تُواجه مساعي النظام السوري وحلفائه، تحديداً روسيا، للتنصل من جريمة استخدام السلاح الكيميائي في خان شيخون، مزيداً من الإخفاقات، بعدما قدّمت فرنسا أمس تقريراً يؤكد مسؤولية النظام عن قصف المدينة بغاز السارين، وهو ما سارعت موسكو لرفضه، مجددة الحديث عن ضرورة إجراء تحقيق دولي حول الهجوم.
وتأتي هذه التطورات، في ظل استمرار تباعد في المواقف بين حلفاء دمشق من جهة وبين القوى الإقليمية والدولية الرافضة لنظام بشار الأسد، وهو ما بدا واضحاً بعد اللقاء الذي جمع وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والسعودي عادل الجبير في موسكو أمس الأربعاء، مع اختلاف وجهات النظر حول مصير الأسد ودور حزب الله وغيرها، مقابل محاولة لافروف الحديث عن أن الخلافات بين البلدين قابلة للحل.
ويعزز هذا التباعد الشكوك حيال الجولة الرابعة من اجتماعات أستانة، المقررة يومي الثالث والرابع من شهر مايو/أيار المقبل، والتي لم تحسم المعارضة السورية بعد موقفها من المشاركة فيها أو عدمها.
وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت، أمس في مؤتمر صحافي في العاصمة باريس، أنّ "عيّنات حصلت عليها الاستخبارات الفرنسية تثبت استخدام قوات موالية لبشار الأسد من دون شك غاز السارين في الهجوم" على خان شيخون.
وذكر تقرير للاستخبارات الفرنسية رُفعت عنه صفة السرية، وجاء في ست صفحات، اطلعت عليه "رويترز"، أنّ الاستخبارات الفرنسية استطاعت الوصول إلى هذه النتيجة استناداً إلى عينات حصلت عليها من موقع الهجوم وعينة دم من أحد الضحايا.
ومن بين العناصر التي ظهرت في العينات مادة الهيكسامين وهي سمة مميزة للسارين الذي ينتجه النظام السوري. كما أكد التقرير أن "الاستخبارات الفرنسية تعتقد أن أمر استخدام أسلحة كيميائية لا يمكن أن يصدر إلا عن الأسد أو بعض أفراد حاشيته الأكثر نفوذاً".
وأفاد التقرير بأن أجهزة الاستخبارات الفرنسية "تعلم أن طائرة حربية من طراز سوخوي 22 تابعة للحكومة السورية نفذت ست ضربات في خان شيخون في الرابع من إبريل/نيسان وإن العينات التي استخلصت من الأرض تضاهي مواد مقذوف محمول جواً يحمل ذخيرة مغلفة بالسارين". وأضاف أن الجماعات المتشددة في المنطقة لا تملك القدرة على شن مثل هذا الهجوم وأن تنظيم "داعش" لا يتواجد في تلك المنطقة.
هذا الأمر رد عليه دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قائلاً إن الاستنتاجات الفرنسية لا تؤثر في موقف موسكو من الأحداث، إذ ما زال الجانب الروسي يصر على إجراء "تحقيق غير منحاز في الأحداث"، مضيفاً: "نعتبر أن من المستحيل تقديم استنتاجات حول الجانب المذنب من دون إجراء تحقيق دولي".
وكانت روسيا قد تولت مهمة الدفاع عن النظام عقب الجريمة وتداعياتها بما في ذلك توجيه الولايات المتحدة الأميركية ضربة عسكرية لمطار الشعيرات. وقد أدت الضربة العسكرية إلى توتر بين واشنطن وموسكو. وفيما أكد وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أمس، أن الضربة الأميركية على قاعدة الشعيرات شكّلت خطراً على حياة العسكريين الروس الموجودين في سورية، أعلن رئيس الإدارة المركزية لعمليات هيئة الأركان العامة الروسية، الفريق سيرغي رودسكوي، أن لدى وزارة الدفاع الروسية اتصالات مباشرة ودائمة مع القوات الأميركية في سورية لضمان سلامة طيران الطرفين خلال تنفيذ العمليات العسكرية ضد الإرهابيين. وقال رودسكوي، في كلمة له، "إن تنفيذ التنسيق بيننا كان يجري في إطار مذكرة التفاهم الخاصة بمنع وقوع الحوادث في المجال الجوي، وأتاحت هذه الوثيقة رسم بعض الحدود خلال شن الضربات، لكن الوضع تغير بعد تنفيذ الولايات المتحدة غارات على قاعدة الشعيرات، وحتى الوقت الحالي تم تعليق سريان هذه المذكرة". لكنه أضاف: "مع ذلك لدينا اتصالات هاتفية عبر القنوات المباشرة على المستوى العملي، وهذا يجري من أجل ضمان أمن كل من القوات الجوية الروسية والطيران الأميركي في سورية".
اقــرأ أيضاً
وفيما تتواصل تداعيات جريمة خان شيخون كان لقاء لافروف والجبير في موسكو أمس يظهر استمرار المواقف المتباعدة تجاه الملف السوري. فقد أكد الجبير في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي بعد اللقاء، أن "لا مستقبل للأسد في سورية"، مضيفاً "أكدت السعودية مراراً على ضرورة رحيل الأسد إما بالخيار السياسي أو العسكري". ولفت إلى أن "قرارات مجلس الأمن الدولي يجب أن تكون المرجعية في حل الأزمة في سورية" ولا سيما "القرار 2254"، منتقداً استخدام نظام الأسد للسلاح الكيميائي، مؤكداً أنه "يجب أن يدفع نظام الأسد ثمن استخدام الكيميائي". ولفت إلى أن "الأدلة واضحة على التطهير العرقي الذي يقوم به الحرس الثوري وحزب الله في سورية". كما أن حزب الله "يقوم بأعمال إرهابية في المنطقة لخدمة النظام الإيراني"، مشدداً على أهمية خروج المليشيات الموالية لإيران من سورية.
وبشأن اجتماعات أستانة، أكد الجبير أن الطرف السعودي يعمل مع المعارضة السورية من أجل تثبيت وقف إطلاق النار، والتوصل إلى اتفاق بشأن وقف الأعمال القتالية وإيصال المساعدات والبدء في العملية السياسية على أساس إعلان جنيف واحد والقرار الدولي رقم 2254. وفي الوقت نفسه، شكك الجبير في فائدة انضمام أعضاء جدد لعملية التفاوض في أستانة، ووصف هذه المفاوضات بأنها تقنية، وحذر من أن توسيع عدد المشاركين قد يحولهم إلى مجموعة ستكون أضعف مما يفترض، وسيكون بالتالي تركيز التفاوض أقل ما هو مطلوب.
من جهته، حاول لافروف الإيحاء بعدم وجود وجهات نظر متباعدة مع السعودية، معتبراً أنه لا توجد خلافات غير قابلة للحل بين البلدين حينما يتعلق الأمر بالتوصل إلى حل للأزمة السورية. وأكد تطابق مواقف روسيا والسعودية من خطر الإرهاب الدولي ولا سيما تهديدات تنظيم "داعش"، إلا أنه شدد على أن موسكو "لا تعتبر حزب الله منظمة إرهابية"، معتبراً أن "روسيا وإيران في سورية بدعوة من النظام". وفي مؤشر إضافي على تمسك موسكو بالأسد، أكد المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في تصريح أمس، أن موقف بوتين من الأسد لم يتغير، مشدداً على أنه ليس محامي دفاع عن الأسد إنما هو يدافع عن القانون الدولي.
هذه المواقف تسبق الجولة الرابعة من اجتماعات أستانة، في حين يواصل مسؤولون عسكريون من المعارضة السورية، اجتماعاتهم في العاصمة التركية أنقرة. وأكدت مصادر عسكرية في المعارضة لـ"العربي الجديد"، أن "اجتماعات أنقرة القائمة حالياً، تبحث نقاطاً عدة، أبرزها موضوع جدوى المشاركة في اجتماعات أستانة المقبلة، أو مقاطعتها كما جرى في النسخة الأخيرة من هذه الاجتماعات"، مؤكدة أن "ملفات أخرى عديدة تجري دراستها، إضافة لتقييم الوضع العسكري على الأرض، وتصعيد النظام السوري لهجماته ضد المدنيين في مناطق سيطرة المعارضة، ومواصلة هجومه على أحياء دمشق الشمالية الشرقية". في موازاة ذلك، أشار رئيس هيئة أركان الجيش السوري الحر، العميد أحمد بري، لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "لم تصلنا حتى الآن دعوة رسمية للمشاركة في اجتماعات أستانة المقبلة"، مبيناً أن "الفصائل العسكرية تعمل على تقييم وبحث مختلف الخيارات حالياً، وقرار المشاركة أو المقاطعة سيتم اتخاذه لاحقاً".
وترافقت هذه التطورات مع استمرار التصعيد الميداني، إذ ارتكبت قوات النظام السوري، مجازر جديدة أمس الأربعاء، سقط فيها عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، في محافظة إدلب. وقال الناشط الإعلامي المتواجد هناك جابر أبو محمد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "طائرة روسية، استهدفت منازل المدنيين في بلدة بسنقول في ريف إدلب، بعدّة غارات جوية ما أدّى إلى مقتل سبعة مدنيين، بينهم أطفال وإصابة آخرين".
كما قُتل أربعة مدنيين، بينهم طفلان، وأصيب آخرون بقصف لطائرة تابعة للنظام على مدينة تلبيسة في ريف حمص الشمالي.
كما أفادت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، بأن "الطيران التابع للأسد شنّ منذ صباح أمس الأربعاء، غاراتٍ جوّية على حي القابون شمال شرق دمشق، تزامناً مع قصف الحي بالصواريخ". في السياق نفسه، دارت اشتباكات عنيفة منذ ساعات الصباح الأولى داخل حي القابون، وفي المحيط الغربي لشارع الحافظ، نتيجة محاولة قوات النظام التقدّم في الحي، وتصدّت الفصائل لها.
اقــرأ أيضاً
وتأتي هذه التطورات، في ظل استمرار تباعد في المواقف بين حلفاء دمشق من جهة وبين القوى الإقليمية والدولية الرافضة لنظام بشار الأسد، وهو ما بدا واضحاً بعد اللقاء الذي جمع وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والسعودي عادل الجبير في موسكو أمس الأربعاء، مع اختلاف وجهات النظر حول مصير الأسد ودور حزب الله وغيرها، مقابل محاولة لافروف الحديث عن أن الخلافات بين البلدين قابلة للحل.
ويعزز هذا التباعد الشكوك حيال الجولة الرابعة من اجتماعات أستانة، المقررة يومي الثالث والرابع من شهر مايو/أيار المقبل، والتي لم تحسم المعارضة السورية بعد موقفها من المشاركة فيها أو عدمها.
وذكر تقرير للاستخبارات الفرنسية رُفعت عنه صفة السرية، وجاء في ست صفحات، اطلعت عليه "رويترز"، أنّ الاستخبارات الفرنسية استطاعت الوصول إلى هذه النتيجة استناداً إلى عينات حصلت عليها من موقع الهجوم وعينة دم من أحد الضحايا.
ومن بين العناصر التي ظهرت في العينات مادة الهيكسامين وهي سمة مميزة للسارين الذي ينتجه النظام السوري. كما أكد التقرير أن "الاستخبارات الفرنسية تعتقد أن أمر استخدام أسلحة كيميائية لا يمكن أن يصدر إلا عن الأسد أو بعض أفراد حاشيته الأكثر نفوذاً".
وأفاد التقرير بأن أجهزة الاستخبارات الفرنسية "تعلم أن طائرة حربية من طراز سوخوي 22 تابعة للحكومة السورية نفذت ست ضربات في خان شيخون في الرابع من إبريل/نيسان وإن العينات التي استخلصت من الأرض تضاهي مواد مقذوف محمول جواً يحمل ذخيرة مغلفة بالسارين". وأضاف أن الجماعات المتشددة في المنطقة لا تملك القدرة على شن مثل هذا الهجوم وأن تنظيم "داعش" لا يتواجد في تلك المنطقة.
هذا الأمر رد عليه دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قائلاً إن الاستنتاجات الفرنسية لا تؤثر في موقف موسكو من الأحداث، إذ ما زال الجانب الروسي يصر على إجراء "تحقيق غير منحاز في الأحداث"، مضيفاً: "نعتبر أن من المستحيل تقديم استنتاجات حول الجانب المذنب من دون إجراء تحقيق دولي".
وكانت روسيا قد تولت مهمة الدفاع عن النظام عقب الجريمة وتداعياتها بما في ذلك توجيه الولايات المتحدة الأميركية ضربة عسكرية لمطار الشعيرات. وقد أدت الضربة العسكرية إلى توتر بين واشنطن وموسكو. وفيما أكد وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أمس، أن الضربة الأميركية على قاعدة الشعيرات شكّلت خطراً على حياة العسكريين الروس الموجودين في سورية، أعلن رئيس الإدارة المركزية لعمليات هيئة الأركان العامة الروسية، الفريق سيرغي رودسكوي، أن لدى وزارة الدفاع الروسية اتصالات مباشرة ودائمة مع القوات الأميركية في سورية لضمان سلامة طيران الطرفين خلال تنفيذ العمليات العسكرية ضد الإرهابيين. وقال رودسكوي، في كلمة له، "إن تنفيذ التنسيق بيننا كان يجري في إطار مذكرة التفاهم الخاصة بمنع وقوع الحوادث في المجال الجوي، وأتاحت هذه الوثيقة رسم بعض الحدود خلال شن الضربات، لكن الوضع تغير بعد تنفيذ الولايات المتحدة غارات على قاعدة الشعيرات، وحتى الوقت الحالي تم تعليق سريان هذه المذكرة". لكنه أضاف: "مع ذلك لدينا اتصالات هاتفية عبر القنوات المباشرة على المستوى العملي، وهذا يجري من أجل ضمان أمن كل من القوات الجوية الروسية والطيران الأميركي في سورية".
وفيما تتواصل تداعيات جريمة خان شيخون كان لقاء لافروف والجبير في موسكو أمس يظهر استمرار المواقف المتباعدة تجاه الملف السوري. فقد أكد الجبير في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي بعد اللقاء، أن "لا مستقبل للأسد في سورية"، مضيفاً "أكدت السعودية مراراً على ضرورة رحيل الأسد إما بالخيار السياسي أو العسكري". ولفت إلى أن "قرارات مجلس الأمن الدولي يجب أن تكون المرجعية في حل الأزمة في سورية" ولا سيما "القرار 2254"، منتقداً استخدام نظام الأسد للسلاح الكيميائي، مؤكداً أنه "يجب أن يدفع نظام الأسد ثمن استخدام الكيميائي". ولفت إلى أن "الأدلة واضحة على التطهير العرقي الذي يقوم به الحرس الثوري وحزب الله في سورية". كما أن حزب الله "يقوم بأعمال إرهابية في المنطقة لخدمة النظام الإيراني"، مشدداً على أهمية خروج المليشيات الموالية لإيران من سورية.
وبشأن اجتماعات أستانة، أكد الجبير أن الطرف السعودي يعمل مع المعارضة السورية من أجل تثبيت وقف إطلاق النار، والتوصل إلى اتفاق بشأن وقف الأعمال القتالية وإيصال المساعدات والبدء في العملية السياسية على أساس إعلان جنيف واحد والقرار الدولي رقم 2254. وفي الوقت نفسه، شكك الجبير في فائدة انضمام أعضاء جدد لعملية التفاوض في أستانة، ووصف هذه المفاوضات بأنها تقنية، وحذر من أن توسيع عدد المشاركين قد يحولهم إلى مجموعة ستكون أضعف مما يفترض، وسيكون بالتالي تركيز التفاوض أقل ما هو مطلوب.
من جهته، حاول لافروف الإيحاء بعدم وجود وجهات نظر متباعدة مع السعودية، معتبراً أنه لا توجد خلافات غير قابلة للحل بين البلدين حينما يتعلق الأمر بالتوصل إلى حل للأزمة السورية. وأكد تطابق مواقف روسيا والسعودية من خطر الإرهاب الدولي ولا سيما تهديدات تنظيم "داعش"، إلا أنه شدد على أن موسكو "لا تعتبر حزب الله منظمة إرهابية"، معتبراً أن "روسيا وإيران في سورية بدعوة من النظام". وفي مؤشر إضافي على تمسك موسكو بالأسد، أكد المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في تصريح أمس، أن موقف بوتين من الأسد لم يتغير، مشدداً على أنه ليس محامي دفاع عن الأسد إنما هو يدافع عن القانون الدولي.
وترافقت هذه التطورات مع استمرار التصعيد الميداني، إذ ارتكبت قوات النظام السوري، مجازر جديدة أمس الأربعاء، سقط فيها عشرات القتلى والجرحى من المدنيين، في محافظة إدلب. وقال الناشط الإعلامي المتواجد هناك جابر أبو محمد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "طائرة روسية، استهدفت منازل المدنيين في بلدة بسنقول في ريف إدلب، بعدّة غارات جوية ما أدّى إلى مقتل سبعة مدنيين، بينهم أطفال وإصابة آخرين".
كما قُتل أربعة مدنيين، بينهم طفلان، وأصيب آخرون بقصف لطائرة تابعة للنظام على مدينة تلبيسة في ريف حمص الشمالي.
كما أفادت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، بأن "الطيران التابع للأسد شنّ منذ صباح أمس الأربعاء، غاراتٍ جوّية على حي القابون شمال شرق دمشق، تزامناً مع قصف الحي بالصواريخ". في السياق نفسه، دارت اشتباكات عنيفة منذ ساعات الصباح الأولى داخل حي القابون، وفي المحيط الغربي لشارع الحافظ، نتيجة محاولة قوات النظام التقدّم في الحي، وتصدّت الفصائل لها.