انتقل النزال بين المدير التنفيذي لحزب "نداء تونس"، حافظ قائد السبسي، ورئيس هيئته السياسية المستقيل، رضا بلحاج، إلى مرحلة المواجهة المباشرة، ما قد يكلف الحزب انقساماً جديداً لا يستبعده الطرفان.
وطالب بلحاج وثلاثة عشر عضواً من الهيئة السياسية للنداء، بحذف خطة المدير التنفيذي للحزب، نجل الرئيس الباجي قائد السبسي، كما دعوا إلى وضع حد لما اعتبروه "دكتاتورية في تسييره للحزب"، وذلك خلال اجتماع عقد أمس للتداول في مقترحات قائد السبسي الابن، ومن بينها تسمية رئيس الحكومة الحالي، يوسف الشاهد، رئيساً للهيئة السياسية، وضم بقية أعضاء الحكومة من الندائيين إليها.
وحشد بلحاج عدداً مهماً من القياديين في الحزب، بينهم رئيس الكتلة النيابية، سفيان طوبال، ونواب بالبرلمان، في اجتماع دعي إليه أيضا بقية أعضاء الهيئة وقائد السبسي الابن؛ لمراجعة مقترحاته المذكورة.
وعلى الرغم من أن المجتمعين كانوا على يقين من أن "مقترح السبسي الابن كان إحراجاً للشاهد لا تشريفاً"، وفق ما أبلغهم، فإنهم أكدوا أن "الرضوخ لمقترحات تحت مبرر تفادي إحراج الشاهد سيكون قبولاً بعهد آخر من الدكتاتورية".
وفي حديث لـ"العربي الجديد"، قال القيادي بـ"النداء" وعضو هيئته السياسية، فوزي اللومي، إن المدير التنفيذي للحزب تجاهل تماما هياكل الحزب وقانونه الداخلي، ففي حين يفترض الرجوع للهيئة السياسية والمكتب التنفيذي في مقترحات بهذه الأهمية والاتفاق عليها، وبعدها تتم دعوة الشاهد وبقية أعضاء الحكومة المعنيين، عمد المدير التنفيذي إلى تقرير ذلك بصفة فردية، وتجاوز الهياكل بطريقة "انقلابية" و"دكتاتورية".
وكشف اللومي، لـ"العربي الجديد"، أن اجتماع قائد السبسي الابن، الأحد، "كان يهدف في الحقيقة إلى تغيير رئيس الكتلة النيابية، سفيان طوبال، لكن يبدو أنه تمت مقايضته ببعض الملفات مقابل عدم احتجاجه على قرارات المدير التنفيذي، مع إمكانية الإبقاء عليه في رئاسة الكتلة"، مشدداً على أن "قراءة بسيطة للتوازنات في الحزب تبين أن من سيقترحهم قائد السبسي الابن لا أمل لهم في الحصول على رئاسة الكتلة، إلا إذا استخدم وسائل أخرى، وهو ما جعله يقايض طوبال ويبقي عليه".
وبدا رضا بلحاج، والذي تجنب سابقا الظهور الإعلامي والمواجهة مع قائد السبسي الابن الذي اضطره للاستقالة من منصبه في مايو/أيار الماضي، أكثر إصراراً على إلغاء خطة المدير التنفيذي للحزب. وشدد، في حديثه لـ"العربي الجديد"، على أن "القرارات التي قدمها قائد السبسي في شكل مقترحات انقلابية، ولم تتم مناقشتها مسبقاً"، موضحا أنه وعدداً مهماً من القياديين يرون أنه "لا يجب إقحام الحكومة في مشاكل الحزب، وأن هناك قرارات سابقة تم سنها منذ الانتخابات التشريعية والرئاسية نصت على أن من يتحمل مسؤولية حكومية لا يتحمل مسؤولية حزبية".
وبيّن بلحاج أن اجتماع أمس خرج بتوصيات ومقترحات أيضاً، سيتم التداول فيها اليوم الثلاثاء، وتمت دعوة كامل أعضاء الهيئة السياسية لحضورها، وأهم التوصيات وأكثرها استعجالا وإلحاحا هي تلك المتعلقة بتغيير المسؤوليات وتنحية مهمة الإدارة التنفيذية للحزب، مبرزاً أن "الإجراء لا يستهدف قائد السبسي الابن لتجريده من مسؤولياته، وإنما إلغاء الخطة التي يعتمدها لأنها تعيق عمل الحزب".
وسيكون اجتماع اليوم حاسما، إما في طريق الانقسام والتشظي أو لملمة صفوف الحزب، وفق ما أكده القيادي خميس قسيلة لـ"العربي الجديد".
إلى ذلك، لا يرى بلحاج واللومي ومن معهما، مانعاً، وفق ما أكدته مصادر مقربة منهم لـ"العربي الجديد"، أنه في حال توفر الأغلبية الكافية في التصويت اليوم "ربما يتم عزل قائد السبسي الابن من مهمته، وإلغاء جميع مقترحاته التي أحرجت الجميع، بمن فيهم الشاهد".
ويعتبر هؤلاء أن الأغلبية في الهيئة السياسية في صفهم، خاصة مع انضمام كل من سعيد العايدي، وزير الصحة السابق، وسليم شاكر، وزير المالية السابق والمستشار الحالي للسبسي، وناجي جلول، وزير التربية الحالي، وسفيان طوبال، وتوقعت مصادر أن يتدخل الرئيس التونسي، اليوم من نيويورك، للتأثير على بعض أعضاء الهيئة السياسية لمناصرة نجله، مؤكدين أن "ذلك يعني مغادرتهم حزب "نداء تونس"، والبحث عن مشروع سياسي آخر".