الثورة السورية، والحرب بعدها، ورحلات النزوح واللجوء، كلّها أثرت في اختيار الآباء لأسماء مواليدهم. بعضها يجسّد الوضع الراهن، وغيرها يراهن على الأمل بمستقبل أفضل
لأسماء الأطفال جميعاً نصيب من أحلام آبائهم. هناك دائماً ما يدفع الوالدين أو أحدهما لاختيار اسم لمولودهم من بين آلاف الأسماء المتاحة. في أحيان كثيرة يحمل الاسم الجديد حكاية، أو قضية، أو حلماً، لم يصل إليه الآباء في حياتهم. آباء سوريون يزرعون تلك الأسماء في مواليدهم ويأملون أن تؤثر بشكل ما في مصيرهم ومستقبلهم، من منطلق أنّ "لكلّ امرئ من اسمه نصيب".
عاش أمير وهالة السنوات الثلاث الماضية حياة قاسية. نزحا من منزلهما في ريف إدلب، إلى أحد المخيمات على الحدود السورية- التركية. أصر الزوجان أن يبقيا قريبين من قريتهما ليعودا إليها في أول فرصة. حين علما أنّهما سيأتيان بمولودة جديدة إلى عالمهما القاسي، قررا السفر. يقول: "مجيء أمل إلى هذا العالم كان فرحة، لكنها أيضاً أكبر مسؤولية أشعر بها في حياتي. كنت أشهد كيف تقضي قسوة الحياة في المخيمات على مستقبل الأطفال. وبالرغم من أنّ فكرة العيش خارج البلاد كانت صعبة جداً علينا، لكننا أخذنا القرار، سافرنا إلى تركيا ثم جئنا عبر البحر إلى أوروبا، ووصلنا إلى ألمانيا حيث ولدت أمل. أسميتها أمل بأمل العودة إلى الوطن، أريدها ألا تنسى حين تكبر أنا نأمل لها أن تعيش في سورية، البلد الذي نشأ فيه والداها".
يرى أمير أنّ الاعتقاد بأنّ للاسم تأثيراً على حياة صاحبه ليس دقيقاً جداً. يقول: "اسمي أمير وعشت طوال حياتي فقيراً.. لكننا محكومون بالأمل، وعلينا أن نتفاءل".
يبلغ بديع من العمر 14 شهراً. اسمه الكامل مطابق تماماً لاسم عمّه الذي لم يره بعد. يقول والده باسل: "حتى يوم ولادته كان اسمه ابراهيم على اسم والدي. قبل يومين من ولادته اعتقل أخي بديع على أحد حواجز النظام، كان هذا أسوأ خبر سمعته في حياتي، إنه أخي الأكبر والوحيد وهو ليس متزوجاً بعد. حين ولد طفلي كنت يائساً مكسوراً، حملته بين يديّ فأعاد إليّ الأمل. كان شعره أشقر كبديع. في تلك اللحظة قررت أن أسميه باسمه".
يضيف: "أذكر جيداً حين أخبرت والدتي باسم طفلي، وقفت وأمسكتني من يدي، وقالت لي: أخبرني الحقيقة هل مات بديع؟ لماذا تريد أن تسمي طفلك باسمه. قلت لها إنّ هذا لم يحدث، أريد فقط أن أشعر أنه ما زال إلى جانبي، وأسعده حين يخرج من المعتقل. لكنها أصرت أنّ هذا فأل سيء". يأمل باسل أن يرى طفله عمّه قريباً: "أريده أن يكون شجاعاً كعمه، ومثقفاً مثله".
من جهته، عاش ماهر في مدينة حلب طوال حياته. عايش الشاب الثورة السورية بكل تفاصيلها، وهو ما زاد ارتباطه بأرضه ووطنه. في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي ولدت طفلته الأولى، وأسماها شام. يقول: "سورية هي أرض الشام المباركة، أرضنا وأرض أهلنا وأجدادنا، نحبها ونعتز بها، وسنربي أطفالنا على حبها". يتمنى ماهر أن تكسب طفلته من اسمها "القوة، مثل أرض الشام المباركة. ما نريده يبقى أمنيات، لا أحد يعرف ماذا يخبئ لنا ولها المستقبل". يضيف: "لو أنّ شام ولدت قبل الثورة لكان لها اسم آخر ربما. لم يكن ليخطر على بالي هذا الاسم لولا الثورة".
في السنة الأولى للثورة السورية، قرر الصحافي السوري فتحي بيوض، وزوجته صفاء، أن يسميا ابنتهما الثانية حرية، بعدما أسميا طفلتهما الأولى سورية. ولدت حرية في الدوحة، في نوفمبر 2011، كانت التظاهرات المعارضة للنظام تعمّ جميع المدن السورية يومها، وهي تهتف بالحرية. علق بيوض أنه لو رزق بولد لأسماه "ارحل" وهي أيضاً من وحي هتافات الثورة ضد الرئيس بشار الأسد.
أما والدة حرية فأطلقت صفحة على فيسبوك باسم "طفلتي حرية ولدت في 22-11-2011"، وباتت تنشر فيها الانتهاكات التي تطاول أطفال سورية. ومع اقتراب عيد ميلاد حرية الثاني نشرت في الصفحة: "ما زالت طفلتي حرية إلى يومي هذا لا تملك ما يثبت وجودها. كل السفارات رفضت منحها جواز سفر وكلّ الدول الصديقة أبت أن تعطيها وثيقة سفر. ما زالت حرية من دون إثبات شخصية".
يسمي بعض الآباء أطفالهم بأسماء زعماء سياسيين، تعبيراً منهم على امتنانهم وتقديرهم لهم. يقدمون على هذا على حساب أطفالهم، الذين سيحملون هذه الأسماء إلى وقت لن يبقى هؤلاء الزعماء في مناصبهم، وربما لن يذكرهم أحد.
في أغسطس/ آب 2012 رزق اللاجئان السوريان في تركيا مجيد وناديا بمولود جديد، وقرّرا أن يسمياه بالاسم الكامل للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان. عاشوا جميعاً في مجمع المساكن الجاهزة في ولاية كيليس في جنوب تركيا. علق الزوجان على ذلك بالقول: "هذا شكر وتقدير منا لتركيا بخصوص استقبالها اللاجئين". أضافوا: "لو رزقنا بمولودة كنا سنسميها أمينة تيمناً باسم زوجة أردوغان".
في حادثة مماثلة، قرر اللاجئان السوريان مأمون الحمزة وتيما الهوار، اللذان كانا يسكنان في مركز للاجئين في مدينة دويسبرغ الألمانية، تسمية طفلتهما التي ولدت أخيراً باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. اعتبر الزوجان ذلك رداً للجميل وتقديراً لميركل التي رحبت بالمهاجرين السوريين وقدمت الرعاية اللازمة لهم.
اقرأ أيضاً: نزوح حلب.. الكارثة تطال من كانوا صامدين
لأسماء الأطفال جميعاً نصيب من أحلام آبائهم. هناك دائماً ما يدفع الوالدين أو أحدهما لاختيار اسم لمولودهم من بين آلاف الأسماء المتاحة. في أحيان كثيرة يحمل الاسم الجديد حكاية، أو قضية، أو حلماً، لم يصل إليه الآباء في حياتهم. آباء سوريون يزرعون تلك الأسماء في مواليدهم ويأملون أن تؤثر بشكل ما في مصيرهم ومستقبلهم، من منطلق أنّ "لكلّ امرئ من اسمه نصيب".
عاش أمير وهالة السنوات الثلاث الماضية حياة قاسية. نزحا من منزلهما في ريف إدلب، إلى أحد المخيمات على الحدود السورية- التركية. أصر الزوجان أن يبقيا قريبين من قريتهما ليعودا إليها في أول فرصة. حين علما أنّهما سيأتيان بمولودة جديدة إلى عالمهما القاسي، قررا السفر. يقول: "مجيء أمل إلى هذا العالم كان فرحة، لكنها أيضاً أكبر مسؤولية أشعر بها في حياتي. كنت أشهد كيف تقضي قسوة الحياة في المخيمات على مستقبل الأطفال. وبالرغم من أنّ فكرة العيش خارج البلاد كانت صعبة جداً علينا، لكننا أخذنا القرار، سافرنا إلى تركيا ثم جئنا عبر البحر إلى أوروبا، ووصلنا إلى ألمانيا حيث ولدت أمل. أسميتها أمل بأمل العودة إلى الوطن، أريدها ألا تنسى حين تكبر أنا نأمل لها أن تعيش في سورية، البلد الذي نشأ فيه والداها".
يرى أمير أنّ الاعتقاد بأنّ للاسم تأثيراً على حياة صاحبه ليس دقيقاً جداً. يقول: "اسمي أمير وعشت طوال حياتي فقيراً.. لكننا محكومون بالأمل، وعلينا أن نتفاءل".
يبلغ بديع من العمر 14 شهراً. اسمه الكامل مطابق تماماً لاسم عمّه الذي لم يره بعد. يقول والده باسل: "حتى يوم ولادته كان اسمه ابراهيم على اسم والدي. قبل يومين من ولادته اعتقل أخي بديع على أحد حواجز النظام، كان هذا أسوأ خبر سمعته في حياتي، إنه أخي الأكبر والوحيد وهو ليس متزوجاً بعد. حين ولد طفلي كنت يائساً مكسوراً، حملته بين يديّ فأعاد إليّ الأمل. كان شعره أشقر كبديع. في تلك اللحظة قررت أن أسميه باسمه".
يضيف: "أذكر جيداً حين أخبرت والدتي باسم طفلي، وقفت وأمسكتني من يدي، وقالت لي: أخبرني الحقيقة هل مات بديع؟ لماذا تريد أن تسمي طفلك باسمه. قلت لها إنّ هذا لم يحدث، أريد فقط أن أشعر أنه ما زال إلى جانبي، وأسعده حين يخرج من المعتقل. لكنها أصرت أنّ هذا فأل سيء". يأمل باسل أن يرى طفله عمّه قريباً: "أريده أن يكون شجاعاً كعمه، ومثقفاً مثله".
من جهته، عاش ماهر في مدينة حلب طوال حياته. عايش الشاب الثورة السورية بكل تفاصيلها، وهو ما زاد ارتباطه بأرضه ووطنه. في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي ولدت طفلته الأولى، وأسماها شام. يقول: "سورية هي أرض الشام المباركة، أرضنا وأرض أهلنا وأجدادنا، نحبها ونعتز بها، وسنربي أطفالنا على حبها". يتمنى ماهر أن تكسب طفلته من اسمها "القوة، مثل أرض الشام المباركة. ما نريده يبقى أمنيات، لا أحد يعرف ماذا يخبئ لنا ولها المستقبل". يضيف: "لو أنّ شام ولدت قبل الثورة لكان لها اسم آخر ربما. لم يكن ليخطر على بالي هذا الاسم لولا الثورة".
في السنة الأولى للثورة السورية، قرر الصحافي السوري فتحي بيوض، وزوجته صفاء، أن يسميا ابنتهما الثانية حرية، بعدما أسميا طفلتهما الأولى سورية. ولدت حرية في الدوحة، في نوفمبر 2011، كانت التظاهرات المعارضة للنظام تعمّ جميع المدن السورية يومها، وهي تهتف بالحرية. علق بيوض أنه لو رزق بولد لأسماه "ارحل" وهي أيضاً من وحي هتافات الثورة ضد الرئيس بشار الأسد.
أما والدة حرية فأطلقت صفحة على فيسبوك باسم "طفلتي حرية ولدت في 22-11-2011"، وباتت تنشر فيها الانتهاكات التي تطاول أطفال سورية. ومع اقتراب عيد ميلاد حرية الثاني نشرت في الصفحة: "ما زالت طفلتي حرية إلى يومي هذا لا تملك ما يثبت وجودها. كل السفارات رفضت منحها جواز سفر وكلّ الدول الصديقة أبت أن تعطيها وثيقة سفر. ما زالت حرية من دون إثبات شخصية".
يسمي بعض الآباء أطفالهم بأسماء زعماء سياسيين، تعبيراً منهم على امتنانهم وتقديرهم لهم. يقدمون على هذا على حساب أطفالهم، الذين سيحملون هذه الأسماء إلى وقت لن يبقى هؤلاء الزعماء في مناصبهم، وربما لن يذكرهم أحد.
في أغسطس/ آب 2012 رزق اللاجئان السوريان في تركيا مجيد وناديا بمولود جديد، وقرّرا أن يسمياه بالاسم الكامل للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان. عاشوا جميعاً في مجمع المساكن الجاهزة في ولاية كيليس في جنوب تركيا. علق الزوجان على ذلك بالقول: "هذا شكر وتقدير منا لتركيا بخصوص استقبالها اللاجئين". أضافوا: "لو رزقنا بمولودة كنا سنسميها أمينة تيمناً باسم زوجة أردوغان".
في حادثة مماثلة، قرر اللاجئان السوريان مأمون الحمزة وتيما الهوار، اللذان كانا يسكنان في مركز للاجئين في مدينة دويسبرغ الألمانية، تسمية طفلتهما التي ولدت أخيراً باسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. اعتبر الزوجان ذلك رداً للجميل وتقديراً لميركل التي رحبت بالمهاجرين السوريين وقدمت الرعاية اللازمة لهم.
اقرأ أيضاً: نزوح حلب.. الكارثة تطال من كانوا صامدين