سيكون أول اجتماع حكومي في ظل الرئيس الجديد، إيمانويل ماكرون، يوم الأربعاء القادم، 17 مايو/أيار، وهو ما يعني أن رئيس الحكومة الجديد سيكون معروفا قبل هذا التاريخ، وأيضا أعضاء حكومته.
لا يعرف الفرنسيون اسمَ رئيس الحكومة الجديد حتى الساعة، وإن كان مقرَّبون من ماكرون يعرفونه، ومنهم فرانسوا بايرو، الذي كادَ ظهورُ القائمة الأولى من مرشحي حركة "الجمهورية إلى الأمام"، والتي تضمنت عدداً أقل مما كان ينتظر من أنصاره، أن يعصفَ بتحالفه مع إيمانويل ماكرون.
ومنذ بضع أسابيع تحدّث الكثير من المراقبين عن اسم إدوارد فيليب. وهو النائب البرلماني وعمدة مدينة هافر عن حزب "الجمهوريون" اليميني، والمقرّب من ألان جوبيه منذ سنة 2002، بعد أن مرّ خلال سنتين بالحزب الاشتراكي.
وقد عرفه الجمهور الفرنسي العريض خلال حملة الرئاسيات، من خلال مقال أسبوعي له في صحيفة ليبراسيون عن الحملة الانتخابية. فقد فضَّل العمل الصحافي على المشاركة في حملة فرانسوا فيون، التي لم تُغرِه بشيء، خاصة بعدما هزم مرشَّحه ألان جوبيه، وانتشار فضائح المرشح اليميني.
ومما يعزز فُرَص إدوارد فيليب، العلاقات الحسنة التي ربطت بين فرانسوا بايرو وألان جوبيه، ولا تزال. ومن هنا فإن اختيار رئيس حكومة يميني لفرنسا، تحت حكم رئيس "يساري" و"وريث فرانسوا هولاند"، كما يُصر اليمين كله على وصفه، رغم مقت رئيس الجمهورية الجديد لهذا الوصف وتحبيذه وصف "التقدمي، الذي لا ينتمي لليسار ولا لليمين"، سيكون عامل ثقة كبيرا لكل الذين انضموا إلى حركة "الجمهورية إلى الأمام" من اليمين. وهو أيضا نوع من التوازن يجب على الرئيس الجديد أن يحافظ عليه، في ظل استقطاب حاد لم تعرفه فرنسا من قبل.
وتبقى حظوظ هذا المقرب من جوبيه كبيرةً، وخصوصاً أن ثمة غزلا مشتركا بين جوبيه وماكرون، الذي امتدح في جوبيه "رجل الدولة". وهو ما قد يفسّر أيضا إعلانَ فرانسوا بايرو، زعيم حزب الموديم، وقياديين في حركة "الجمهورية إلى الأمام"، أن العلاقات الودية عادت إلى سابق عهدها.
وإلى جانب إدوارد فيليب، الذي لا يُخفي وجود بعض القرابة السياسية والأيديولوجية مع ماكرون، حين صرّح قبل سنة أن إيمانويل ماكرون يتقاسم معه 90 في المائة من الأشياء، توجد مجموعة أخرى من الأسماء يستطيع ماكرون أن يختار واحدا منها رئيسا لحكومته، التي يريدها مستقرة حتى بعد نتائج الانتخابات التشريعية.
ويجيء هنا اسم جان-لويس بورلو، الوزير اليميني السابق، والذي لا يزال يحظى بشعبية كبيرة، وهو المنهمك في مشروع ضخم لإيصال الكهرباء إلى عموم أفريقيا. وكان بورلو قد أعلن قبل أسبوعين، في صحيفة لوجورنال دي ديمانش، عن استعداده لدعم الرئيس الجديد بشتى الوسائل.
وفي حال أراد الرئيس الجديد اختيار امرأة للمنصب، فإنه يستطيع أن يستفيد من خدمات سيلفي غولارد، التي ساندته في الساعات الأولى بعد إعلان ترشحه، والتي تمتلك تجربة كبيرة في الاتحاد الأوروبي.
كما يستطيع أن يحقق ضربة كبيرة بتعيين القيادية في حزب "الجمهوريون" ناتالي كوسيسكو موريزي، وهي من أنصار "تشبيب" الطبقة السياسية في فرنسا، كما يأمل الرئيس. كما أنها من أشد المعادين لأطروحات اليمين المتطرف، وسبق
لها أن ألّفت كتابا ضد حزب "الجبهة الوطنية"، وكانت من أشد السياسيين الفرنسيين حماسا في نصرة ماكرون في الدورة الثانية.
وقد يميل ماكرون إلى اختيار ريشارد فيراند، وهو من أشد المقربين إليه وفاءً، ومن أوائل من التحق بحركة "فرنسا إلى الأمام"، ولكن العائق، هنا، هو كونه يتحدر من الحزب الاشتراكي. وسيكون تعيينه رسالة غير مفهومة من قبل ناخبي اليمين والوسط، يمكن أن تزرع البلبلة وبعض الاحتقان.
وفي هذه المجموعة المصغرة التي يمكن للرئيس أن يختار من بينها، يوجد أيضا جان-بول ديلفوي، المسؤول عن التعيينات في حركة ماكرون، والذي يعتبر بلا جدال مهندس الأغلبية الرئاسية القادمة للرئيس الفرنسي.
وديلفوي قادمٌ من اليمين، الذي قام بعزله بعد أن صوّت سنة 2013 لصالح المرشح الاشتراكي لعمدة "بابوم" في منطقة "با-دي-كاليه". وإذا كان تعيينه يمكن أن يفيد من حيث توجيه رسائل إيجابية إلى ناخبي اليمين، الذين لا يوافقون على برنامج "الجمهوريون"، إلّا أن عمره، 70 سنة، يمكن أن يشكل عائقا كبيرا أمام الرئيس الشاب.
وأخيرا، لا يمكن إغفال القيادي في "الجمهوريون"، برونو لومير، الذي خسر في انتخابات اليمين والوسط الفرعية بشكل مهين، على الرغم من تقديمه لبرنامج طموح لتشبيب الطبقة السياسية وتجديدها. ولا يخفي هذا السياسي رغبته في العمل إلى جانب الرئيس الجديد، كما لا يخفي استعداده لتولي منصب رئاسة الحكومة، في إطار "إعادة تكوين الخريطة السياسية في فرنسا"، أي تقريبا ما يدعو إليه الرئيس إيمانويل ماكرون.