آشوريون سوريون ينزحون إلى لبنان خوفاً من "داعش"

18 مارس 2015
آشوريون في إيران يتظاهرون ضد تنكيل "داعش" (فرانس برس/GETTY)
+ الخط -



تركت فرانسي يعقوب منزلاً كبيراً جديداً مليئاً بالمؤن، وهربت إلى لبنان بعد هجوم تنظيم الدولة الإسلامية على بلدتها الآشورية في شمال شرقي سورية، وهي اليوم تعيش مع ابنها وزوجها وآخرين في منزل صغير لا تملك ثمن إيجاره.

في حي الآشوريين في منطقة سد البوشرية شرق بيروت تستعيد المرأة الخمسينية، وهي تنتظر دورها لتلقّي مساعدات من هيئة غير حكومية أميركية لبنانية، تفاصيل الهروب تحت القذائف من تل نصري في محافطة الحسكة منتصف الأسبوع الماضي. وتقول: "تركنا البيت مليئاً بالأغراض. لماذا علينا أن نقف على باب الكنيسة؟" لتلقي المساعدات.

وتضيف بتأثر "خرجنا بثياب النوم، حفاة (...) لم نعرف من أين كان يأتي القصف. لم يكن أمامنا إلا الهرب، لأن أولادنا هم الأهم".

وفرانسي لاجئة من بين نحو 300 آشوري قدموا إلى لبنان منذ مطلع الشهر الحالي. وتجمع عدد كبير منهم في دار المطرانية الآشورية في سدّ البوشرية ظهر أمس الثلاثاء؛ للحصول على مساعدات وزعتها "هيئة الدفاع عن المسيحيين" (آي دي سي) وشملت أربعة آلاف عائلة كلدانية من العراق وآشورية من سورية.

ودفع هجوم تنظيم الدولة الإسلامية في 23 فبراير/شباط الماضي على منطقة الخابور آلاف الآشوريين إلى النزوح. وتمكن التنظيم من السيطرة على 11 قرية آشورية خطف منها 220 شخصاً، أفرج في وقت لاحق عن عدد منهم. ولا تزال منطقة تل تمر ذات الغالبية الآشورية تشهد معارك بين قوات آشورية وكردية من جهة، والتنظيم الجهادي المتطرف من جهة أخرى.


ويقول المسؤول في المطرانية الخور أسقف يترون كوليانا: "قرى الخابور اليوم فارغة إلا من بعض المقاتلين"، مشيراً إلى أن 75 عائلة نزحت من المنطقة إلى لبنان الذي يضم أقلية آشورية وحيث للبعض صلات قربى.

وبحسب الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان، تعرضت القرى الآشورية التي استولى عليها تنظيم الدولة الإسلامية لعمليات نهب وسلب منظمة، ذاكرة في تقرير نشرته أخيراً أن "شاحنات من نوع قاطرة ومقطورة شوهدت وهي تغادر عدداً من البلدات الآشورية (...)، محملة بالمفروشات والمقتنيات والأدوات المنزلية، وغيرها مما تم الاستيلاء عليه من منازل النازحين".


وكان عدد الآشوريين الإجمالي في سورية قبل الحرب حوالي ثلاثين ألفاً من 1.2 مليون مسيحي، ويتحدرون بمعظمهم من القرى المحيطة بنهر الخابور في الحسكة، وأكبرها تل تمر التي تضم أحياء يسكنها عرب وأكراد.

ويقول سمعان (50 عاماً) القادم من بلدة تل هرمز "هجرونا من قرانا، أخذوا منازلنا ولم يبق أحد. لم يبق لنا شيء. دمروا الكنسية وفجروها في اليوم التالي لقدومهم، ثم بدأوا بالمنازل، وحالياً الله أعلم".

ويضيف بغضب "كل العالم، من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وروسيا والدول، يتحمل مسؤولية ما حصل، بدأوا (تنظيم الدولة الإسلامية) في الموصل، دمروا آثارنا، ثم انتقلوا إلى سورية، دمروا الحضارة بالكامل والعالم يتفرج علينا".

وعن وضعه الحالي، يقول الرجل: "من يعيش على المساعدات كيف يكون مرتاحاً؟".

ويقول إبراهيم جاجاغورو (45 عاماً) المتحدر من بلدة أم غرقان إنه يعيش مع والدته وزوجته وأولاده في منزل شقيقه المقيم في لبنان، مشيراً إلى أنهم أحضروا معهم من سورية "بعض الحقائب التي وضعنا فيها الأغراض المهمة فقط". ويبدي الرجل مخاوفه قائلاً "لا أفكر بالعودة إلى بلدتي. ربما يهجمون علينا".

وتقول فرانسي يعقوب التي تقيم عائلتها مع عائلة أخرى من خمسة أفراد في منزل واحد، "قيمة الإيجار بين 500 إلى 600 دولار، ونحن نموت جوعاً. أطلب من اللبنانيين أن يخفضوا الإيجارات لا نريد إلا تيسير أمورنا".

ورفض معظم الموجودين في باحة الكنيسة التواصل مع وسائل الإعلام، بسبب استمرار احتجاز أقارب لهم لدى تنظيم الدولة الإسلامية، وأيضا بسبب الشعور "بالذل" لاضطرارهم إلى تلقي مساعدات، وهو أمر لم يعتادوا عليه من قبل.

ويقول ألكسي مكرزل، ممثل هيئة الدفاع عن المسيحيين "العالم لا يولي هذه الجماعات التي هجرت قسراً القدر الكافي من الاهتمام، والدول تتغاضى عن هذه المأساة". في حين يدعو كوليانا "شعبنا الآشوري الموجود في لبنان اليوم ألا يتوجه إلى السفارات، وأن تبقى العودة إلى الخابور في فكره لأن الخابور أرضنا".

ويقول رجل رفض الكشف عن هويته بمرارة "أنتظر الحصول على لجوء مع عائلتي إلى أستراليا".

اقرأ أيضاً: الجزيرة السوريّة: الآشوريون يدخلون على خط المواجهة