يتّفق كثير من المراقبين على أن التدخّل الروسي، بشقّيه العسكري والسياسي، كان حاسمًا في ما آلت إليه معركة حلب، فالجريمة التي اكتملت أركانها أخيرًا بتهجير مئات آلاف المدنيين، تركت وراءها تساؤلات كثيرة حول طبيعة الدور الروسي، ولعلّ تخبّط إيران والنظام السوري لحظة إعلان الاتّفاق الروسي-التركي، ومحاولاتهما عرقلة تطبيقه، جعلا رواية النظام حول "النصر السوري المكتمل"، و"استعادة السيادة الوطنيّة"، في موضع شكّ.
عطفًا على ذلك، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، في تقرير لها، أمس الجمعة، أن قوّات العمليات الخاصة الروسية لعبت دورًا محوريًّا في الهجوم البرّي للسيطرة على مدينة حلب، شمال سورية، مشيرةً إلى أنّ هذا الدور كان محاطًا بالسرّية.
استهداف قادة المعارضة
وأشارت الصحيفة إلى أنّه في إثر القصف الروسي؛ كانت القوات الروسية الخاصة تعمل على الأرض في حلب لقرابة شهرين، في سبيل مساعدة القوّات السورية، والمليشيات الحليفة، مع التركيز على استهداف قادة المعارضة في الجزء الشرقي المحاصر من المدينة.
واستندت الصحيفة في تقريرها إلى خبيرين عسكريين في الجيش الروسي، مضيفةً أن برنامج "فيستي نيديلي" الأسبوعي، الذي يبثّ على إحدى القنوات الوطنيّة في روسيا، عرض لقطات، يوم الأحد الماضي، لعسكريين روس من القوّات الخاصة في ساحات القتال.
إلى جانب ذلك، نقلت الصحيفة عن رئيس معهد "كاست" الروسي للأبحاث، راسلان بوخوف، أن "القوات الخاصة الروسية كانت متواجدة في حلب منذ عدّة أسابيع، حيث كُلّفت بأدوار قتالية".
ولفت التقرير إلى أن قوّات النخبة المذكورة هي ذاتها التي اضطلعت بمهمّة ضمّ موسكو لجزيرة القرم عام 2014، وهي منظّمة على نحو شبيه بقوّات العمليّات الخاصة الأميركية، التي تتواجد كذلك على الأرض في سورية.
عناصر من أوكرانيا
وبحسب صحيفة "وول ستريت"، فإن تواجد القوّات الخاصة الروسية يؤكّد أهمّية حلب الاستراتيجية بالنسبة للكرملين، وحرصه على التأكد من إمساك النظام السوري بزمام الأمور فيها، قبل البدء بأية مفاوضات دوليّة حول مستقبل سورية. وذكّرت الصحيفة بتصريحات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الجمعة، حين لمّح إلى أن الوقت بات مناسبًا الآن للمضيّ نحو اتّفاق سلام.
ونادراً ما تعلن روسيا عن حقيقة نشاط قوّاتها الخاصة، مفضّلةً التأكيد على أن دورها العسكري في سورية مقتصر على الدعم الجوّي فحسب. غير أن الأخيرة أعادت نشر قوّاتها الخاصة في سورية بعد فترة وجيزة من تدخّلها العسكري عام 2015، وفق الصحيفة، وقد شكّلت العناصر القادمة من أوكرانيا، حيث كانت تقاتل إلى جانب المتمرّدين الموالين لروسيا، قوام تلك القوّات في المدن السورية، وفقًا لمسؤولَين مطّلعين.
اقــرأ أيضاً
ويتّفق كل من بوخوف، وكبير الباحثين في مؤسسة الأبحاث الدفاعية النرويجية، تور بوكفول، على أن العناصر الخاصة تلك أخذت تتزايد مع الوقت، وقد تركّزت مهمّاتها على تحديد الأهداف على الأرض، لزيادة دقّة الضربات الجويّة. وفي الوقت الرّاهن، يقدّر بوكفول عدد تلك العناصر ببضع مئات.
وتقول وزارة الدّفاع الروسية إن طائراتها لم تشنّ أيّة غارة جويّة داخل مدينة حلب منذ 18 أكتوبر/تشرين الأول. لكن العمليات الخاصة، في المقابل، كانت لا تزال قائمة، وفق ما صرّح به بوخوف للصحيفة، مضيفًا أنّ قوّات النخبة الروسية كانت "تستخدم لمهمّات عدة، تتراوج ما بين الدعم اللوجستي، والمشاركة بالقتال، واستهداف قيادات المعارضة المسلّحة في عمليّات محدّدة بدقّة."
وتضيف الصحيفة إلى المعطيات السابقة مقتلَ ثلاثة عسكريين روس قرب حلب خلال الأسابيع الماضية، معتبرةً أنّ هذا الأمر كان بمثابة تذكير بأن موسكو تلعب دورًا عسكريّا على أرض المعركة في سورية. لكن روسيا، على الرغم من ذلك، تصرّ على أن ضحاياها في الحرب كانوا قلة، بالنظر إلى حروبها في أفغانستان والشيشان، وهي حريصة على تأكيد أن مشاركتها في الحرب السورية محدودة، ونشر وحدات صغيرة من قوّات النخبة يناسب هذه الرّواية، كما يرى معدّ التقرير.
ساحة اختبار
في هذا السياق، نقلت الصحيفة أقوال مدير لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي، فيكتور أوزيروف، لوكالة "انترفاكس" الروسية، يوم الاثنين، والتي بيّن فيها أن "جنود العمليات الخاصة هم أشخاص معدّون مسبقًا لشلّ حركة الإرهابيين.. هذه ليست عملية عسكرية، إنها عملية خاصة."
لكن إلى جانب ذلك، تجني موسكو فوائد أخرى من نشر تلك القوّات، فالساحة السورية المشتعلة تظلّ مؤاتية لإكساب أولئك الجنود خبرة قتاليّة جيّدة، كما تذكر الصحيفة، وقد استغلّ الجيش الروسي ذلك لاختبار أسلحة موجّهة متطوّرة، مثل صواريخ "كروز" من طراز "كالبير".
عطفًا على ذلك، يقول بوكفول إن "روسيا تستغلّ الصراع السوري كفرصة لاختبار وتطوير عقيدة هذه القوات"، ويبيّن أن عمليّة نشر تلك الوحدات شملت أعلى المستويات، مردفًا: "القوات الخاصة تعرّف، تحديدًا، على أنّها أداة في أيدي القادة السياسيين."
ويضيف المتحدّث ذاته أنّ قوّات النخبة الروسية في سورية تتكوّن، على الأرجح، من ثلاث مجموعات، بما فيها وحدة القوّات الخاصّة في الاستخبارات العسكرية الروسية؛ بالإضافة إلى وحدة خاصّة أخرى، على غرار قوّة "الدلتا" الأميركية؛ ووحدة أخرى تدعى "زاسلون"، أو "الشاشة"، والتي تقدّم الحماية للقادة المدنيين والمنشآت الدبلوماسية.
التجربة الأميركية
بالتوازي مع ذلك، توضح الصحيفة أن قوات العمليات الخاصة الروسية تخدم عادة ضمن عمليّات مكثّفة لا تستمرّ سوى لبضعة أشهر، وفق جدول تناوبيّ مصمّم على غرار أنظمة فرق النخبة الأميركية. وتضيف أن الروس درسوا عن كثب التجربة الأميركية، ضمن مشروع التحديث العسكري الذي بدأ مطلع هذا العقد، بموازنة ناهزت مليارات الدولارات.
وفي عام 2012، سافر الجنرال نيكولاي ماكاروف، الذي أصبح لاحقًا رئيس هيئة الأركان العامة الروسية، إلى الولايات المتّحدة، وتحديدًا إلى مقر قيادة العمليات الخاصة الأميركية في فلوريدا، للقاء مسؤولين عسكريين، وفقًا لوزارة الخارجية الأميركية.
هذه الرحلة، كما تفسّر الصحيفة، كانت تهدف للاستفادة من التجربة الأميركية مع القوات الخاصة، من أجل مساعدة روسيا على إنشاء قوّات مماثلة، بحسب ما صرّح مسؤول مقرّب من الجيش الأميركي للصحيفة، مستطردًا: "تلك القوّات تبدو متطابقة تقريبًا (مع القوّات الأميركية)، من الخوذ حتّى العتاد."
عطفًا على ذلك، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، في تقرير لها، أمس الجمعة، أن قوّات العمليات الخاصة الروسية لعبت دورًا محوريًّا في الهجوم البرّي للسيطرة على مدينة حلب، شمال سورية، مشيرةً إلى أنّ هذا الدور كان محاطًا بالسرّية.
استهداف قادة المعارضة
وأشارت الصحيفة إلى أنّه في إثر القصف الروسي؛ كانت القوات الروسية الخاصة تعمل على الأرض في حلب لقرابة شهرين، في سبيل مساعدة القوّات السورية، والمليشيات الحليفة، مع التركيز على استهداف قادة المعارضة في الجزء الشرقي المحاصر من المدينة.
واستندت الصحيفة في تقريرها إلى خبيرين عسكريين في الجيش الروسي، مضيفةً أن برنامج "فيستي نيديلي" الأسبوعي، الذي يبثّ على إحدى القنوات الوطنيّة في روسيا، عرض لقطات، يوم الأحد الماضي، لعسكريين روس من القوّات الخاصة في ساحات القتال.
إلى جانب ذلك، نقلت الصحيفة عن رئيس معهد "كاست" الروسي للأبحاث، راسلان بوخوف، أن "القوات الخاصة الروسية كانت متواجدة في حلب منذ عدّة أسابيع، حيث كُلّفت بأدوار قتالية".
ولفت التقرير إلى أن قوّات النخبة المذكورة هي ذاتها التي اضطلعت بمهمّة ضمّ موسكو لجزيرة القرم عام 2014، وهي منظّمة على نحو شبيه بقوّات العمليّات الخاصة الأميركية، التي تتواجد كذلك على الأرض في سورية.
عناصر من أوكرانيا
وبحسب صحيفة "وول ستريت"، فإن تواجد القوّات الخاصة الروسية يؤكّد أهمّية حلب الاستراتيجية بالنسبة للكرملين، وحرصه على التأكد من إمساك النظام السوري بزمام الأمور فيها، قبل البدء بأية مفاوضات دوليّة حول مستقبل سورية. وذكّرت الصحيفة بتصريحات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الجمعة، حين لمّح إلى أن الوقت بات مناسبًا الآن للمضيّ نحو اتّفاق سلام.
ونادراً ما تعلن روسيا عن حقيقة نشاط قوّاتها الخاصة، مفضّلةً التأكيد على أن دورها العسكري في سورية مقتصر على الدعم الجوّي فحسب. غير أن الأخيرة أعادت نشر قوّاتها الخاصة في سورية بعد فترة وجيزة من تدخّلها العسكري عام 2015، وفق الصحيفة، وقد شكّلت العناصر القادمة من أوكرانيا، حيث كانت تقاتل إلى جانب المتمرّدين الموالين لروسيا، قوام تلك القوّات في المدن السورية، وفقًا لمسؤولَين مطّلعين.
ويتّفق كل من بوخوف، وكبير الباحثين في مؤسسة الأبحاث الدفاعية النرويجية، تور بوكفول، على أن العناصر الخاصة تلك أخذت تتزايد مع الوقت، وقد تركّزت مهمّاتها على تحديد الأهداف على الأرض، لزيادة دقّة الضربات الجويّة. وفي الوقت الرّاهن، يقدّر بوكفول عدد تلك العناصر ببضع مئات.
وتقول وزارة الدّفاع الروسية إن طائراتها لم تشنّ أيّة غارة جويّة داخل مدينة حلب منذ 18 أكتوبر/تشرين الأول. لكن العمليات الخاصة، في المقابل، كانت لا تزال قائمة، وفق ما صرّح به بوخوف للصحيفة، مضيفًا أنّ قوّات النخبة الروسية كانت "تستخدم لمهمّات عدة، تتراوج ما بين الدعم اللوجستي، والمشاركة بالقتال، واستهداف قيادات المعارضة المسلّحة في عمليّات محدّدة بدقّة."
وتضيف الصحيفة إلى المعطيات السابقة مقتلَ ثلاثة عسكريين روس قرب حلب خلال الأسابيع الماضية، معتبرةً أنّ هذا الأمر كان بمثابة تذكير بأن موسكو تلعب دورًا عسكريّا على أرض المعركة في سورية. لكن روسيا، على الرغم من ذلك، تصرّ على أن ضحاياها في الحرب كانوا قلة، بالنظر إلى حروبها في أفغانستان والشيشان، وهي حريصة على تأكيد أن مشاركتها في الحرب السورية محدودة، ونشر وحدات صغيرة من قوّات النخبة يناسب هذه الرّواية، كما يرى معدّ التقرير.
ساحة اختبار
في هذا السياق، نقلت الصحيفة أقوال مدير لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي، فيكتور أوزيروف، لوكالة "انترفاكس" الروسية، يوم الاثنين، والتي بيّن فيها أن "جنود العمليات الخاصة هم أشخاص معدّون مسبقًا لشلّ حركة الإرهابيين.. هذه ليست عملية عسكرية، إنها عملية خاصة."
لكن إلى جانب ذلك، تجني موسكو فوائد أخرى من نشر تلك القوّات، فالساحة السورية المشتعلة تظلّ مؤاتية لإكساب أولئك الجنود خبرة قتاليّة جيّدة، كما تذكر الصحيفة، وقد استغلّ الجيش الروسي ذلك لاختبار أسلحة موجّهة متطوّرة، مثل صواريخ "كروز" من طراز "كالبير".
عطفًا على ذلك، يقول بوكفول إن "روسيا تستغلّ الصراع السوري كفرصة لاختبار وتطوير عقيدة هذه القوات"، ويبيّن أن عمليّة نشر تلك الوحدات شملت أعلى المستويات، مردفًا: "القوات الخاصة تعرّف، تحديدًا، على أنّها أداة في أيدي القادة السياسيين."
ويضيف المتحدّث ذاته أنّ قوّات النخبة الروسية في سورية تتكوّن، على الأرجح، من ثلاث مجموعات، بما فيها وحدة القوّات الخاصّة في الاستخبارات العسكرية الروسية؛ بالإضافة إلى وحدة خاصّة أخرى، على غرار قوّة "الدلتا" الأميركية؛ ووحدة أخرى تدعى "زاسلون"، أو "الشاشة"، والتي تقدّم الحماية للقادة المدنيين والمنشآت الدبلوماسية.
التجربة الأميركية
بالتوازي مع ذلك، توضح الصحيفة أن قوات العمليات الخاصة الروسية تخدم عادة ضمن عمليّات مكثّفة لا تستمرّ سوى لبضعة أشهر، وفق جدول تناوبيّ مصمّم على غرار أنظمة فرق النخبة الأميركية. وتضيف أن الروس درسوا عن كثب التجربة الأميركية، ضمن مشروع التحديث العسكري الذي بدأ مطلع هذا العقد، بموازنة ناهزت مليارات الدولارات.
وفي عام 2012، سافر الجنرال نيكولاي ماكاروف، الذي أصبح لاحقًا رئيس هيئة الأركان العامة الروسية، إلى الولايات المتّحدة، وتحديدًا إلى مقر قيادة العمليات الخاصة الأميركية في فلوريدا، للقاء مسؤولين عسكريين، وفقًا لوزارة الخارجية الأميركية.
هذه الرحلة، كما تفسّر الصحيفة، كانت تهدف للاستفادة من التجربة الأميركية مع القوات الخاصة، من أجل مساعدة روسيا على إنشاء قوّات مماثلة، بحسب ما صرّح مسؤول مقرّب من الجيش الأميركي للصحيفة، مستطردًا: "تلك القوّات تبدو متطابقة تقريبًا (مع القوّات الأميركية)، من الخوذ حتّى العتاد."