آثار "أبو مينا" بالإسكندرية

20 ابريل 2017
توفي القديس مينا في أواخر القرن الثالث (Getty)
+ الخط -
على حافة الصحراء الغربية، وعلى مسافة 120 كم من الإسكندرية غرباً، تقع منطقة "أبو مينا" الأثرية، وهي عبارة عن مدفن ومركز مسيحي ومزار مسيحي في مصر له أهميته منذ العصور الوسطى. أدرجت اليونسكو المنطقة عام 1979 ضمن قائمة التراث العالمي، بعد اكتشافها عام 1905 على يد عالم آثار ألماني يدعى كوفمان، ويسمى الموقع في المراجع الغربية بميناس الإسكندرية.
توفي القديس مينا صاحب المزار في أواخر القرن الثالث أو أوائل القرن الرابع الميلادي، والوثائق العائدة للقرن الخامس الميلادي، لا تظهر خلافات كثيرة في كيفية دفنه، والرواية المشهورة والمتداولة تقول إن جسده أُخذ من الإسكندرية على ظهر جمل اقتيد إلى الصحراء لما بعد منطقة بحيرة مريوط، وهي بحيرة مالحة جنوب الإسكندرية، ثم في نقطة محددة رفض الجمل مواصلة السير رغم كل المحاولات معه. وقد عدّ المرافقون ذلك علامة على الإرادة الإلهية في دفن الجثمان عند هذه البقعة بالتحديد.
وتضيف الروايات أن موقع القبر الذي يحوي الجثمان طواه النسيان، حتى اكتشفه أحد الرعاة المحليين بالمنطقة، فقد أراد الله أن يكشف مكان القديس مينا، وكان هناك الراعي الذي الذي يجوب المنطقة بقطيعه من الغنم، وكانت إحدى غنماته المصابة بمرض القوباء قد تسللت لتلك البقعة وغمست نفسها في مياه النبع الصغير الموجود قرب القبر وتدحرجت على الرمال بعد خروجها من الماء، فبرئت من المرض في الحال!
لما رأى الراعي ما حدث لغنمته تعجب، وأحس أن هذا المكان يحوي معجزة ما، فأخذ من تراب المكان المحتوي على القبر، ومزجه بالماء، ورشه على قطيع الغنم الذي كان يعاني كله من الوباء، فشفي على الفور والتئمت جراحه. واعتاد الراعي على فعل ذلك في جميع الأحوال، فانتشر الخبر وجاء المرضى للمكان، وكان الشفاء من نصيبهم.
بلغت أخبار الراعي والنبع والمنطقة لأسماع، قسطنطين الأول، الذي سارع بإرسال ابنته المريضة للراعي ليعالجها، ويرجع الفضل للأميرة في اكتشاف جثة ميناس، ثم أمر قسطنطين ببناء كنيسة في الموقع، وبحلول أواخر القرن الرابع الميلادي أصبحت الكنيسة والمنطقة محجاً كبيراً للساعين للشفاء.
وكعادة ما يحدث في الأماكن المقدسة بكل الديانات، بيعت القوارير المسماة بقوارير ميناس، والتي تحتوي على نوع خاص من الطين على شكل أمبولات صغيرة للحجاج للتبرك بها، كما بيعت حاويات للماء المقدس من نبع المنطقة، والزيت المستخرج من أشجار البقعة المقدسة، وانتشرت الأيقونات التي تصور القديس مينا، وراجت على نطاق واسع جداً في منطقة غرب البحر الأبيض المتوسط. وبتاريخ يرجع لحوالي القرن ونصف قبل الفتح الإسلامي لمصر؛ كانت المنتجات والأيقونات تباع بثمن بخس رغم قيمتها المعنوية الكبيرة لدى المسيحيين في ذلك العصر.


المساهمون