وأكد بيان لحركة "مجتمع السلم"، أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، أن "هذا التغيير الحكومي هو انقلاب أبيض على رئيس الحكومة السابق، وعلى برنامجه، والذي نص على فصل السياسة عن المال، والذي صادق عليه نواب الأغلبية، والتي منها رئيس الحكومة الجديد"، واعتبرت الحركة التي تمثل تيار الإخوان في الجزائر أن "تنحية عبد المجيد تبون بعد فترة وجيزة جداً من تعيينه ومصادقة البرلمان على برنامجه، واستبداله بأحمد أويحيى، تدل على تخبط النظام السياسي وفقدانه التوازن وسقوطه في ممارسات مؤسفة تدل على حالة التحلل التي رصدها كثير من الخبراء، وحذرت منها الحركة في وقت مبكر".
وقالت الحركة إن التغيير يؤكد على "سطوة رجال المال وتأثيرهم على القرار السيادي للدولة الجزائرية، ويبين أن التنافس على السلطة تحول إلى صراع ظلامي خطير على استقرار الدولة والمجتمع".
ووصفت الحركة التغيير الحكومي بأنه ضمن سياق سلسلة من "الانحرافات الخطيرة التي تعتبر نتيجة حتمية ولازمة للعنة التزوير الانتخابي وإبعاد الإرادة الشعبية والغياب المزمن
للديمقراطية، ويظهر من الأحداث التي انتهت بتنحية تبون بأن ثمة تأثيراً خارجياً للتأثير على القرار السيادي للدولة".
وفي السياق وصف حزب "جيل جديد" هذه التطورات بأنها "انقلاب ودليل واضح على حالة التحلل التي بلغتها الدولة في أعلى مستوياتها"، وجدد الحزب الذي قاطع الانتخابات البرلمانية الماضية مطالبته بالدعوة إلى تطبيق مضمون المادة 102 من الدستور، والتي تنص على شغور منصب رئيس الجمهورية، وتنظيم انتخابات برلمانية مسبقة.
واعتبر المتحدث باسم "حركة النهضة"، محمد حديبي، أن "ما يحدث دليل على وجود عبث كبير بمؤسسات الدولة"، وأن "تسيير الدولة يتم بطريقة عشوائية"، في إشارة إلى تعيين وإقالة وزير السياحة نهاية يونيو/ حزيران الماضي في ظرف يومين، ثم تعيين وإقالة رئيس الحكومة عبد المجيد تبون في ظرف شهرين ونصف الشهر، وشكك حديبي في أن "ما يجري الآن في الجزائر هو من صميم التدخلات الخارجية في الشأن الجزائري آخذاً بعداً آخر للتدخل".
بخلاف ذلك أعلنت أحزاب الموالاة عن مواقف باهتة تعيد نفس لغة دعم قرارات الرئيس بوتفيلقة، وأعلن المتحدث باسم التجمع الوطني الديمقراطي، صديق شهاب، أن "الحزب يدعم قرارات وخيارات الرئيس بوتفيلقة"، مشيراً إلى أن الأخير اعتمد على صلاحياته التي يخولها له الدستور لإقالة تبون وتعيين الأمين العام للحزب أحمد أويحيى رئيساً للحكومة، مشيراً إلى أنه يعتقد أن "سبب إقالة تبون يعود إلى قرارات عشوائية اتخذها خلال رئاسته للحكومة".
وعبر حزب تجمع "أمل الجزائر" الذي يقوده وزير الأشغال العمومية السابق عن دعمه لبرنامج الرئيس بوتفليقة وتوجهاته، مشيراً في تصريح لرئيس الحزب، عمار غول، أن الحزب حريص على دعم توجهات الرئيس بوتفيلقة.
وكان الرئيس عبد العزيز بوتفيلقة قد أنهى، عصر الثلاثاء، مهام رئيس الحكومة عبد المجيد تبون في أول يوم عمل بعد عودته من عطلته، وأفاد بيان للرئاسة الجزائرية بأن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة استعمل صلاحياته الدستورية وقرر إقالة تبون، من دون الإشارة إلى أية أسباب أو خلفيات تتعلق بذلك، وأكد البيان تعيين رئيس الديوان الرئاسي والأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي - الحزب الثاني للسلطة - أحمد أويحيى خلفا له، والذي يعود إلى نفس المنصب للمرة الرابعة في مساره السياسي منذ عام 1995، والثالثة في عهد حكم الرئيس بوتفليقة منذ عام 1999.
وزعمت الرئاسة أنها استشارت في هذا التعيين حزب جبهة التحرير الوطني باعتباره الحزب الذي يحوز على الأغلبية في البرلمان والحكومة، وفقاً لما ينص عليه الدستور، لكن هذه الاستشارة تظل محل شك سياسي وإعلامي، خاصة أن رئيس جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، كان قد أعلن قبل ذلك بيومين دعمه لحكومة تبون.
وتأتي إقالة تبون على خلفية صراع حاد بين تبون والكارتل المالي الذي يضم رجال المال والأعمال، بدءا من تبنيه حملة وصفها بالفصل بين السياسة والمال تهدف إلى الحد من تأثير سلطة ونفوذ رجال الأعمال في المشهد السياسي والاقتصادي، وإيفاد لجان تحقيق إلى مصانع تركيب للسيارات يملكها رجال أعمال قالت حكومة تبون إنها لا تحترم الشروط القانونية وتمارس الاحتيال. فضلاً عن سلسلة قرارات إعذارات وتهديد بسحب مشاريع بنى تحتية كانت تقوم بتنفيذها شركات مملوكة لرجال أعمال أبرزهم علي حداد صديق شقيق الرئيس بوتفليقة، والممول الأبرز للحملة الرئاسية في انتخابات عام 2014.
وكذلك قرار وقف استيراد سلع ومواد منتجة محلياً، وتسببت قرارات تبون في انتقادات حادة وجهتها له الرئاسة عبر مذكرة سربت إلى الصحافة، واتهمت الرئاسة تبون بالتحرش برجال الأعمال والقيام بحملة تشهير، وطالبته بالاحتكام إلى القانون والعودة إلى الرئاسة في القرارات المتعلقة بالخيارات السياسية والاقتصادية الكبرى.
وتتحدث بعض المصادر عن أن أسباب الإقالة تتعلق بلقاء اعتبرته الرئاسة الجزائرية خطيئة سياسية لا تغتفر بالنسبة لرئيس الحكومة الجزائرية مع رئيس الحكومة الفرنسية، إدوارد فيليب، عندما توقف في باريس في طريقة إلى مولدافيا حيث كان يقضي إجازته، من دون أن يستشير الرئاسة الجزائرية ويبلغها باللقاء في حينه.