تعيش الحرب الإعلامية المسلطة من قبل دول الحصار ضد قطر، حالة فشل مستمرة، منذ بدء الأزمة، نظراً لفقدان عدالة القضية، مع تصدي الصحافيين السعوديين المغمورين لها.
لكن القشة التي قصمت ظهر البعير وأكدت قلة حيلة الطرف المحاصِر، هو إعلان إعلاميين رياضيين سعوديين محسوبين على النظام، عن قناة تسمى باسم كيو آوت قطر (Q OUT QATAR) وهي قناة رياضية تهدف، بحسب القائمين عليها، إلى كسر ما أسموه احتكار مجموعة قنوات "بي إن سبورت" الرياضية تغطية الدوريات والبطولات العالمية.
لكن المتابعين السعوديين فوجئوا بأن هذه القناة المزعومة ما هي إلا قرصنة لحقوق بث قنوات "بي إن سبورت" على الإنترنت، مع إخفاء شعار مجموعة القنوات القطرية وإبداله بشعار القناة الوهمية الجديدة، وطلب دفع مبلغ "زهيد" سنوياً نظير هذه القرصنة.
وأثارت "فضيحة" حادثة القرصنة ومحاولة الالتفاف على حقوق بث "بي إن سبورت" الشرعية، حالة سخرية وسخط واسعة في أوساط الشارع الشبابي الرياضي السعودي الذي يعيش حالة من الإحباط، في ظل قرار السلطات السعودية حجب قنوات "بي إن سبورت" ومعاقبة كل من يقوم بتشغيلها بالسجن، واكتشافه أن الوعود التي أطلقها سعود القحطاني (مخطط السياسات الإعلامية في السعودية) حول كسر احتكار "بي إن سبورت" في بداية الأزمة ما هي إلا وعود زائفة، في ظل ارتباط القناة القطرية بعقود مع الشركات الإقليمية والعالمية لنقل البطولات الأوروبية والعالمية.
واستغلت وسائل الإعلام السعودية فترة توقف الدوريات في بداية حصار قطر لتطلق وعوداً "وهمية" حول تأسيس شبكة قنوات رسمية تسمى PBS SPORT، بعد تحالف مزعوم مع قنوات أبوظبي، لكسر سيطرة القناة القطرية على البطولات، لكن هذه الوعود تبيّن زيفها مع اقتراب موعد ابتداء البطولات من جديد.
وأدت حالة السخط العارم ضد القرصنة وحجب "بي إن سبورت"، ومحاولة استغلال جيوب المواطنين السعوديين ليقوموا بالدفع لخدمة "مسروقة"، إلى قيام صحيفة الرياض (إحدى أكبر صحف البلاد)، بحذف تغريداتها التي تروج للقناة، كما قام عدد من الحسابات الشهيرة والمحسوبة على الديوان الملكي السعودي بحذف تغريداتها حول الموضوع أيضاً.
واعترف الإعلامي الرياضي عبد العزيز المريسل بأن القناة ما هي إلا مشروع قرصنة، إذ قال: المواطنون الأبطال سيقومون بقرصنة كاملة على "beinsport" وسيبثّون جميع المحتوى على قناة "beoutQ" بثاً فضائياً، وبعد أسبوعين من الآن ستنزل رسيفرات (أجهزة استقبال) beoutQ في السوق، ولن يكون هناك بث عبر الإنترنت، كما أشيع، بل بث فضائي".
وأكد خبراء تقنيون أن القنوات ما هي إلا قرصنة عادية على الإنترنت، وستتعرض لعدد من قضايا الحقوق الفكرية التي لا يمكن التسامح معها في أي دولة في العالم، وأن البث الفضائي هو مجرد وهم يطلقه المرسل، كما أن تطبيقات القناة المزعومة على متجر آبل وغوغل تعرضت للحذف على الفور بسبب مخالفتها حقوق البث.
وتراجعت الإمارات عن قرارها، حجب قنوات "بي إن سبورت"، فيما لم تقم دولتا مصر والبحرين بأي قرارات تجاه القناة، وبقيت السعودية، والتي تمثل كرة القدم الجانب الترفيهي الوحيد لشبابها، الدولة الوحيدة التي تقوم بمنع تشغيل قنوات "بي إن سبورت".
وقال المغرد وائل السيد، إن "قنوات (بي إن سبورت) متواجدة بشكل رسمي في مصر والإمارات، رغم كونهما من دول المقاطعة، لكن نحن قوبلنا بوعود وهمية وروابط".
في المقابل، أكد شباب سعوديون، على مواقع التواصل الاجتماعي، أنهم جددوا بكل أريحية محلات بيع أجهزة الاستقبال التي فتحت سوقاً سوداء يقبل عليها السعوديون بشدة، نظراً لقرب انطلاق الموسم الرياضي. كما أن مجموعة قنوات "بي إن سبورت" قامت بتوفير خدمة الدفع عبر (البايبال) لمواطني دول الحصار.
ويقود المستشار في الديوان الملكي ومسؤول السياسات الإعلامية السعودية، سعود القحطاني، الحرب الإعلامية على قطر، والتي وُصفت بالفاشلة والمتهورة. وقال إعلاميون سعوديون إن القحطاني من خلال قيامه بإطلاق قنوات "بي آوت قطر" المقرصنة، أطلق مسمار النعش الأخير في مصداقية المؤسسات الإعلامية السعودية، وجعل صورة الشباب السعودي أمام العالم كمحاصر يبحث عن أي مخرج لمشاهدة المباريات والدوريات الأوروبية. كما أن ذلك الأمر أكد شعبياً عدم ممانعة الحكومة السعودية انتهاج سياسة القرصنة رسمياً، وهو ما تتهمه بها الحكومة القطرية في مسألة اختراق وكالة الأنباء القطرية.
(العربي الجديد)