"يوميات المختار"... دراما تليق بالنظام

26 مايو 2018
زهير رمضان في مسلسل "يوميات المختار" (يوتيوب)
+ الخط -
وحيداً، يسير فوق حطام المدن المنكوبة، يستخدم الأسلوب الخطابي ليحاكي الجمهور دون مراوغة، ودون اختلاق حبكة درامية، مكتفياً بالإرث الذي سرقه من مسلسل "ضيعة ضايعة" ليكون فضاءً دراميّاً لشخصية "عبد السلام بيسة"، بعد أن قرر بكل استسهال أن يقتل كل أهل ضيعة "أم الطنافس الفوقا"، لينفرد بصوته وحضوره بين الطبيعة والخراب.

استغلال المنصب
بهذه الملامح يظهر زهير رمضان في مسلسل "يوميات المختار"، الذي أعطى لنفسه الإذن بأن يطرحه كجزء ثالث من مسلسل "ضيعة ضايعة" دون موافقة أصحاب الجزئين السابقين، مستغلاً منصبه كنقيب للفنانين. وعلى خلاف التوقعات، فإن المسلسل لم يحمل طابعاً كوميدياً، إذ إن شخصية "عبد السلام بيسة" خلعت في هذا العمل ثوب البساطة، وارتقت بثقافتها ولغتها بشكل مفاجئ لتطابق الخطاب الإعلامي الذي يتبناه النظام، ولتدافع عن رواية النظام الرسميَّة، والإجرام الذي مارسه بحق الشعب السوري منذ اندلاع الثورة الشعبيَّة ضدّه في عام 2011.

"وطنيَّة" زائفة
يبدأ العمل في حلقته الأولى من ضيعة "سمرا" أو "أم الطنافس الفوقا"، حيث يجلس المختار وحيداً في الضيعة يتحسر على ما جرى لأهلها صامتاً، قبل أن يقرر المغادرة إلى العاصمة، وفي طريقه يمر بثلاث محطات، وهي: "رأس شمرا" مهد الحضارة الأوغاريتية، التي يلقي بها خطاباً عن "عظمة الحضارة السورية الفينيقية"، و"جامع خالد بن الوليد"، ليلقي به خطاباً حول قيم الإسلام، و"كنيسة أم الزنار"، التي يلقي بها خطاباً حول التسامح الديني، ويخصص لكل محطة حلقة لا تتجاوز مدتها عشر دقائق، قبل أن يصل في الحلقة الخامسة إلى دمشق، حيث يجلس في المنزل ويلقي بمواعظه "الوطنية" على الجمهور ويكشف المؤامرات الكونية على سورية بحنكته فيما تبقى من الحلقات.




صوت واحد
ويبدو أن هذا الشكل "الدرامي" الذي ابتدعه نقيب الفنانين، زهير رمضان، هو الأكثر ملاءمة للتعبير عن بروباغندا نظام الأسد الشمولي؛ فالمونولوجات الطويلة التي يلقيها رمضان منفرداً، هي أكثر ما يلائم الفكر الشمولي الذي يتبعه نظام الحزب الواحد، ففيها لا يتسلل للمشاهد سوى صوت النظام الواحد؛ على عكس ما يحدث في المسلسلات السورية التقليدية التي تنتجها بروباغندا النظام السوري، وتقوم الدراما فيها على أحداث وحوارات وديالوغات، ستضطر إلى عرض أفكار متضاربة أو حتى متقاربة، ينتصر بها الفكر الشمولي في نهاية المطاف، على حساب الأصوات المعارضة أو المترددة، التي ستنصهر في نهاية المسلسل ضمن بوتقة الشمولية، أو يتم إقصاؤها كنوع من التطهير الدرامي. لكنّ زهير رمضان لم يكلّف نفسه حتّى عناء أصوات أخرى كي يبدو عمله "تعدّديا" و"يقبل الرأي والرأي الآخر".

شماتة بضحايا المجازر
جدير بالذكر، أن الإعلام السوري سبق أن استثمر شعبية مسلسل "ضيعة ضايعة" في ماكينته الإعلامية، حيث قام بتصوير ريبورتاج في ضيعة "سمرا" التي تم تصوير المسلسل فيها، وذلك بعد أن استعادها جيش النظام سنة 2015، وشارك في التقرير شخصيتا "حسان" التي أداها حسين عباس، وشخصية "أبو نادر" التي أداها جرجس جبارة.

وفي التقرير السابق وجه "الشرطيان" رسائل للجمهور الهارب والمرتد، ليعود لـ"حضن الوطن" الذي عاد إليه "الأمن والأمان"؛ أما خطاب "سليل الإقطاع" فيبدو أكثر راديكالية، فالأخير يقصي من رحل، ويملي على من بقوا تعاليمه؛ ويستثمر رمضان ببعض اللحظات القالب الكوميدي لشخصية "عبد السلام بيسة" ليسخر من أعداء النظام السوري السياسيين وضحايا مجازره الكيماوية.
دلالات
المساهمون