أحمد يحبّ الحلويات العربيّة

05 يناير 2016
"أنا أحمد من حلب، عمري سبع سنين". (العربي الجديد)
+ الخط -

أحمد، واحد من كثر على الكورنيش البحري للعاصمة اللبنانية بيروت. أطفالٌ سوريون، فتيان وفتيات، يحملون سلال الورود التي بهت لونها وقد غطّتها طبقة من الأوساخ. يحاولون عبثاً إقناع الأزواج والعشاق بشراء وردة "للحلوة" أو "الآنسة"، ولا يملّون الرفض المتكرر. كثيرون هم الذين يرفضون شراء الورود الذابلة، على الرغم من لعب الأطفال على وتر كرم الشاب أو حبّه للفتاة.

تسأل شابة جالسة على مقعد قبالة صخرة الروشة أحمد، وقد بدت متعاطفة معه، "هل أكلت اليوم؟". يصمت قليلاً قبل أن يجيب بالنفي. "لماذا لم تأكل حتى الآن؟". "أين أهلك؟". "ألا تشعر بالبرد؟". لكن الصبيّ يكتفي بمحاولة إقناعها مرّة بعد مرّة بشراء الوردة. الشابة السورية أيضاً، ترفض إعطاء المال للأطفال المتسولين، وهي ترافقهم عادة إلى أقرب مطعم لشراء سندويشاً، "إذ إن ذلك أفضل من تعوّدهم على التسول من الناس".

في البداية، يرفض أحمد مرافقتها على رغم من محاولاتها المتكررة. لكن جوعه ينتصر عليه، في النهاية. يستأذنها ليُخبر والده. ويطول غيابه عشر دقائق أو أكثر. يعود الصبي راكضاً وهو يتمايل، كأن العيد قد حل. ويُلح على الشابة لدخول محل الحلويات العربية على الكورنيش بدلاً من المطعم. "أنا أحب الحلو! لا أريد سندويشاً!". تفشل محاولات الشابة لإقناعه بشراء سندويش "يغذيك ويجعلك أكبر وأقوى".

ترافق عيون زبائن المحل أحمد وصديقته أثناء دخولهما. يرفض الصغير أن يحمله أحد للاطلاع على أصناف الحلويات خلف الزجاج. يقول: "أريد أن أطلع عليها في الكتاب (قائمة الطعام)". ويشير بأصابعه الصغيرة إلى الأصناف المُصوّرة، بشكل عشوائي. يريدها جميعاً. تقنعه الشابة بحمله، فيشير إلى النمورة وحلاوة الجبن قبل أن يطلب شوكة وسكيناً لتناولها. وفي انتظار تجهيز الطلبية، يخبرها: "أنا أحمد من حلب، عمري سبع سنين. هربنا من المتحاربين في سورية وأتيت لبيع الورد". تضيع المفردات منه، فيصمت.

يغطس الطفل في الصحنَين الصغيرَين، قبل أن تودّعه الشابة. لا ينهي حلوياته كلها، ويحمل ما تبقّى منها متوجّهاً إلى أحد المقاعد على الكورنيش حيث يعرض والده بعض الألعاب البسيطة للبيع. يرفض الرجل الخمسيني الحديث عن عائلته أو عمله أو وصوله إلى لبنان. يكتفي بشكر من أطعم ابنه، ويؤكد أنه يعمل ما بوسعه لكفاية عائلته وتأمين احتياجاتها.
أمام والده، يترك أحمد كيس الحلويات الصغير ويعود لبيع الورود. يرفض الوالد تناولها. سوف يحملها لشقيقات أحمد في المنزل.

اقرأ أيضاً: خادم المسجد المتحرّش
المساهمون