نجحت الناشطتان الفلسطينيتان "لنا حجازي" من سكان رام الله وسط الضفة الغربية، و"مي اللي" من سكان غزة، بحشد مئات الفلسطينيين لإطلاق فعالية لبس الزي الفلسطيني للنساء والرجال في عددٍ من المحافظات الفلسطينية في آن واحد، أمس السبت، على أمل أن تخلّد هذه المناسبة كيومٍ وطني يحتفل به سنويًا.
تقول حجازي وهي منسقة المبادرة لـ"العربي الجديد": إننا نأمل لهذه الفعالية "أن تنجح في كل عام سواء لاقت دعمًا حكوميًا أم لا، ولكن وجود دعم حكومي لها سيكون أفضل".
مئات النشطاء من الرجال والنساء، أعمارهم في العشرينيات والثلاثينيات، وحتى بعضهم أكثر من ذلك، انتشروا موزعين في تجمعات المدن الفلسطينية، وهم يرتدون الزي الفلسطيني وتخلل سيرهم عروضًا فنية ودبكات شعبية، ضمن تقليد يخطط له أن يكون سنويًا.
وجاءت فكرة المبادرة كرسالة تحدٍ للحفاظ على التراث الفلسطيني، بعدما انتشر مؤخرًا ارتداء عارضات أزياء إسرائيليات للثوب الفلسطيني على أنه ثوب إسرائيلي، في محاولة لطمس الحقيقة، فيما يأمل النشطاء تشجيع الزي واقتنائه ولبسه حتى لا تنساه الأجيال.
أمل العودة
ثمانية وستون عامًا مرت على النكبة، إلا أن بعض فئات المجتمع الفلسطيني ما زالت ترتديه، وخاصة في مناطق الأرياف وفي المناسبات الاجتماعية، إذ إن الهدف من المبادرة كما تقول "لنا" لـ"العربي الجديد" هو "تشجيع الفئات التي تكاسلت وابتعدت عن هذا اللباس".
وترى حجازي أن الزي الفلسطيني قد ينجح ويعود في الحياة اليومية وخاصة اللباس النسائي، لتطور أفكار إنتاجه وتصميمه، دون البعد عن حقيقته وهويته الأصلية.
وغير بعيد، ترى الشابة رانيا جلايطة أن مشاركتها بهذه الفعالية، جاءت تأكيدًا على الحفاظ على هذا الزي كتراث لا بد من الافتخار به.
وارتدى الشاب الفلسطيني شادي عواجنة، لباس رجال فلسطين القديم، مشجعًا في حديثه لـ"العربي الجديد" على ارتداء هذا اللباس وخاصة في المناسبات، لكنه يدرك أن اللباس قد لا يستطيع ارتداءه في الحياة اليومية نظرًا لتغير ثقافة المجتمع، بينما قد ينجح لباس النساء الفلسطينيات بالعودة.
اقرأ أيضاً: معرض لتشغيل نساء غزة وإحياء التراث الفلسطيني
ويتكون لباس الرجل الفلسطيني من الكوفية (حطة) وكفية (عمامة) وسروال (بنطال) وقمباز (قميص فلسطيني طويل لغاية الأقدام)، ويشد الوسط بقطعة قماش عريضة تسمى (شملة).
نسرين فخيذة، تعمل في بيع المطرزات بمدينة رام الله، تؤكد أن هذا اللباس ما زال الأمل في عودته قائمًا، وخاصة بين طالبات الجامعات اللواتي يحاولن اقتناء ما هو تراثي وليس فقط الثوب الفلسطيني، بينما لا يزال بعض النساء في مدينة البيرة وسط الضفة الغربية يرتدي هذا الثوب في الأعراس لا فرق بين صغيرة أو كبيرة.
ما تراه نسرين من نجاح عودة الثوب الفلسطيني، أكدته الحاجة ياسمين وراد (64 عامًا) من سكان قرية بيتين شرقي رام الله، والتي جاءت إلى الفعالية هي الأخرى مرتدية ثوبها الفلسطيني، الذي ما زالت ترتديه منذ 40 عامًا، وتحرص على لبسه في منزلها أمام الضيوف، كما تقول لـ"العربي الجديد".
وتسعى نسرين لبيع تحف أو شنط أو أمور أخرى، تحوي رسومًا طرزت من تصميمات الثوب الفلسطيني، علاوة على اقتنائها أثوابًا بتصاميم تطريزية مختلفة.
اقرأ أيضاً: "الشيخوخة النّشطة" تُحيي التراث الفلسطيني
هوية المكان
ثوب المرأة الفلسطيني يشكل هوية لكل من ترتديه ومكان سكنها، حيث كانت المرأة الفلسطينية تطرز ثوبها بحسب البيئة والمعتقدات في تلك البلد أو المدينة، بينما يرتدي رجال فلسطين لباسًا موحدًا يختلف في السروال، إذ يرتدي رجال شمالي فلسطين السروال الأسود لقربهم من سورية ولبنان، ورجال جنوبي فلسطين يرتدون السروال الأبيض، كما توضح مديرة مركز التراث الفلسطيني في بيت لحم مها السقا.
وتؤكد السقا أن الزي الفلسطيني بشكله الحالي عرف منذ آلاف السنين، في زمن الكنعانيين، واشتهر حتى قبل حدوث النكبة الفلسطينية واحتلال فلسطين في العام 1948، إلى أن تغيرت تركيبة السكان بعد حدوث اللجوء والمصاهرات وتطور الحياة.
وكانت المرأة الفلسطينية قديمًا ترتدي غطاءً للرأس بحسب تقاليد كل بلد، منهن من يلبسن قبعة عليها قلادة من ذهب تكون مهرًا للعروس، ومنهن من يرتدين برقعًا يقيهن الحر كما في مناطق بئر السبع، وغيرها من غطاء الرأس المختلف بحسب عادات كل بلد.
قد يظن البعض أن الثوب الفلسطيني زهيد الثمن، لكن أسعاره في الحقيقة تتراوح بين (400 دولار – 1500 دولار)، فيما يبلغ سعر الثوب المصمم تقنيًا (بشكل المطرزات دون تطريز) نحو (65 دولاراً)، ويبلغ ثمن الزي الفلسطيني للرجل نحو (100 دولار).
اقرأ أيضاً: حكاية برج الساعة في نابلس