تناولت أخيراً تقارير عديدة الشرطة البريطانية مشيرة إلى الفساد المتفشي فيها، واللامساواة بشكل عام. وتحت عنوان "الحقيقة الصادمة لفساد الشرطة في بريطانيا"، نشرت مجلة "ذي سبيكتاتور" البريطانية تقريراً في السابع من مارس/آذار الماضي، تناولت فيه تفاقم المشكلة عوضاً عن العمل على حلّها. وقد تحدّث عن "استخدام الشرطة سلطتها ليس فقط في وجه المجرمين، وإنما أيضاً لكبح أي شخص يتجرّأ على انتقادها"، مضيفاً أن "الشرطة التي كانت في يوم تقدّم الخدمة الفضلى على مستوى العالم، مهدّدة بالانحلال".
وكانت شرطة العاصمة قد تعرّضت لانتقادات حادة من جرّاء نشرها إعلاناً تطلب فيه من أي شخص يرغب في الانضمام إليها، إتقان لغة ثانية. ويأتي ذلك كمحاولة لزيادة عدد الضباط المتحدثين بإحدى اللغات المنتشرة في العاصمة البريطانية لندن. وجاء في الإعلان: "على الرغم من قدرة ضباط الشرطة على القيام بواجباتهم بفعالية من دون الحاجة إلى التحدّث بلغة ثانية، إلا أن مهارة التحدّث بلغة ثانية مسألة أساسية لمساعدة أنفسهم وزملائهم في العمل بشكل أفضل والانخراط في المجتمع البريطاني المتعدّد الأطياف". بالتالي، "ابتداءً من الاثنين 20 يوليو/تموز 2015، يشترط من المتقدّمين للالتحاق بشرطة العاصمة أن يتحدّثوا إلى جانب اللغة الإنجليزية واحدة من الأربع عشرة لغة المذكورة أدناه: يوروبا (نيجيريا)، العبرية، العربية، الهندية، البنجابية، الإيطالية، الألمانية، التركية، اليونانية، الإسبانية، البولندية، البرتغالية، السينهالية (سريلانكا)، البنغالية".
تجدر الإشارة إلى أنه حين سعى مفوّض في الشرطة يدعى برنارد هوغان - هو إلى توظيف ما نسبته 40% من الضباط من المجتمع الأسود والأقليات الإثنية، نجح 18% منهم فقط في تلبية المعايير المطلوبة للوظيفة، وذلك بعد صدور شروط جديدة في مارس/آذار الماضي.
في السياق، أشار تقرير صادر عن "جمعية شرطة لندن ولجنة الجريمة" في ديسمبر/كانون الأوّل 2014، إلى أنّ نسبة الضباط السود والآسيويين والأقليات الإثنية الأخرى لم تتجاوز 11% من أصل 40% من سكّان لندن، وذلك قبل الإعلان عن الشروط الجديدة. أما نسبتهم الحالية فتبلغ 12%.
من جهته، قال المتحدّث باسم شرطة العاصمة إنّ الشروط المطلوبة ما زالت قيد الاختبار، واستقطاب العدد اللازم يعتمد على مدى نجاحها. وأوضح أن اللغات العديدة في لندن، تؤدي أحياناً إلى عجز الضحية أو الشهود العيان وغيرهم عن التحدّث بالإنجليزية بطلاقة. وبهدف تلبية حاجات اللندنيين، أضيف شرط اللغة. وثمّة كلام عن أن خلف هذه الشروط الجديدة للانضمام لشرطة العاصمة، أهدافاً غير ظاهرة لتقليص اللامساواة بين أفراد الشرطة من أصول بريطانية بيضاء وغيرهم من المتحدرين من إثنيات مختلفة، أو للقضاء على الفساد والتمييز العنصري الذي ظهر أخيراً.
ويأتي ذلك بعدما أوقف نحو 50 من ضباط شرطة العاصمة و26 موظف بتهم فساد في العامين الماضيين، تشمل جرائم متعلّقة بالمخدرات والرشوة والسرقة والاحتيال وسوء الأمانة وسوء السلوك الجنسي والإفصاح عن معلومات غير مصرّح بها، بحسب تقرير (من 1 إبريل/نيسان 2013 إلى 31 مارس/آذار 2014) صادر عن مفتشية صاحبة الجلالة. ولفت التقرير إلى أنّ التهديد الأكبر يكمن في علاقات غير لائقة تربط أعضاء الشرطة بصحافيين أو محقّقين خاصين أو مجرمين.
وقد بلّغ التقرير عن 419 حالة اعتبرتها المفتشية مرتبطة بالفساد وغير مطابقة للمعايير المهنية لقسم شرطة العاصمة، في حين نتج عن تلك التحقيقات طرد 69 من الضباط والموظفين.
إلى ذلك، كان ضبّاط شرطة قد استحدثوا صفحة "فيسبوك" للتعبير عن وجهات نظرهم العنصرية تجاه الأقليات الإثنية. وهو ما أدّى إلى بدء تحقيق حول الأمر.
تحفّظ عن الإجابة
حاولت "العربي الجديد" الاتصال بمكتب إعلام شرطة لندن للسؤال عن إمكانية التحاق مزيد من الشباب البريطاني من خلفيات عرقية مختلفة إلى السلك، مع صدور شروط جديدة تقول بإجادة لغة ثانية. طلب المتحدّث التواصل عبر البريد الإلكتروني، ليكتفي بإرسال البيان الصحافي الذي سبق ونُشر حول شروط الالتحاق.
اقرأ أيضاً: شرطة لندن تتستر على استغلال برلمانيين للأطفال جنسياً