أبو البدائل

06 اغسطس 2015
لم أر خيراً قط في مصطلح "البديل" (Getty)
+ الخط -
لم أر خيراً قط في مصطلح "البديل".. كلمة بديل علقت في ذهني بالرخيص من الفن حين طرح البعض "فناً بديلاً"..


وتمثلت بالفوضى حين طرح رواد الانترنت نشاطهم كـ"إعلام بديل".. وبالقسوة حين نتعلق بالعقل كبديل للقلب..
انظر لعلبة شامبو أمامي مكتوب عليها بديل الزيت!.. ولماذا ليست بالزيت نفسه ولماذا لا يكون الفن نفسه أو الإعلام نفسه..

حقاً أتساءل لماذا نريد البديل ولماذا نطلبه؟
أليس البديل نفاقاً صريحاً وأنانية..؟ فعندما نختلف مع الآخر نوجد دائماً نسخة في عقولنا لما نريد ونفرضها بديلاً عن الحوار والنقاش مع فكرة الآخر الأصلية فنهدم كل ما قال ونبني صروحاً جديدة بحجة أن بديلنا أحدث وأفضل.

استمراء فكرة البديل انتجت لنا مصطلحات بديلة آخرها كان الوطن البديل واكتشاف ناسا للكوكب شبيه الأرض والذي أسماه الطموحون بالرحيل "بديل الأرض".

إلا أن الغريب في مجتمعنا ذي البدائل أنه مهما كنت مهماً وفاعلاً تكتشف دوما أن لك بديلاً حاضراً عنك يقوم بدورك إلا أن كنت حاكماً للعرب.. هؤلاء لا بديل لهم إلا أولادهم.. ونوافق مغلوبين..

يظهر هذا السلوك المجتمعي في المدراء الجدد حين يأتي كل منهم ليهدم ما أنجز سابقه ويبدأون جميعاً من الصفر ليأتي من بعده ثم من بعده بنفس الطريقة.. ونستمر نلهث خلف الواحد الكامل ولا نحصل إلا صفراً جديداً في كل مرة.

ثقافة النقص في المجتمع العربي تذكرني ببعض الإسلاميين الباحثين عن المجتمع المثالي الوهمي وإن سعى له كثيرون منهم بإخلاص محاولين إيجاد بديل عن كل ما هو موجود ليخلصوا إلى صناعة وتربية شعب داخل شعب، هي فئة تحاول صناعة معاييرها العالية في عقولهم والناقصة في الواقع لانفصالها عن كل فئات المجتمع المتكونة طبيعياً وتمركزها داخل "مجتمع إسلامي" مثالي مرتقب منذ خمسين عاماً أو أكثر أنتجت نماذج مثل الفوطة الإسلامية والقدس بوك واليوتيوب الإسلامي في فترة معاندة الواقع.

ولا أنسى في هذا المقام صديقي "أبو البدائل" الذي اشترى سيارته الغالية وشبهها في لحظة نشوة بالمرسيدس.. وشغل أغنية لمن صوته كأنه صوت كاظم الساهر.. يومها صُدم حين سألته ولماذا لا تشتري المرسيدس نفسها وتسمع كاظم نفسه.. لماذا تعيش على الشبيه البديل وإن كلفك السعر ضعف الأصيل.. فباعها حين انتبه!.

ازرع في الأصيل يثمر فما البديل إلا هاجس العاجزين..
أما أبعدهم عن قلبي فهو "المواطن البديل" نعم إنه المصطلح الذي أتى بذلك الإسرائيلي البديل هذا الغريب المنعم في وطني وأنا المُشرد الأصيل.

(فلسطين)
دلالات
المساهمون