"هوبس وشاو": فيلم صيفيّ لطيف بتشويق أكبر وكوميديا أوضح

30 اغسطس 2019
وجايسون ستاثام و"ذو روك" في مواجهة الفيروس (فيسبوك)
+ الخط -
مطلع الألفية الثالثة، بدأت سلسلة "سريع وغاضب (Fast And Furious)" التي تعتمد، بشكلٍ رئيسي، على فكرة "سباق السيارات". حقّق الفيلم الأصلي نجاحًا مقبولاً، أدّى إلى إنتاج 3 أجزاء تالية بين عامي 2003 و2009، قبل أن تشهد السلسلة نقلتين كبيرتين: الأولى مع الجزء الخامس، الذي أنجزه جاستن لين عام 2011، حين اتّسع مجالها إلى عمليات جرميّة وشخصيات جديدة، مع بصمة رئيسية مختلفة عن باقي أفلام الحركة، تتعلّق بمطاردة سيارات عديدة؛ والثانية مع وفاة بول ووكر (12 سبتمبر/ أيلول 1973 ـ 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013)، أحد الأبطال الرئيسيين، قبل أشهر على إطلاق الجزء السابع (2015) لجيمس وان (معظم العروض التجارية الدولية بدأت في الثلث الأول من عام 2015)، وتشوّق الناس لوداعه مرة أخيرة. هذا الجزء حقّق مليارًا و516 مليونًا و45 ألفًا و911 دولاراً أميركياً إيرادات دولية، في 11 أسبوعًا فقط، بحسب الموقع الإلكتروني "موجو"، المعني بالإيرادات السينمائية، وجعل السلسلة أنجح عمل "أكشن" في السينما.

منذ تلك اللحظة، بدأ التخطيط لاستغلال شخصيات السلسلة وتفاصيلها بصورة أكبر، فكان Hobbs & Shaw، وهما شخصيتان يؤدّيهما دواين (ذو روك) جونسون وجايسون ستاثام، لم تظهرا في الأجزاء الأولى، لكنّهما تحتلّان الآن "دور" البطولة في نسخة منفصلة داخل العالم نفسه للسلسلة.



مع اتّساع السلسلة ونقلاتها حصل تطوّرٌ على المستوى الفني أيضًا. فمن الناحية الدرامية، صارت الميزة ـ منذ الجزء الخامس ـ أن صنّاعها لا يتعاملون مع ما يحدث بشكل جاد أكثر من اللازم، ولا يهتمّون ـ بأيّ شكل من الأشكال ـ بإبراز جوانب أو تتابعات درامية معقّدة، أو لا داعي لها، أو منح الشخصيات عمقًا لا يحتاجون إليه. كأنّ الأمر أشبه بعَقْدٍ مُبرم مع المتفرّج، يفيد أنّه يأتي إلى صالة العرض لمشاهدة "حركة" و"قتال" و"كوميديا" وسيارات محطّمة عديدة، وأنّ الفيلم لا يَعِد، ولا يحاول تقديم ما هو أكثر من ذلك.

بناء على هذا، حصل تطوّر آخر، يخصّ تنفيذ مَشاهد الـ"أكشن"، والتفنّن في ابتكار مواقف خيالية في كلّ جزء جديد. مواقف لا منطق فيها أبدًا، كإنزال سيارة من طائرة محلّقة، بواسطة الـ"باراشوت"، لكن فيها تسلية وتُثير متعة المُشاهدة.

لا يختلف "سريع وغاضب: هوبس وشو" (2019) لديفيد ليتش أبدًا عن هذا كلّه (حقّق الفيلم 588 مليونًا و901 ألفًا و255 دولاراً أميركياً إيرادات دولية، بين 2 و25 أغسطس/ آب 2019، مقابل 200 مليون دولار أميركي ميزانية إنتاج). قصّته تقليدية للغاية، ترتكز على "فيروس" حيوي قادر على تدمير البشرية، فيتعاون هوبس مع شو ـ العدوان في الأجزاء السابقة، باستثناء الثامن ـ في محاولة لإيقافه. الفرق الوحيد على مستوى القصّة أنّ صنّاع الفيلم يفتحون مجالاً مختلفًا لشكل أشرارها، مع كون بريكستون (إدريس ألبا) إنسانًا مُعدّلاً جينيًا، إلى درجة يمكن اعتباره معها بطلاً خارقًا، أو "سوبرمان أسود (Black Superman)"، كما يقول ساخرًا في أحد المشاهد، ويجعل الفيلم نفسه أقرب إلى فيلم "أبطال خارقين"، يُطاردون بعضهم البعض بالسيارات.


هذا تطوّر يُبعد السلسلة، أكثر فأكثر، عن الواقع، وهذا جيّد للتأكيد أنّ الـ"أكشن" والحركة والتسلية هي كلّ شيء بالنسبة إلى محبّيها.

ميزة الفيلم الجديد أنّه يُدرك، مرة أخرى، مكامن القوة، ويستغلّها حتى النهاية. الجانب الأساسي قطعًا هو مَشاهد الحركة. ورغم أن مطاردات السيارات أقلّ من المعتاد، إلّا أنّ المجهود وأفكار الحركة الجديدة واضحة للغاية، وتحديدًا في التتابع الأخير والممتاز للحرب على الجزيرة.
الجانب الآخر كامن في استغلال الكيمياء الاستثنائية المشتركة بين الممثلين ذا روك وستاثام، وبالتالي فإنّ الحوارات كلّها بينهما مسلية ومليئة بالكوميديا، وهذا يمتدّ إلى بعض مَشاهد الحركة.

مرة أخرى، لا يُلزم الفيلم نفسه بأي عمق درامي غير مطلوب، إذْ تقتصر التيمة فقط، كالعادة، على "العائلة"، وعلى أهميتها، وعلى أنّ كلّ شيء يدور حول حمايتها. بناء على هذا، يُعطي الفيلم للمتفرّج ساعتين من التسلية، كفيلم صيفي لطيف، يوفي بما يعد به.
دلالات
المساهمون