحل الكيني، وهو من أفضل عوالم السفر من عدة نواح. فهناك المدن الصغيرة المصنوعة من أحجار القرون الوسطى بشوارعها الضيقة الحجرية، مع طبيعة هندسية ساحرة متأثرة بالانصهار الفريد بين أنماط العمارة السواحيلية والعربية والفارسية والهندية والأوروبية. وهناك النباتات المميزة للجزر الاستوائية، والأطعمة التي ينتجها المطبخ المحلي للسكان بأصنافه اللذيذة والغريبة، والليالي ذات الهواء المعبأ برائحة البحر والتوابل النفاذة.
وتقع مدينة لامو القديمة، على الجزيرة المعروفة باسمها على ساحل شرق أفريقيا، على بعد نحو 350 كيلومترا شمال مومباسا، وهي أقدم مثال على المستعمرات السواحلية في شرق أفريقيا. وخلافًا للمستوطنات والمدن السواحلية الأخرى التي تم التخلي عنها على طول ساحل شرق أفريقيا؛ فإن لامو كانت مسكونة باستمرار لأكثر من 700 سنة. وهي تمثل النمو المتزايد لموانئ ساحل شرق أفريقيا، وأيضاً نتائج التفاعل بين البانتو والعرب والفرس والهنود والأوروبيين ثقافيًّا واقتصاديًّا.
والمباني على الواجهة البحرية مع الأروقة والشرفات المفتوحة توفر انطباعًا بصريًا موحدًا للبلدة عند الاقتراب منه من ناحية البحر. في حين أن المباني العامة مزينة داخليا بسقوف مرسومة وملونة، ونوافذ كبيرة (ماداكا)، ونوافذ صغيرة (زيداكا)، وقطع من الخزف الصيني. والمباني محفوظة جيدًا وتحمل تاريخًا طويلاً يمثل تطور تكنولوجيا البناء السواحلية، استنادًا إلى أعمدة المرجان والجير والمانغروف.
وتؤكد اليونسكو على أن أرخبيل لامو أصبح مركزا دينياً هامًا في شرق ووسط أفريقيا منذ القرن التاسع عشر، حيث جذب باحثين من الدين الإسلامي والثقافة السواحلية. واليوم هو مستودع رئيسي للثقافة السواحلية التي مكنت سكانها من الحفاظ على قيمهم التقليدية.


دلالات
المساهمون