وأشارت الصحيفة إلى أن "جهود الولايات المتحدة للتوسط بين حلفائها المقربين لم تنجح وبدلا عن ذلك، فإن الأزمة تتفاقم على المستويات الدبلوماسية والقانونية".
ونقلت عن بيري كاماك، المحلل في الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، قوله: "لقد أصبحت الأزمة شخصية الآن، الأمر الذي يجعل من الصعب إيجاد وسيلة لأي من الجانبين للتراجع". وأضاف "من المحتمل أن يتفاقم هذا الأمر لبعض الوقت".
وأشارت الصحيفة إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب دخل الأزمة من خلال الاعتراف بقرار كتلة الحصار بفرض عقوبات على قطر. لكن مسؤولين كبارا في وزارتي الخارجية والبنتاغون حاولوا نزع فتيل التوتر، لأن قطر هي موطن 10،000 من الأفراد العسكريين الأميركيين في قاعدة العديد الجوية، وهي منطقة انطلاق رئيسية للعمليات الجوية الأميركية ضد تنظيم "داعش" في العراق وسورية.
وفي يونيو/حزيران، قدمت كتلة الحصار 13 مطلباً من قطر، بما في ذلك خفض العلاقات مع إيران، وتخفيف الروابط الشديدة مع جماعة الإخوان المسلمين، وطرد العديد من الإسلاميين وتقديم تعويضات مدفوعة. كما طالبت دول الحصار بأن تغلق قطر "قناة الجزيرة".
وقد قامت بعدها بحظر موقع "الجزيرة" وإغلاق مكاتبها. وأعلنت اسرائيل خلال عطلة نهاية الأسبوع أيضاً عن عزمها إغلاق مكاتب شبكة الجزيرة أيضاً. ورفض المسؤولون القطريون مطالب دول الحصار ووصفوها بأنها "غير قابلة للتنفيذ أو معقولة".
وبدلاً من ذلك، سعت قطر، وهي واحدة من أكبر منتجي الغاز الطبيعي، إلى تنويع اقتصادها، وأنهت الاعتماد على جيرانها الخليجيين بما يخص الغذاء والإمدادات الأخرى. وقد تم استبدال المواد الغذائية القادمة من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بالمنتجات من تركيا وإيران.
وتضيف الصحيفة، أنه في الأسبوع الماضي، وقعت قطر صفقة قيمتها 222 مليون يورو (حوالى 272 مليون دولار) لجلب واحد من أكبر نجوم كرة القدم، نيمار، إلى باريس سان جيرمان، أبرز الأصول الرياضية المملوكة لقطر. وقد اعتبر المبلغ الفلكي استثمارا جيدا قبل كأس العالم 2022، الذي من المقرر أن تستضيفه قطر، فضلاً عن تعزيز العلاقات العامة.
كما كشفت قطر النقاب عن مشروع قانون الأسبوع الماضي يسمح لبعض الأجانب بالحصول على إقامة دائمة. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية القطرية (قنا) أن الدولة ستمنح المقيم الدائم للمرة الأولى الرعاية الصحية المجانية والتعليم الحكومي وسيتمكن من امتلاك الأراضي وتشغيل بعض الشركات بدون شريك قطري.
وفي حالة تطبيق هذا القانون، فإن ذلك سيكون غير مسبوق في الخليج، فالبلدان تعتمد اعتمادا كبيرا على القوى العاملة الأجنبية، ولكنها نادرا ما تمنح الأجانب الجنسية أو الامتيازات الممنوحة لمواطنيها. ويشكل الأجانب نحو 90 في المائة من سكان قطر البالغ عددهم 2.7 مليون نسمة.
كما يمنح مشروع القانون إقامة دائمة لأبناء الأمهات القطريات والآباء غير القطريين. وبموجب القوانين الحالية في قطر ودول الخليج الأخرى، يأخذ الأطفال جنسية والدهم فقط دون أمهم.
ويعتبر هذا التدبير وسيلة لقطر لإحباط الحصار الاقتصادي من خلال توفير حوافز للقوى العاملة للبقاء في البلاد، وجذب المزيد من المستثمرين والشركات لاختيار الدوحة كمركز تجاري إقليمي.
وتنقل الصحيفة عن أنطوني كوردسمان، وهو المحلل في مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والدولية، قوله إن "أحد أسباب هذا القانون هو أن القطريين يخشون أن يفقدوا عددا كبيرا من الاشخاص وخاصة العمال الأجانب بسبب الأزمة". وأضاف "الجانب الآخر هو أنهم يرسلون إشارة إلى الغرب، والآخرين خارج، أن قطر أكثر حداثة وأكثر استعدادا للسعي للإصلاح".
من جهة ثانية، تبرز الصحيفة أساليب أخرى قاتلت فيها قطر الحصار بقوة، وتشير إلى تقديم قطر شكاوى إلى مجلس الأمن الدولي ومنظمة التجارة العالمية، وحثها منظمة الطيران المدني الدولية، وهي هيئة الطيران التابعة للأمم المتحدة، على بحث ما إذا كانت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها قد انتهكوا معاهدة السفر الجوي من خلال حظر الرحلات القطرية من مجالهم الجوي.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن قطر تعزز علاقاتها مع الغرب لمواجهة خسارة حلفائها السابقين في الخليج، وفي الأسبوع الماضي، أعلنت عن شراء 6 سفن حربية إيطالية بقيمة 6 مليارات دولار، وفي حزيران / يونيو اشترت طائرات مقاتلة من طراز F-15 بقيمة 12 مليار دولار من الولايات المتحدة.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، نظمت تركيا وقطر تدريبات عسكرية مشتركة، وهي علامة أخرى على تحالفهما المزدهر، بحسب الصحيفة. وفي يونيو/حزيران الماضي، وضعت تركيا خطة لإرسال آلاف الجنود إلى قاعدة تركية فى قطر. وكان إغلاق هذه القاعدة هو أحد مطالب دول الحصار.
وخلصت الصحيفة إلى الإشارة لوضع الأميركيين وسط هذه الأزمة، مشيرة إلى أنه مع استمرار الأزمة، يشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق بشكل متزايد من أن الخلاف الدبلوماسي قد يعرقل الجهود المبذولة لمحاربة تنظيم "داعش" في العراق وسورية، فجميع الأطراف جزء من التحالف مع الولايات المتحدة الذي يقاتل المسلحين.