أعلنت إدارة مهرجان "كانّ" السينمائي الدولي أنها ستمنح جائزة "السعفة الذهبية الشرفية" للممثل الفرنسي آلان ديلون (8 نوفمبر/ تشرين الثاني 1935)، في افتتاح الدورة الـ72 (14 ـ 25 مايو/ أيار 2019)، "لتكريم حضوره المهيب في تاريخ الفنّ السابع"، كما جاء في بيان صادر عن الإدارة نفسها، أشار أيضًا إلى أن ديلون "ينتمي بكلّيته إلى السينما، وإلى أجمل أعمالها وأساطيرها".
وسبق آلان ديلون في الحصول على هذه الجائزة سينمائيون عديدون، أمثال جانّ مورو وودي آلن وبرناردو برتولوتشي وجاين فوندا وكلينت إيستوود وجان ـ بول بلموندو ومانويل دو أوليفييرا وأنييس فاردا وجان ـ بيار ليو: "يُعبِّر مهرجان "كانّ" عن سعادته وفخره بموافقة الممثل الأسطوري في "الفهد" للوتشينو فيسكونتي (السعفة الذهبية، 1963) على منح المجتمع (السينمائي) الدولي له التكريمات كلّها". وقال المندوب العام للمهرجان، تييري فريمو، أنه ورئيس المهرجان بيار لسْكور سعيدان بهذه الموافقة، فديلون "تردّد كثيرًا (قبل الموافقة عليها)، هو الرافض مرارًا هذه "السعفة الذهبية"، لأنه يُقدِّر أن مجيئه إلى "كانّ" مرتبط فقط بالاحتفال بمخرجين عمل معهم".
ووصف بيان إدارة المهرجان الممثلَ المُكرَّم بأنه "وحش مُقدَّس، وأسطورة حيّة، وأيقونة كونية". في اليابان مثلاً، هو مُبجَّل، ويُسمّونه أيضًا "ساموراي الربيع". له أكثر من 80 فيلمًا، وعدد لا يُحصى من الروائع، التي تؤكّد على "المكانة الفنية والهالة الدولية لرجل مُكتَشَف في "شمس كاملة" (1960)". والفيلم موصوف بأنه "بولار"، لكنه أيضًا "قصيدة غنائية عن الجمال الوقح للممثل". المخرج رينيه كليمان "ابتكر"، في فيلمه هذا، آلان ديلون، الذي قيل فيه حينها إنه "ألماسة خام"، وكان يومها في الخامسة والعشرين من عمره فقط.
منذ ذلك الحين، ظهر ديلون في أفلامٍ عديدة، أصبحت لاحقًا من "كلاسيكيات السينما". المُسافر في الـ"فيلموغرافيا" الخاصّة به، يبدو كأنه يحيا مُجدّدًا في أجمل لحظات تاريخ السينما المعاصرة. فهو عمل مع كبار السينمائيين، أمثال مايكلأنجلو أنتونيوني ولوتشينو فيسكونتي وجان ـ بيار ملفيل وجوزف لوزي وجان ـ لوك غودار وجاك دوري؛ ورافق نجومًا كبارا أيضًا، أمثال جان غابان وبيرت لانكستر وإيف مونتان وعمر الشريف ولينو فانتورا، كما ضمّ بين ذراعيه أعظم الممثلات، كميراي دارك ورومي شنايدر وكلوديا كاردينالي وأورسولا أندرسن ومونيكا فيتّي.
في سيرته المهنيّة، مزج ديلون الشرطَ الفني بالنجاح الشعبي. هو بطل شبّاك التذاكر، كما في "بورسالينو" (1970) لدوري و"الدائرة الحمراء" (1970) لملفيل، من دون أن يبتعد أبدًا عن سينما المؤلّف. عام 1964، أنتج L’Insoumis لآلان كافالييه، ثم انتقل إلى وراء الكاميرا، مُخرجًا فيلمين بوليسيين: Le Battant عام 1983 وPour La Peau D’un Flic قبله بعامين: "مغناطيسي عند فيسكونتي، وغامض في "بولار" ملفيل وفرنويل، اتّخذ آلان ديلون دائمًا خيارات قوية، متخلّيًا سريعًا عن موقعه كممثل أول وسيم، ليُكرّس نفسه لشخصيات معقّدة ومتضاربة ومأساوية وهشّة وخشنة وهائجة، مُشكّلاً (صورة مختلفة) لرجل الشرطة قليل الكلام، أو للوحش ذي الدم البارد"، كما في بيان إدارة مهرجان "كانّ". أما "الساموراي" (1976) لملفيل، فمصدر إلهام كبير لجون وو وكوانتن تارانتينو. فيه، بدا ديلون "أنه هو الفيلم"، بفضل ما لديه من جاذبية ونظرة وتوتّر.
حكايته مع مهرجان "كانّ" بدأت في الوقت نفسه مع مهنته. في 13 مايو/ أيار 1961، كان أول "صعود" له على "السجادة الحمراء" الخاصّة بالمهرجان، لتقديم Quelle Joie De Vivre لكليمان (الاختيار الرسمي): "صعودٌ موسومٌ بحماسة كبيرة، حيث اختلط المصوّرون الصحافيون بمئات المعجبين". بعد مرور 30 عامًا، كانت الحماسة نفسها عند وصوله الاستعراضي بطائرة هليكوبتر، ثم بواسطة باخرة، لتقديم "الموجة الجديدة" (1990) لغودار. بين الحدثين، هناك "الكسوف" (1962) لأنتونيوني و"الفهد" (1963) لفيسكونتي و"السيّد كلاين" (1976) للوزي: "هناك أمور كثيرة منّي في هذا الفيلم"، كما قال مؤخّرًا لسامويل بلومنفيلد ("لو موند" الفرنسية). أضاف: "حبّي للّوحات، هذه العلاقة الملتبسة مع الناس، هذا النوع من الألاعيب حيث أكون "السيد كلاين" من دون معرفة السبب. أن أكون (السيّد كلاين) وألا أريد أن أكونه، في الوقت نفسه".
جاء آلان ديلون إلى "كانّ" مرارًا. مَنَح "السعفة الذهبية" لآخرين، وشارك في احتفال الذكرى الـ60 لتأسيس المهرجان (16 ـ 27 مايو/ أيار 2007)، ودعم أعمال ترميم أفلامٍ عزيزة عليه من أجل "كلاسيكيات كانّ". في الأعوام الأخيرة، ظهر أيضًا على خشبة المسرح مع ابنته آنوشكا. اليوم، يقول آلان ديلون إنه لم يعد يريد تصوير أفلام. لكنه يتأسّف على أمر واحد فقط "أفتقده وسأظلّ أفتقده دائمًا"، وهو: "أنّ أمثّل في فيلمٍ تُخرجه امرأة".