أبرز 5 مواقع سورية للنظام تستهدفها المعارضة في حماة

28 مارس 2017
احتدمت معارك أرياف حماة أخيراً (غيث السيد/الأناضول)
+ الخط -

تتواصل المعارك في ريف حماة الشمالي بين الفصائل المسلحة وقوات النظام السوري الساعية بعد أيام من المعارك التي حققت خلالها قوات المعارضة مكاسب هامة على الأرض، إلى استيعاب الصدمة، والقيام بهجمات معاكسة بالاعتماد على سلاح الطيران، خصوصاً الروسي، مع وصول الاشتباكات إلى النقاط الصعبة، التي تتمترس فيها قوات النظام منذ سنوات وعملت على تحصينها بشكل جيد. وتبرز خمسة مواقع أساسية تمثل أهم تلك النقاط.

بلدة قمحانة
عقب سيطرة فصائل المعارضة على مدينة معردس في ريف حماة الشمالي، باتت على أبواب بلدة قمحانة، الموالية للنظام السوري. وتبعد قمحانة 6 كيلومترات شمالي مدينة حماة، وإلى الشرق منها يقع جبل زين العابدين الاستراتيجي. تحدّ البلدة من الشمال مدينة طيبة الإمام، وفيها ستة أودية هي: وادي الطحانة، والغربي، وجحا، والميدات، وحرسين، ووادي سوار، الذي يحدها من الجهة الشمالية الغربية. تشتهر البلدة بمنطقة الدفّاعي، على اسم الناعورة الأكبر فيها، إلى جانب ناعورتي المرديشة والناصرية. وتنتشر على أطرافها عشرات المنشآت الصناعية، مثل معمل الحديد ومعامل الزيوت، إضافة إلى معاصر الزيتون وتغليف الحبوب وبعض معامل الصناعات الغذائية. يبلغ عدد سكان قمحانة حوالي 17 ألف نسمة، ويصل عددهم إلى 25 ألفاً مع المزارع التابعة لها، مثل أرزة الشرقية وقصيعية وبلحسين والجرابيات وزور الناصرية وزور أبو زيد.

ومع بدء الثورة السورية شارك عددٍ من أبناء البلدة في أولى التظاهرات ضد النظام داخلها وفي مدينة حماة، وبعضهم قاتل ضد النظام، إلا أن النسبة الأكبر أيدت النظام، بل وتشكلت قوات من أبنائها للقتال إلى جانبه. كما توزع العشرات من أهلها على حواجز مدينة حماة، وأبرزها حاجز السباهي، عند مدخل المدينة من الجهة الشمالية. وهذا الواقع جعلها في حالة عداء مع المدن المجاورة بسبب أعداد الشبيحة من أبنائها الذين انتسب عشرات منهم إلى قوات "الدفاع الوطني".

ويقطن بعض أهالي مقاتلي المعارضة في الحارة الغربية من البلدة، وعند أي محاولة من قبل المعارضة لاقتحام قمحانة، يتم احتجاز أقربائهم وأخذهم كرهائن من قبل المليشيات لاستخدامهم كدروع بشرية، كما حصل عندما تمكنت المعارضة من دخول قمحانة في الشهر السابع لعام 2014.

خلال زيارة السفير الأميركي روبرت فورد لحماة، في يوليو/ تموز عام 2011، منع أهالي البلدة المتظاهرين من الريف الشمالي من العبور إلى مدينة حماة للمشاركة في التظاهرة التي أعلن عنها آنذاك، ما أدى إلى صدامات مع أبناء المناطق المجاورة، تدخلت على أثرها قوات الأمن وحسمت الأمر لصالح الشبيحة في البلدة، بعد اعتقال المناوئين للنظام من أبنائها. ثم عاودت اقتحام البلدة في فبراير/ شباط 2012، مكرّسة البلدة كمعقل للموالين وللشبيحة الهاربين من المناطق الأخرى المناوئة للنظام، وهو ما أدى إلى نزوح الكثير من العائلات عن البلدة. وقد أذكى النظام فكرة أن "البلدة موالية له"، بهدف توسيع الفجوة بينها وبين البلدات المجاورة، عبر بث دعايات وشائعات عن عمليات انتقام جرت بحق أبناء البلدة من جانب البلدات المجاورة.




وتضم البلدة اليوم العديد من المليشيات الموالية للنظام، مثل مليشيا الدفاع الوطني، ومليشيا "نسور الزوبعة"، الجناح العسكري للحزب السوري القومي الاجتماعي، لكن دورهما تراجع لصالح مليشيا "لواء الفاطميون"، التي استلمت زمام الأمور في البلدة، ويتم استخدامها بأعداد كبيرة في خطوط الدفاع الأولى عن البلدة. كما تتواجد مجموعات تابعة لحزب الله ومجموعات أخرى تسمى "الطراميح" تتبع مباشرة للعقيد الموالي للنظام سهيل الحسن. وتمت تسميتهم بهذا الاسم نسبة لوائل الصالح، أحد معاوني سهيل الحسن والذي قتل في ريف حلب، كان سهيل الحسن لقّبه بالطرماح، وبعد مقتله تمت تسمية عدد من المجموعات التابعة له بالطراميح.

ومن الناحية العسكرية، فقد تم تحصين البلدة خلال الفترات الماضية بشكل جيد للوقوف في وجه مقاتلي المعارضة الذين حاولوا اقتحامها غير مرة، ولتكون مرتكزاً لقوات النظام في بيئة غير صديقة له. وتتلقى البلدة دعماً نارياً من القلعة العسكرية المجاورة لها والمتمثلة في جبل زين العابدين، فضلاً عن طبيعة تضاريسها المعقدة والوديان والهضاب المحيطة بهان ما يصعّب من مهمة أية قوة مهاجمة لها، ويجعلها خط الدفاع الأول عن مدينة حماة.

جبل زين العابدين
يقع جبل زين العابدين، في ريف حماة الشمالي، إلى الشمال من مدينة حماة، ويبعد عنها 6 كيلومترات، ويبلغ ارتفاعه حوالي 620 متراً، ويطل مباشرة على الأوتوستراد الدولي الذي يربط حماه بإدلب وحلب. تختلف الروايات حول هوية الشخص المدفون في هذا الجبل، والذي يقصد الجبل بسببه بعض المصطافين. ووفق بعض الروايات، فإن ذلك الشخص هو زين العابدين بن علي، أي ابن الإمام علي بن أبي طالب، كان من الذين خرجوا من كربلاء بعد أن أصابه مرض، ووصل إلى هذا الجبل، وأقام فيه حتى مماته. لكن لا يوجد دليل علمي وتاريخي على صحة هذه الرواية.

ويعتبر الجبل من أعلى النقاط في الريف الشمالي لحماة، ويمكن منه كشف مدينة حماة بشكل كامل، إضافة لمساحة كبيرة في مختلف الجهات، لذا يعد النقطة الأكثر استراتيجية في المنطقة. ووفقاً لمصادر عدة، فإن الجبل يضم مجموعتين للقصف، الأولى في قمته تتضمن مدافع ميدانية وراجمات صواريخ روسية، مع وجود معلومات بأنه يحتوي على صواريخ قصيرة وربما متوسطة المدى يتم إطلاقها على الشمال السوري. وتقع المجموعة الثانية في سفحه، وهي عبارة عن راجمات صواريخ، مع معلومات عن احتوائه على مخازن لغاز الكلور، الذي يستخدمه النظام في قصف المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.



كما يضم عشرات الآليات الثقيلة ومخازن الأسلحة، ومستودعات المحروقات، التي تحوي كيروسين، وبنزين، وديزل، والكحول الإيتيلي الذي يستخدم لتنظيف الدبابات. وتقول المعلومات أيضاً إن فيه قاعدة عسكرية لحزب الله منذ عام 2012. ويعتبر الجبل النقطة الرئيسية التي تحمي مواقع النظام في مدينة حماة ومطارها العسكري. والسيطرة عليه تعني السيطرة على الأوتوستراد الدولي، ومنع قوات النظام من كشف مساحات واسعة من الريف الشمالي لحماة، حيث تحركات قوات المعارضة السورية، ما يمنح المعارضة القدرة على التحرك بحرية كبيرة.

ويرى خبراء عسكريون أن السيطرة على الجبل تعني سقوط ريف حماة الشرقي ومدينة حماة عسكرياً، إضافة إلى معمل البحوث العلمية في حماة، الذي يشرف عليه الحرس الثوري الإيراني. وكانت قوات المعارضة قامت بمحاولات سابقة عدة للسيطرة على الجبل، لكنها انتهت بالإخفاق. وقبل نحو عامين، أدت هذه الثكنة دوراً محورياً في إفشال الهجوم الضخم الذي شنه مقاتلو المعارضة عام 2014، ووصلوا خلاله إلى تخوم مطار حماة العسكري، حيث تم الاعتماد حينها على محور خطاب الزوار بلحسين، الأمر الذي حوّل قوات المعارضة إلى صيد سهل للراجمات والمدفعية الموجودة في الجبل. وجرت محاولة أخرى للسيطرة عليه العام الماضي لكنها باءت بالفشل أيضاً.

والسيطرة على الجبل تعد المقدمة الضرورية للسيطرة على الجبل الآخر الهام أيضاً، ولو بدرجة أقل وهو جبل كفراع، الذي يوصف بأنه بمثابة القرن الآخر لحماة، وإذا أمسكت المعارضة بقرني المدينة، يسهل عليها السيطرة على الجسد.

مطار حماة
الموقع العسكري الثالث الهام في حماة هو مطارها العسكري الذي يشكل حداً لها من الجهة الغربية ويفصل المدينة عن ريفها الغربي. تبلغ مساحة المطار حوالي 7.3 كيلومترات مربّعة. يحتوي المطار على مدرج إسفلتي واحد، يبلغ طوله 2783 متراً وعرضه 45.5 متراً وعدة مهابط للمروحيات، ويقع على ارتفاع 309 أمتار عن سطح البحر.

ويُعدّ المطار أحد أهم مراكز النظام العسكرية في سورية، خصوصاً في المنطقة الوسطى، التي تضم محافظتي حماة وحمص. ووفقاً لمعطيات عدة، يُعتبر المطار المركز الأول لصنع البراميل المتفجرة في سورية، والمسؤول عن قصف عشرات المدن السورية في حماة وحمص وإدلب. ويضمّ المطار عدداً كبيراً من الآليات العسكرية والأسلحة، التي تخرج منه على شكل أرتال لدعم مناطق المعارك في ريف حماة وإدلب وحتى ريف اللاذقية. ويُعدّ أيضاً قاعدة لانطلاق الصواريخ بعيدة المدى، إضافة لكونه النقطة الأساسية لانطلاق الطيران الحربي. كما يضمّ المطار بداخله مبنى وإدارة فرع الاستخبارات الجوية في حماة، وفيه معتقل كبير للمدنيين الذين يقدّر عددهم بالآلاف.



ووفقاً لإحصائيات قام بها ناشطون، يسجل مطار حماة حوالي 50 طلعة جوية في اليوم الواحد، 30 منها على ريف حماة، إضافة إلى إطلاق الصواريخ على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة ساعات عدة يومياً. وبسبب تحصينه من جميع الجهات واتصاله مع الريف الغربي الموالي، إضافة إلى الكم الهائل الذي يحويه من الأسلحة الثقيلة والذخائر، يقوم مقاتلو المعارضة باستهدافه من بعيد بالصواريخ. ومن المتوقع أن يكون الهدف الأصعب أمام مقاتلي المعارضة إذا ما تسنّى لهم الوصول إلى تخومه، ومحاولة اقتحامه. يُضاف إلى ذلك، وجود آلاف المعتقلين الذين يحتجزهم النظام في المطار والذين يخشى مقاتلو المعارضة من عمليات انتقامية بحقهم في حال حاولوا اقتحام المطار.

مدينة حماة
تعدّ مدينة حماة الرابعة من ناحية السكان في سورية بعد دمشق وحلب وحمص. تقع على نهر العاصي وسط البلاد، وهي مركز محافظة حماة. ترتفع عن سطح البحر حوالي 270 متراً، ويبلغ عدد سكانها نحو مليون نسمة، وتبعد عن العاصمة دمشق 210 كيلومترات، وعن مدينة حلب 135 كيلومتراً. وقد عمل النظام خلال السنوات الماضية على تحصين المدينة التي شهدت أيضاً حضوراً قوياً لكل من إيران وروسيا بهدف تحويل المدينة إلى ثكنة عسكريةٍ كبيرة ومحصّنة من جميع المحاور.

وفي إطار هذا التحصين، جرى استخدام اللواء 47 لتحصين المدينة من الجهة الجنوبية، ومطار حماة العسكري لتحصينها من الجهة الغربية، والمكننة الزراعية، التي تم تحويلها إلى ثكنة عسكرية، لتحصينها من الجهة الشرقية، بينما يحمي المدينة من الشمال جبل زين العابدين.



وداخل المدينة نفسها، حوّل النظام أماكن عدة إلى ثكنات عسكرية وأماكن تمركزٍ لعناصره، منها مديرية الفستق الحلبي الواقعة في حي غرب المشتل، ونادي الفروسية في حي الملعب البلدي، ومدرسة الحاسوب في حي القصور، والدفاع المدني في حي طريق حلب، وعشرات المواقع الأخرى.

وفي سعيه لتعزيز سيطرته على مدينة حماة، جلب النظام أنصاره للسكن فيها، وخصص أجزاء من مشاريع البناء في بعض أحياء حماة لمن يدعوهم عائلات وأبناء الشهداء، بينما تشن أجهزته الأمنية حملات اعتقال منتظمة تستهدف الشبان في المدينة بهدف سوقهم إلى الخدمة العسكرية أو دفعهم إلى الهجرة خارج المدينة والبلاد، مع ملاحقة أقارب "المطلوبين" لديها بهدف دفعهم للمغادرة أيضاً.

وتضمّ المدينة آلاف النازحين إليها من قرى وبلدات المحافظة التي تهدمت منازلها، أو أنها تشهد اشتباكات بين قوات النظام والمعارضة، فضلاً عن نازحين من المدن الأخرى، ما جعل من تبقى من أبناء المدينة، ومعظمهم كبار في السن، يشعرون بأنهم غرباء في مدينتهم ولا يشكلون أية خطورة على النظام.

ويتحكم في المدينة بعض المتنفذين ممن تربطهم صلات بالأجهزة الأمنية للنظام وبالقائد العسكري لدى النظام سهيل الحسن والمقربين منه، والذين يعيثون فساداً في المدينة، ويمارسون عمليات خطف وسرقة وابتزاز أثارت حتى حفيظة بعض مجموعات الشبيحة الآخرين.

اللواء 47
يقع اللواء 47 جنوب المدينة على طريق حماة حمص، على السفح الشمالي لجبل الأربعين، مسيطراً على مئات الكيلومترات من الأراضي الزراعية الخصبة، محولاً إياها إلى أراضٍ بور. وتقول مصادر المعارضة السورية إن "اللواء يضمّ حقولاً وقاعات للتدريب، وحقول رمي مشاة ودبابات ومضاد دبابات، وحقول تدريب رياضة ومعسكرات، وهو مركز هام لإيران والنظام، ولا سميا أنه يقع في كان مرتفع خارج المدينة". ويشير العميد المنشق أحمد بري، إلى أن "البطولات الحقيقية للواء 47 دبابات، ظهرت بشكل حقيقي في عام 1973، عندما قامت ثورة في حماة ضد إعلان الدستور في عهد حافظ الأسد، لكن اللواء فشل أمام العدو الصهيوني في العام نفسه، ولم يثبت ساعات خلال حرب تشرين".

ويلفت بري إلى دور رئيسي للواء خلال مجزرة حماة في عام 1982، حين "كانت مدفعيته تقصف المدينة من مكانها، في حين اقتحمت دباباته وعرباته وجنوده المدينة، وتحول مقر اللواء إلى سجن للمدنيين ومقر للتعذيب والقتل". ويشير إلى أنه "بعد تدمير حماة، تحول اللواء في أعقاب غزو إسرائيل للبنان إلى هناك، إلا أنه لم يستطع الدخول إلى المعركة، ودمّر معظمه على الطريق بواسطة الطائرات الإسرائيلية. وما أن بدأت الثورة عام 2011 حتى انتشر اللواء، وبدأ بقمع المتظاهرين، وجعل المقر قاعدة لإيران وحزب الله عبر ضرب وتعذيب المتظاهرين".

المساهمون