أبداً.. لن تكسروا إرادتنا

28 مايو 2015
لن تكسروا إرادتنا مهما تجبّرتم ومهما قتلتم
+ الخط -

لن تكسروا إرادتنا مهما تجبّرتم ومهما قتلتم وحتى لو مات عبد الرحمن سيخرج آلاف عبد الرحمن، بتلك الكلمات الثابتة الواثقة، والتي تمتزج فيها مشاعر الحزن والألم والوحشة بمشاعر الإصرار والعزيمة والإيمان بالله ونصرة الحق، بتلك الكلمات ختمت أم الشهيد عبد الرحمن سيد كلمتها المريرة، والتي أبكت الملايين خلف التلفاز.


عبد الرحمن سيد هو واحد من ستة من خيرة الشباب الذين نفذ بحقهم حكم الإعدام في القضية المعروفة إعلامياً بـ (عرب شركس)، ولم تكن كلمات هذه الأم الثكلى فقط هي التي أبكت الملايين، بل هناك خمس من الأسر المكلومة والتي ارتفعت مع كلماتها آهات الظلم وزغاريد عرس الاستشهاد.

هذه الصورة المؤلمة تعكس معاناة المصريين منذ الانقلاب الغاشم، ومدى تجبر مؤسسات الفساد التابعة له، وفي المقابل أيضاً تعكس الصورة الأخرى الأكثر إصراراً والأكثر عزيمة والأكثر تحدياً على مواصلة مشوار الثورة الذي بات صعباً ولكنه أبداً لم يكن بالمستحيل، بتلك الروح التي أبداها أهالي وذوو الشهداء.

فثورة الخامس والعشرين من يناير التي طالبت بإسقاط النظام كانت تعني إسقاط مؤسسات الفساد والاستبداد والاستعباد، لكنها لم تستطع هذا الفعل نظراً لاستئناسها أمام إرادة العسكر، فتماهت معها الثورة أملاً في إصلاح تدريجي، وحرصاً على كبرياء المؤسسة العسكرية والحفاظ على كينونتها وقدرتها القتالية والحفاظ على الوطن، لكن أبت قيادات المؤسسة العسكرية أن يكون للثورة إرادة أو حتى مشاركة في الحكم، وأصرت على المواجهة مع الثورة بشتى الوسائل، وبدعوى مواجهة الإرهاب، وهي الحجة الجاهزة التي تستخدمها المؤسسة للقضاء على المعارضين، واستخدام القمع المبرر بعد فشلها في إقناع المصريين بذريعة الطائفية.

فها هي المؤسسة العسكرية تسقط المؤسسات الموالية لها بأيديها، فقد سقطت مؤسسة الإعلام بوابل من الأكاذيب والترويج للرئيس "الإله"، والمشروعات الوهمية، ومؤسسة الداخلية تسقط كعادتها في اختبار الفرصة الأخيرة بمنتهى الصلف والغرور.

آلاف القتلى بالرصاص الحي والخرطوش، ومئات القتلى بشتى أشكال وألوان التعذيب، واغتصاب الحرائر، وامتهان كرامة المواطن، مما أفقد المواطن الأمن والأمان والاستقرار.

وأما عن المؤسسات الدينية فحدّث ولا حرج، الأزهر والكنيسة، والذين يتوارون خلف عمامة وصليب، شجعوا ووافقوا وبرروا إزهاق الأرواح من دون أي وازع روحي أو أخلاقي أو إنساني.

أما السقوط المهين والمدوي والمخيب للآمال فكان للمنظومة القضائية من النيابة العامة إلى الهيئات القضائية، فالقضاة كلمة الله على الأرض، ووكلاء العدل عن الرب، والذين يحكمون باسم الله وباسم الشعب.



هؤلاء استخدمهم العسكر أداة قتل واعتقال مشروعة، مستغلين ضعف نفوسهم، والحرص على مكتسباتهم من واسطة ومحسوبية وتوريث، فقتلوا المئات باسم القانون وسجنوا الآلاف باسم القانون وبرأوا القتلة والفاسدين باسم القانون.

فأبشري يا أم عبد الرحمن ويا كل أم شهيد، القصاص آتٍ لا محالة، فقد تهاوت مؤسسات الدولة وأوشكت على السقوط ولم يبق سوى اصطفاف الثوار للانقضاض الأخير ويوم الحساب.

(مصر)

المساهمون