"هيومن رايتس ووتش": تعذيب أفارقة في معسكرات يمنية

25 مايو 2014
يحاول المهاجرون السفر عبر اليمن للعمل (عن موقع المنظمة)
+ الخط -

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن "متاجرين بالبشر في اليمن يحتجزون مهاجرين أفارقة في معسكرات احتجاز على الحدود مع السعودية، مع تعذيبهم لابتزاز أموال من ذويهم، بتواطؤ من مسؤولين محليين. وإنه في بعض الأحيان ينتهي التعذيب بوفاة الضحية".

ودعت المنظمة، في تقرير نشرته يوم الأحد، الحكومة اليمنية إلى فتح تحقيق جاد مع المتاجرين بالبشر وأفراد القوات الأمنية المتورطين في الانتهاكات، وملاحقتهم.

ويوثق التقرير الصادر في 82 صفحة والذي جاء تحت عنوان "معسكرات التعذيب في اليمن: إساءة المتاجرين بالبشر إلى المهاجرين مع الإفلات من العقاب"، الانتهاكات التي يعانيها المهاجرون، ومعظمهم من القرن الأفريقي، ممن يحاولون السفر عبر اليمن إلى المملكة العربية السعودية للعمل.

وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنها وجدت أن مختلف الأجهزة الأمنية اليمنية في بلدة حرض الحدودية، حيث توجد عشرات المعسكرات، وعند نقاط التفتيش، تسمح لصناعة الاتجار بالبشر بالازدهار من دون تدخل حكومي يذكر.

وقال نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش" إريك غولدستين: "يقوم متاجرون باحتجاز مهاجرين أفارقة في معسكرات للتعذيب لابتزاز أموال من عائلاتهم الفقيرة إلى حد مؤلم. وعندما ترى متاجرين يسوقون الناس على الملأ إلى شاحنات في قلب حرض (في حجة شمالي اليمن)، فإنك تدرك أن السلطات تغض الطرف".

مشروع قانون

وأشارت المنظمة إلى أن البرلمان اليمني من المقرر أن يناقش في الأسابيع المقبلة مشروع قانون لمكافحة الاتجار بالبشر يمكنه تعزيز حماية المهاجرين وتسهيل ملاحقة المتاجرين والمسؤولين المتواطئين. وأكدت أنه "يجب أن يتفق القانون المقترح مع المعايير الدولية بتجريم الاتجار بالبشر. كما يتعيّن أن يزيد القانون قدرات الحكومة على كشف الإتجار على الحدود ومنعه". 

وبحسب التقرير، فإنه "في ما عدا بعض المداهمات الحكومية اليمنية في العام 2013، لم تفعل السلطات ما يذكر لوقف الاتجار. فقد قام مسؤولون في أحيان كثيرة بتحذير المتاجرين من المداهمات، وأخفقوا في ملاحقة من اعتقلوهم، وأفرجوا بعد ذلك عنهم. وفي بعض الحالات قاموا بدور نشط في مساعدة المتاجرين على اصطياد مهاجرين واحتجازهم".

وأجرت "هيومن رايتس ووتش" مقابلات مع 18 مهاجراً إثيوبياً من الذكور، و10 من المتاجرين والمهربين، إضافة إلى مسؤولين حكوميين، ونشطاء، ودبلوماسيين، وعمال إغاثة، وعاملين في القطاع الصحي، وصحافيين في الفترة ما بين يونيو/حزيران 2012 ومارس/آذار 2014.

ويصف المهاجرون إساءة المعاملة المروعة في المعسكرات، حيث كان الاعتداء بالضرب شائعاً. وقد وصف أحد الرجال مشاهدة اقتلاع عيني رجل آخر بزجاجة للمياه. وقال آخر إن المتاجرين علقوه بسلك ملفوف حول إبهاميه، وربطوا حبلاً تتدلى منه زجاجة مليئة بالمياه حول قضيبه. كما قال شهود إن المتاجرين اغتصبوا بعض السيدات المهاجرات اللواتي كانوا يحتجزونهن. وقد انتهى الأمر بأحد المهاجرين إلى البقاء محاصراً لمدة 7 أيام في معسكر للمتاجرين.

وقال عمال إغاثة لـ"هيومن رايتس ووتش" إنهم لاحظوا دلائل الإساءة على مهاجرين، تتفق مع رواياتهم عن قيام متاجرين بانتزاع أظفارهم، وإحراق غضاريف آذانهم، ووسم جلدهم بقضبان الحديد، واقتلاع أعينهم، وتكسير عظامهم. وقال عاملون بالقطاع الصحي في منشأة طبية في حرض إنهم كثيراً ما شاهدوا مهاجرين بإصابات تشمل تهتكات جراء الاغتصاب، وأضرار نتيجة التعليق من أصابع الإبهام، وحروق من السجائر والبلاستيك المصهور.

تورط الأجهزة الأمنية

وبحسب التقرير، يبدو أن التورط في الاتجار يمتد إلى عناصر من داخل مختلف الأجهزة الأمنية في حرض، بما فيها الشرطة والجيش والاستخبارات. لكن وزارة الدفاع نفت تورط مسؤولين وأكدت تصميم الجيش على استهداف معسكرات التعذيب.

وقد قامت قوات الأمن اليمنية منذ مارس/آذار 2013 بتنفيذ سلسلة من المداهمات على معسكرات المتاجرين. وقالت وزارة الدفاع إن قوات الأمن أوقفت المداهمات لأنها عجزت عن تزويد المهاجرين بالطعام أو المأوى عقب تحريرهم. واعترف مسؤولون بأن الكثير من المعسكرات التي دهمتها قوات الأمن عادت إلى العمل من جديد.

وقد تواطأ أيضاً، بحسب التقرير، "مسؤولو حدود سعوديون في انتهاك حقوق المهاجرين، عن طريق توقيف عابري الحدود وتسليمهم إلى متاجرين من حرض، كما قال مهاجرون ومتاجرون ومسؤولون يمنيون على الحدود" لـ"هيومن رايتس ووتش".

وأكدت المنظمة أن "على الحكومة اليمنية وضع استراتيجية شاملة لإغلاق المعسكرات التي يقوم فيها متاجرون باحتجاز مهاجرين والإساءة إليهم، تشمل المداهمات، وملاحقة المتاجرين والمسؤولين، بصرف النظر عن رتبة المتواطئين في أنشطتهم". كما أكدت أن "على الحكومة أيضاً العمل مع المنظمات الإنسانية لتزويد كافة المهاجرين المحررين من الأسر بكفايتهم من الطعام والمأوى والرعاية الصحية".