أدوية ومساحيق تجميل وأغذية فاسدة في بيوت المصريين

14 أكتوبر 2015
الفساد يقتل المصريين (Getty)
+ الخط -
ما بين قنوات فضائية لا تتوقف يومياً عن الإعلان عن منتجات التجميل الرخيصة الثمن غير معروفة المصدر، وحوادث متكررة ببيع لحوم الحمير والحيوانات النافقة لملايين المستهلكين، يعيش المصريون حياة بلا رقابة، تعرضهم للموت البطيء.

يقول عضو الغرفة التجارية في القاهرة، شعبة الأدوية، الدكتور محمد البهي، أن مصر من أكثر الدول التي تعاني من المنتجات غير الصالحة للاستهلاك الآدمي، والتي للأسف يقبل عليها المصريون من دون وعي. ويؤكد البهي أن أدوات التجميل تأتي على رأس تلك المواد، نظراً للإقبال الكثيف عليها من الفتيات المصريات.

يشير البهي في تصريحات خاصة لـ "العربي الجديد" أن عدد المصانع التي تعمل وفقاً لتراخيص من وزارة الصحة في مجال أدوات التجميل لا يتخطى 80 مصنعا، في الوقت الذي تسيطر فيه مصانع "بير السلم" غير المرخصة على السوق بما يزيد عن 1000 مصنع، وتندرج تلك المصانع تحت تصنيف الاقتصاد العشوائي الذي يتسبب في انهيار الصناعة المصرية.

ويلفت البهي إلى أن استخدام هذه المصانع لمواد غير طبية ولا موثوق بها تخفض من أسعار السلع المنتجة، لتزيد في المقابل انتشار السرطان في البلاد. ويشير عضو الغرفة التجارية إلى أن حجم إنتاج مصانع بير السلم وفقا للعديد من التقديرات تجاوز الـ 20 مليار جنيه سنوياً، يضاف إليها استيراد عدد كبير من مواد التجميل غير الصالحة للاستهلاك.

من جهته، يؤكد عضو الجمعية المصرية لحماية المستهلك منير شفيق، في تصريحات خاصة بـ "العربي الجديد" أن مخاطر المواد غير الصالحة للاستهلاك البشرسي لا تتوقف عند أدوات التجميل، بل تنتشر بصورة أكبر في الأدوية من خلال تجارة الأعشاب والنباتات الطبيعية، والتي وصل حجم الإتجار بها إلى ما يزيد عن 3 مليارات جنيه سنوياً، وهي مواد لا تخضع للرقابة ويمكن أن تكون قاتلة.

وأيضاً هناك كارثة محقة في مصر، وهي المواد الغذائية الغير صالحة للاستهلاك الآدمي، والتي وصل عدد القضايا التي يتم ضبطها في مصر إلى ما يزيد عن 10 آلاف قضية سنوياً، وفق شفيق. ويؤكد أن المصانع غير المرخصة تنتج نحو 80 % من الأغذية المطروحة في الأسواق، في حين تنتج المصانع المرخصة 20% فقط. وهو ما يخسر الاقتصاد المصري وفقاً لدراسة لمركز الدراسات الاقتصادية صادرة عام 2013، حوالي 280 مليون جنيه سنوياً.

ولا تقتصر أضرار هذه المنتجات عند حدود الخسائر الاقتصادية، بل مثلت سبباً مباشراً لانتشار الأمراض الخطيرة، حيث أكدت تقارير طبية سابقة صادرة عن وزارة صحة أن 18% من ميزانية وزارة الصحة تذهب لعلاج الأمراض المرتبطة بالأغذية الفاسدة.

يقول أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية إيهاب الدسوقي، أن موضوع الغش التجاري ووجود منتجات تقدر بملايين الأطنان في السوق المصرية وهي جميعها غير صالحة للاستهلاك الآدمي، أمر في غاية الخطورة، لا سيما وأن هذه الأنشطة التجارية تؤدي إلى خسائر اقتصادية وبشرية لا يمكن الاستهانة بها، مؤكداً أن الاقتصاد المصري ينهار بسبب تلك النوعية من الممارسات، فبدلاً من أن نتحدث عن نسبة الجودة نتحدث عن إمكانية أن تكون المواد والمنتجات في السوق صالحة للاستهلاك الآدمي.

يشير أستاذ الاقتصاد، أن الدور الأكبر في مواجهة تلك الظاهرة يرجع إلى الدولة، التي من المفترض أن تسن تشريعات، تفرض العقوبات القاسية على من يتاجرون بحياة الشعب المصري، ويتلاعبون بفقره، ورغبته في الحصول على مستلزمات حياته بما يتناسب مع الدخل.

ويوضح الدسوقي، أن على الدولة أن تسعي إلى إتمام خطتها في دمج الاقتصاد العشوائي بالاقتصاد الرسمي، حتى يقع تحت الرقابة اللازمة، وأن تقضي على البيروقراطية في تسجيل الشركات، وأن تطهر الأجهزة الرقابية من الفساد، حتى لا تكون النتيجة الموت والمرض وتراجع إنتاجية المواطن المصري.
المساهمون