ضمن مشاريع إعادة تأهيل العديد من المواقع التاريخية في مصر، وغيرها من البلدان العربية، من أجل حمايتها كإرث إنساني، وكذلك من أجل تحقيق الاستدامة الاقتصادية بتحقيق إيرادات للمستثمرين المجتمع المحلي، والاجتماعية والثقافية بحيث تصبح المناطق الحديثة امتداداً للأوابد التاريخية بجوارها، وهو ما يعدّ تحدياً كبيراً يواجه معوقات عديدة.
"الطريق إلى هرموبولس الجديدة - ومستقبل مدينة تحوت/ هرميس" عنوان المحاضرة التي قدّمتها الباحثة والناشطة المصرية مرفت عبد الناصر افتراضياً عند السابعة من مساء أمس الثلاثاء بتنظيم من "بيت المعمار المصري" في القاهرة.
تناولت المحاضَرة في حديثها تاريخ المدينة التي تقع على بعد 23 كم من محطة ملوى بمحافظة المنيا، بين ترعة البراىيمية وبحر يوسف، ويعود إنشاؤها إلى العصر الفرعوني، كما ازدهرت خلال العهدين البطلمي والروماني، وبدأت الاكتشافات الأركيولوجية فيها منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
كانت المدينة مركزاً مهماً لصناعة الفكر في مصر القديمة
وتشير عبد الناصر إلى أن هرموبولس كانت مركزاً مهماً لصناعة الفكر في مصر القديمة، وتنتمي إليها فلسفة خاصة كان لها تأثير كبير على تطوّر الفكر الإنساني عبر العصور، وكانت تسمى الأشمونين وهو تحريف للاسم المصري القديم خمنو أو مدينة الثمانية المقدسة، وكانت عاصمة الإقليم الخامس عشر في مصر العليا القديمة ومقراً لعبادة الإله تحوت؛ إله الحكمة الممثّل على شكل قرد البابون أو طائر أبو منجل، ولما كان الإغريق يقرنون إلههم هرميس بالإله المصري تحوت فقد سموا المدينة هرموبوليس ماجنا.
تشير أيضاً إلى المنطقة لم تصمد أمام عوامل الزمن والزحف العمراني عبر العصور المختلفة، بالإضافة إلى الزحف الزراعي الذي سبّب بدوره أضراراً على العديد من المواقع الأثرية، وتعاني إهمالاً رسمياً حيث أقيمت العديد من أعمال الحفر بطريقة غير شرعية، إضافة إلى عدم توافر الحراسة للمكان.
من جهة أخرى، توضّح عبد الناصر أن "هرموبولس الجديدة" مبادرة مجتمعية مستلهمة من فكر وفلسفة هرموبوليس القديمة، والتي تؤمن بإمكانية التعايش وتحقيق التناغم بين أفراد المجتمع الواحد بغض النظر عن اختلافاتهم وإمكانية تغيير العالم من خلال تطويع قدرات الفرد الإبداعية.
وتلفت إلى أن المشروع شيّد على الطراز المصري القديم في قرية تونا الجبل، ويسعى إلى التعريف بالآثار الموجودة في المنطقة، كما يضمّ مركزاً ثقافياً لإقامة الأنشطة الأكاديمية والفنية لصالح المجتمع المحلي، منها إعادة طرح النظم المعمارية التاريخية وتقديم الأطعمة التقليدية التي بدأت في الاندثار.