آلاف النساء معنّفات في الأردن

25 نوفمبر 2019
ربما تعرضت للعنف (فاليرا شاروفيلين/ Getty)
+ الخط -
تتعرّض آلاف النساء الأردنيات للعنف، وتظهر بعض هذه الاعتداءات من خلال الإحصائيات الرسمية للجهات المعنية، فيما تظل غالبية الحالات خلف جدران الصمت، بسبب الثقافة المجتمعية الذكورية السائدة في المجتمع، التي تتيح للذكور ضرب النساء والسيطرة على خياراتهن والتحكم بحياتهن، على الرغم من ارتفاع عدد الفتيات المتعلّمات في المجتمع الأردني.

ووصل عدد النساء والفتيات المعنفات اللواتي راجعن مكاتب الخدمة الاجتماعية بإدارة حماية الأسرة إلى 6965، منها 4527 تتعلق بالبالغات و2438 بالقاصرات، وذلك منذ بداية العام الحالي وحتى الآن، بحسب إحصائية لوزارة التنمية الاجتماعية، تهدف إلى تسليط الضوء على ما تتعرض له المرأة في اليوم العالمي للقضاء على العنف ضدها. وتشير الوزارة، في بيان على لسان مدير مديرية الأحداث والأمن المجتمعي محمود الهروط، إلى أنّ إجمالي ما تعاملت معه مكاتب الخدمة الاجتماعية للنساء والأطفال من حالات عنف بلغ 9035، منها 4527 تتعلّق بنساء بالغات و4508 تتعلق بأطفال، منها 2070 واقعة على ذكور و2438 واقعة على إناث.

من جهته، يقول المجلس الأعلى للسكان، في بيان، إن البيانات الوطنية أظهرت ازدياداً ملحوظاً في نسب العنف ضد المرأة عما كانت عليه في مسح السكان لعام 2012. ويلفت المجلس إلى أن نتائج مسح السكان والصحة الأسرية لعام 2017 ــ 2018، أظهرت أن 21 في المائة من النساء اللواتي سبق لهن الزواج وأعمارهن ما بين (15 ــ 49 عاماً)، تعرضن لعنف جسدي مرة واحدة على الأقل منذ كنّ في الخامسة عشرة من العمر، و14 في المائة تعرضن لعنف جسدي خلال الـ12 شهراً السابقة للمسح.



ويرى المجلس أن ضعف المشاركة الاقتصادية للمرأة التي لا تتجاوز أكثر من 16 في المائة من معدل النشاط الاقتصادي من الممارسات المجحفة بحق النساء والفتيات والعنف ضدهن في الأردن.

بدورها، تؤكد جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن"، في بيان، أن النساء الأردنيات ما زلن يواجهن تحديات بسبب العنف القائم على النوع الاجتماعي. لذلك، فإن من المهم إعداد استراتيجية وطنية لتغيير الصورة النمطية للنساء المبنية على الهيمنة الذكورية، بمشاركة كل الجهات المعنية وعلى كافة المستويات، وتعزيز العمل على مكافحة كل أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، وتشجيع النساء للتخلي عن ثقافة الصمت على العنف والإبلاغ عنه، وبناء قدرات وتدريب جميع العاملين من متخصصين اجتماعيين وضابطة عدلية وأعوان القضاء، والقضاء على كيفية التعامل مع قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي.

وتشير الجمعية إلى أن تعزيز وحماية حقوق النساء والفتيات والقضاء على العنف ضدهن سيعود بالفائدة المالية على الأردن الذي ينفق ملايين الدنانير لتقديم الخدمات الصحية للنساء المعنفات، وتأمين الرعاية الاجتماعية والإيوائية، وتقديم المعونات النقدية للنساء، خصوصاً اللواتي يعلن أسرهن. كما ويفقد الأردن ملايين أخرى بسبب عدم قدرة النساء والفتيات المعنفات على القيام بأدوارهن داخل منازلهن أو في أماكن عملهن.

وتؤكد "تضامن" أن الحلول الذكية والجدية ضمن الرؤية المستقبلية للاقتصاد الأردني تتطلب وضع الحد و/أو القضاء على العنف ضد النساء والفتيات على سلم الأولويات، وإن تجاهل ذلك وما ينتج عنه من استمرار لهدر أموال عامة وخاصة سيشكل عقبة هامة ورئيسية أمام النمو الاقتصادي الأردني.

وترى "تضامن" أن الحاجة أصبحت ملحة وضرورية للوقوف على الكلفة الاقتصادية الفعلية للعنف ضد النساء والفتيات، إذ إن كلفتها تصل إلى نحو 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.  وصل عدد جرائم القتل الأسرية بحق النساء والفتيات منذ بداية عام 2019 إلى 21 جريمة، وبارتفاع نسبته 200 بالمائة مقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2018، حيث وقعت 7 جرائم قتل أسرية بحق النساء والفتيات خلال أول 10 أشهر من عام 2018، وفقاً للرصد الذي تقوم به "تضامن" للجرائم.



وتشير "تضامن" إلى أنه من بين كل 100 زوجة، فإن 26 زوجة تعرضت للعنف الجسدي أو الجنسي أو العاطفي من قبل أزواجهن. في المقابل، فإن من بين كل مائة زوج، فإن واحداً منهم تقريباً تعرض للعنف الجسدي من قبل زوجته، الأمر الذي يدعو إلى نبذ العنف ضد الذكور والإناث على حد سواء، مع التأكيد على أن ما تتعرض له الإناث أضعاف ما يتعرض له الذكور، ما يرتب آثاراً جسدية ونفسية واجتماعية تلازمهن مدى حياتهن.

وتؤكد "تضامن" أن النساء لا يملكن خيارات ولا تتاح أمامهن الفرص للنجاة من العنف الأسري ما لم يتخلصن من ثقافة الصمت، وما لم تتحمل الجهات المعنية مسؤولياتها الكاملة في الوقاية والحماية والعلاج والتأهيل وعلى كافة المستويات التشريعية والإجرائية والإيوائية، وعلى مستوى السياسات في المجالين الخاص والعام.

واستقبلت إدارة حماية الأسرة 11923 حالة وقضية خلال عام 2018، وشكلت الحالات ما نسبته 47 في المائة وبعدد 5640 حالة تمت إحالتها إلى مكتب الخدمة الاجتماعية، وأحيل 17 في المائة منها إلى الحكام الإداريين، في وقت شكلت قضايا الاعتداءات الجسدية ما نسبته 22 في المائة، والاعتداءات الجنسية 14 في المائة من مجموع الشكاوى والحالات التي وردت للإدارة، كما جاء في تقرير إنجازات مديرية الأمن العام لعام 2018 الذي نشر أخيراً.
وتحتفل الجمعية العامة للأمم المتحدة باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة في الخامس والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام. واختارت هذا العام الاحتفال ضمن عنوان "العالم البرتقالي: جيل المساواة يقف ضد الاغتصاب".
المساهمون