آخر عجلات الاقتصاد الفرنسي تعود للدوران

11 يونيو 2020
خسائر كبيرة تكبدتها فرنسا من الإقفال (فرانس برس)
+ الخط -
يستعيد الاقتصاد الفرنسي، اليوم، النشاط في آخر قطاعاته المتوقفة عن العمل بهدف الحد من وباء كورونا، حيث تعيد المطاعم والمقاهي والفنادق فتح أبوابها، بعد أكثر من شهرين من الإغلاق، وذلك مع دخول البلاد ثاني مراحل الخروج من العزل الصحيّ.

ولم يدم طويلاً التفاؤل بعودة عجلة القطاعات هذه إلى الدوران، حيث عكّره إعلان وزير الاقتصاد برونو لومير، صباح اليوم الخميس، أنّ الحكومة تتوقع أن يصل الركود الاقتصادي هذا العام إلى 11%، بعد أن كانت تتحدث، حتى الآن، عن ركود بنسبة 8%.
ويكشف تصريح لومير عن أنّ الأزمة الاقتصادية التي تشرف البلاد على دخولها، لم يكشف عن كلّ معالمها بعد، بل إنها تأتي على دفعات متتالية، ما يتطلب التعامل معها بنفس طويل وبتوقّع أن "الأسوأ ما يزال أمامنا"، بحسب تعبير الوزير.
كلام لومير لا يبدو غريباً لأرباب العمل والمشتغلين في قطاع المطاعم والفنادق، الذي يعد، مع القطاع السياحي، أكثر القطاعات الاقتصادية تأثراً بوباء كورونا وبالعزل الصحي، حيث وصل الانخفاض في نشاطه إلى 90%، حتى منتصف إبريل/ نيسان الماضي، بحسب أرقام "المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية". ولمعرفة عمق الأزمة التي يواجهها هذا القطاع، يكفي التذكير بأنّ متوسط النقص في النشاط الاقتصادي في فرنسا، بلغ حتى الفترة ذاتها 36%.

وقد تقدم أكثر من 62 ألف صاحب مطعم ومقهى وفندق بطلب دعم حكومي، متمثل بقرض تكفله الدولة، وبلغت المساعدات المقدمة أكثر من 6 مليارات يورو. وبحسب "بنك الاستثمارات العامة"، فإنّ استعادة النشاط في هذا القطاع ستراوح ما بين 30 و85%، حتى نهاية العام، ما يعني أن أزمته قد تستمر حتى العام المقبل على الأقل.

ورغم التوقعات الاقتصادية المخيفة والخسائر التي بدأت بالظهور، بدا الاقتصاد الفرنسي متماسكاً نوعاً ما في الشهور الثلاثة الأولى من الأزمة الصحية، التي فتحت فيها الحكومة الباب واسعاً على مختلف أنواع الدعم للشركات، من القروض حتى صناديق التضامن، مروراً بإلغاء الضرائب لبعض الشركات وليس انتهاء بتحمل نفقات البطالة الجزئية التي سبّبها العزل واضطرار الفرنسيين للبقاء في منازلهم.
لكن هذا الصمود لم يدم طويلاً، حيث بدأت الحكومة بتخفيف الدعم، وبدأت آثار الأزمة بالظهور في سوق العمل، مع إعلان مصنّع السيارات "رينو" تسريحات بالآلاف، أواخر الشهر الماضي. ويتوقع الخبراء أن تشهد المطاعم والفنادق موجة خاصة بها من التسريحات، في الأيام القليلة المقبلة، وهو أمرٌ لم تخفه وزيرة العمل الفرنسية موريل بينيكو، في حوار صحافي أجرته معها صحيفة "ويست فرانس"، اليوم الخميس.
وبحسب دراسة لمنصة التوظيف "ستاف مي"، فإنّ 22% من أرباب العمل في فرنسا يتوجهون لتسريح عمال في الأسابيع والشهور المقبلة، في حين أنّ 20% من مجموع العاملين والموظفين في البلاد قد يخسرون عملهم.
وما ينطبق على المطاعم والفنادق، ينطبق على قطاع السياحة المتوقف بشكل شبه كلي، والذي تسعى الحكومة إلى إعادة تدوير عجلته في أسرع وقت، باعتباره مورداً أساسياً من موارد البلاد، حيث يمثل، وحده، أكثر من 7% من إجمالي الناتج المحلي، ويدرّ على الاقتصاد المحلي أكثر من 170 مليار يورو سنوياً، مع تقديمه وظائف، بين موسمية ودائمة، لنحو مليوني شخص.

وقد أعلنت الحكومة خطة بـ18 مليار يورو لدعم القطاع، تهدف إلى "إنقاذ الموسم السياحي"، الممتد من الربيع حتى نهاية الصيف. وتشمل الخطة تدابير عدة، من بينها دعم "السياحة الاجتماعية"، أي سياحة الفرنسيين داخل بلدهم، في ظل غياب أعداد كبيرة من السياح الأجانب، وكذلك تمديد إمكانية الاستفادة من صندوق التضامن حتى نهاية العام للشركات العاملة في السياحة، إضافة إلى إعفائها من المساهمات الاجتماعية الخاصة عن الأشهر الثلاثة الماضية.
وفي وقت ما تزال فيه الأجواء الفرنسية، والأوروبية، مغلقة على الرحلات القادمة من خارج القارة، تضغط الحكومة الفرنسية، على الصعيد الأوروبي، لفتح الحدود بين الدول الأعضاء في منطقة شنغن، بحلول منتصف يونيو/ حزيران الجاري، ما يسمح بتنشيط السياحة بين هذه البلدان.
وتتوجه المفوضية الأوروبية إلى تنظيم السياحة بين البلدان الأعضاء على أساس الوضع الصحي فيها، حيث سيجري تسهيل التنقلات بين سكان تلك البلدان بناء على هذا الأساس.

المساهمون