أثينا تتجه لأخذ عضوية بنك "بريكس" للحصول على تمويلات

18 يونيو 2015
بوتين: إنها محنة حقيقية يا تسي (Getty)
+ الخط -
فيما تتطاير الاتهامات وتعلو الملاسنات بين أثينا وبروكسل، قالت مصادر غربية، أمس، إن رئيس الوزراء اليوناني، أليكسس تسيبراس، يتجه للتقدم لعضوية بنك التنمية الجديد لدول "بريكس"، للحصول على التمويلات التي تحتاجها أثينا بشدة لدفع المرتبات الحكومية والمعاشات في نهاية شهر يونيو/حزيران الجاري. وأسس بنك بريكس في أبريل/نيسان من العام الماضي برأس مال قدره 100 مليار دولار من قبل دول بريكس الخمس، وهي الصين وروسيا والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا.
وقبيل اجتماع وزراء مالية منطقة اليورو اليوم، قال مسؤولون أوروبيون إن شقة الخلاف بين رئيس المفوضية الأوروبية، جون كلود يونكر، ورئيس الوزراء اليوناني تسيبراس تتزايد، في إشارة إلى ضآلة إمكانية نجاح اجتماع بروكسل في التوصل لنتائج حول أزمة ديون اليونان.
ويشير خبراء بالشأن اليوناني في لندن إلى أن مصير تسيبراس أصبح يتأرجح بين مقصلتين، إحداهما معلقة في بروكسل والأخرى في أثينا. وبالتالي من الصعب أن يفلت من المشنقتين، إلا إذا واصل مشوار رفض حكومته لأية مقترحات أوروبية بشأن تسوية الديون، حتى وإن كان ثمن ذلك طرد اليونان من منطقة اليورو. ومن هذا المنطلق يفسر مراقبون هجوم تسيبراس العنيف على صندوق النقد الدولي، أمام أعضاء البرلمان اليوناني مساء الثلاثاء.
وفي بروكسل، اتهم يونكر الحكومة اليونانية يوم الثلاثاء بأنها تخدع الشعب اليوناني، ولا تعطيه معلومات صحيحة بشأن مقترحات الدائنين لحل أزمة الديون. من جانبه، قال تسيبراس إن صندوق النقد الدولي ارتكب جريمة في حق اليونان، وحمّله مسؤولية الأزمة الاقتصادية التي تعيشها اليونان حالياً. وقال تسيبراس في خطابه مساء الثلاثاء أمام البرلمان اليوناني إن المقترحات التي قدمها الدائنون، أي كل من صندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي، تعد إهانة لليونان.

وسط هذه الحرب الكلامية، واحتمالات طرد اليونان من منطقة اليورو، يعلق تسيبراس آماله على الرئيس فلاديمير بوتين الذي نصحه بتقديم طلب لانضمام اليونان إلى عضوية بنك التنمية لدول البريكس، من أجل الحصول على تمويلات عاجلة. وتشير مصادر غربية إلى أن رئيس الوزراء اليوناني الذي سيزور روسيا لحضور منتدى اقتصادي دولي خلال اليومين المقبلين، ربما يقدم طلب عضوية لبنك التنمية لدول البريكس.
وإذا حصل ذلك فستكون اليونان أول دولة من دول الاتحاد الأوروبي تصبح عضواً في بنك التنمية. ويسعى تسيبراس إلى استغلال مثل هذه العضوية للضغط على دول منطقة اليورو وإظهار أنه ليس معزولا، وأنه قادر على الحصول على أموال من خارج "عصابة الدائنين"، كما يحلو لفريقه الرادكالي تسمية الصندوق والمفوضية الأوروبية. ورغم أن بنك التنمية قد يقرض اليونان عشرات المليارات بشكل عاجل لتحقيق مآرب سياسية ضخمة، وربما مكاسب اقتصادية على المدى الطويل، ولكن السؤال المطروح هل ستنجح ورقة ضغط مثل هذه في لي ذراع المفوضية الأوروبية، للرضوخ لمطالب الحكومة اليونانية بإعادة جدولة الديون اليونانية البالغة 240 مليار يورو؟
أما الحل الآخر الذي تعرضه موسكو على أثينا فهو رسوم تعرفة الغاز. وهو حل مبني على حال نجاح خطة تصدير الغاز الروسي، عبر أنابيب نقل الغاز الروسي المقترحة عبر تركيا إلى اليونان، والتي تعرف بخطوط أنابيب "تركيش غاز". وكانت غاز بروم، قد قالت قبل شهرين إنها مستعدة لتقديم قرض بقيمة 5 مليارات يورو مقدماً لأثينا، في حال الاتفاق على معدل الرسوم بين أثينا وغاز بروم. ولكن يبقى هذا القرض رهينة لموافقة بكين على رفد غاز بروم بالسيولة التي تحتاجها، لأن غاز بروم تعاني من أزمة مالية في الوقت الراهن.

اقرأ أيضا: صندوق النقد يستعد لقلب الطاولة على اليونان

وتعيش الحكومة اليونانية أزمة مالية خانقة، وهي حقيقة باتت مفلسة، غير أن شهادة الإفلاس لم تحرر بعد بسبب عضويتها في منطقة اليورو. وستكون الحكومة اليونان أمام مأزق حقيقي نهاية الشهر الجاري في دفعيات تتعلق بالمرتبات الحكومية والمعاشات. وهي بنود لا تحتمل التأجيل. وكانت في السابق تستدين من البنوك المحلية ، ولكن البنوك التجارية في اليونان امتنعت عن شراء سندات الخزانة اليونانية في أعقاب تحذير وجه من المركزي الأوروبي.

ومنذ تأزم المفاوضات بين بروكسل وأثينا توقفت حتى الأموال الطارئة التي كان يقدمها البنك المركزي الأوروبي، للحفاظ على سيولة المصارف. كما قال مصرفيون في لندن إن سحوبات المودعين من الحسابات المصرفية في اليونان تواصل الارتفاع، وسط توقف البنوك المحلية والمستثمرين الدوليين عن شراء سندات الخزانة اليونانية، رغم معدل الفائدة المرتفع؛ والذي وصل أكثر من 24% الذي تمنحه الحكومة اليونانية.
في هذا الصدد، حذر البنك المركزي اليوناني أمس من أن البلاد ستسير على "طريق مؤلم" صوب التخلف عن السداد، والخروج من منطقة اليورو إذا عجزت الحكومة ومقرضوها الدوليون عن التوصل لاتفاق على تقديم مساعدات، مقابل إجراء إصلاحات. وذلك حسب رويترز.
وذكر البنك أن من المرجح أن يتباطأ اقتصاد اليونان في الربع الثاني من العام الحالي، وأن الأزمة الحالية أدت إلى خروج ودائع بقيمة نحو 30 مليار يورو (33.84 مليار دولار) من البنوك اليونانية في الفترة بين أكتوبر/تشرين الأول وأبريل/نيسان.
وقال المركزي اليوناني في تقرير بهذا الخصوص "عدم التوصل لاتفاق سوف... يمثل بداية طريق مؤلم يؤدي في البداية إلى تخلف اليونان عن السداد ثم في النهاية إلى خروج البلاد من منطقة اليورو، وعلى الأرجح من الاتحاد الأوروبي".
وأضاف "التوصل لاتفاق مع شركائنا واجب تاريخي لا يمكننا تحمل (تبعات) تجاهله".
ويرى تسيبراس أن حكومته يمكنها التوصل لاتفاق مع الدائنين في حال تنازلوا عن بعض المطالب، ومنها خفض المعاشات التقاعدية. ولكن هذه أمنيات، يقابلها من الجانب الألماني رفض قاطع بقبول أي تراجع عن شروط الإصلاح الاقتصادي الكامل، مقابل الإفراج عن أقساط تمويلات برنامج الإنقاذ.
وكان تسيبراس قد أوضح خلال حواره مع صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية، يوم الثلاثاء، أن بلاده قريبة من الاتفاق مع الدائنين حول موضوع الفائض الأولي في الموازنة خلال السنوات القليلة المقبلة. وأشار إلى ضرورة وجود "موقف إيجابي" لإيجاد مقترحات بديلة لتخفيض معاشات التقاعد، أو فرض تدابير الركود.

اقرأ أيضا: تسيبراس: الدائنون يسعون إلى "إذلال" الحكومة اليونانية
المساهمون