"مواطن غزاوي"... شخصية خيالية تُجسد واقع وهموم الفلسطينيين

20 أكتوبر 2018
رمضان يعرض أفكاره عبر أفلام إنمي (عبدالحكيم أبو رياش)
+ الخط -
طفلٌ يتقدم نحو السلك الفاصل على الحدود الشرقية من قطاع غزة مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 حتى بات في مرمى قناصة إسرائيلية لا تُفرق بين كبير أو صغير، سرعان ما يسقط الطفل أرضاً برصاصة اخترقت صدره، ثوانٍ قليلة، ثم يعود المشهد إلى الوراء قليلاً، يظهر خلالها "مواطنٌ غزاوي" يحاول توعية الطفل بأن لا يكون هدفاً سهلاً لجيش مدجج بالأسلحة ولا يضيع حق وراءه مُطالب.
مشهدٌ من فيديو كرتوني بتقنية 3D صنعه الشاب هاني رمضان، من مدينة غزة، حرصاً منه على حياة الكثيرين من الفلسطينيين والأطفال الذين باتوا في دائرة استهداف قناصة الاحتلال لهم على حدود غزة، منذ انطلاق مسيرات العودة الكبرى في الثلاثين من مارس/ آذار الماضي (2018)، والتي يُطالب الفلسطينيون خلالها بفك الحصار والعودة لأراضيهم المحتلة.
أكثر من مائتي شهيد على حدود غزة منذ بدء المسيرات السلمية، بينهم 35 طفلاً، بجانب إصابة ما يزيد عن 21150 مواطناً بجراحٍ مختلفة، ومنهم أكثر من 4200 إصابة من فئة الأطفال، وفقاً لآخر إحصائية أعلنت عنها وزارة الصحة الفلسطينية. أعداد المستهدفين المتزايدة دفعت الشاب الغزّي نحو تطويع عمله في مجال الـ3D لجهة محاولة توعية الأطفال، على وجه الخصوص، بألا يكونوا هدفاً سهلاً لاحتلالٍ غاشم.




هذه الفكرة الأخيرة، سبقتها أعمال تندرج ضمن مجال "الأنيميشن" وقد جسّدت هموم الشارع الفلسطيني ومعاناته من أزمات عديدة، من خلال شخصية عرّفها رمضان باسم "مواطن غزاوي"، وهي خيالية وتمثل حال الفلسطيني المكلوم، فيما يُشارك الشاب أعماله هذه من خلال صفحة تحمل الاسم نفسه وقد أطلقها عبر موقع "فيسبوك".
رمضان (31 عاماً)، من سكان مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، درس مجال الملتميديا في جامعة الأزهر في مدينة غزة، ولم يستطع النجاة من شبح البطالة المتفشية في غزة، حتى بدأ الخوض في مجال الـ3D في العام 2010 لجهة إتقانه، وهو ما حدث حين حصد ثمار اجتهاده ونجحت أعماله لصالح الخارج في توفير عائد مادي له مع العام 2014.
ويوضح رمضان لـ"العربي الجديد"، أن فكرة "مواطن غزاوي" جاءت من واقع معايشته للهموم والعذابات كحال أكثر من مليوني مواطن يعيشون في غزة، وهم الذين يعانون من مشكلات الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر والبطالة وتبعات الانقسام الفلسطيني، مضيفاً: "نحن في غزة نعاني من الموت البطيء ولا أحد يشعر بنا".



هذا النداء الأخير، جسّده الشاب في فيديو "انمي" بعنوان "الحقونا"، ظهرت خلاله شخصية "مواطن غزاوي" الخيالية، وهي تصرخ طالبةً النجدة. وحول فيديو حدود غزة، يؤكد رمضان أنه حاول بطريقةٍ ما توعية الأطفال بخطورة قوات الاحتلال المتمركزة خلف السياج الفاصل شرق قطاع غزة، كونهم يواجهون مطالب الفلسطينيين السلمية بالاستهداف المباشر.
فكرةٌ أخرى طرحها رمضان في أعماله، وهي معاناة السفر من غزة، يقول عنها: "أنا خضت التجربة كي أسافر في إحدى السنوات وكانت الأمور جداً معقدة، بتحس حالك عايش أجواء حرب في غزة لمدة 24 ساعة في اليوم، بتكون بتحلم تسافر وتطلع من هذا الواقع الصعب، لكن العقبات تكون أقوى وتجعلك تستيقظ من هذا الحلم وتتذكر إنك لسا موجود وقابع في غزة".
وعن أزمة الانقسام الفلسطيني المستمرة بين حركتي "فتح" و"حماس"، صرخت شخصية "مواطن غزاوي" في أحد المقاطع التصويرية، في وجه طرفين يجسدان حالة الخصام تلك، باللونين الأصفر والأخضر، ويبين رمضان أن رسالة الشعب "تقول بكفي انقسام، سئمنا هذا الوضع ونالت منا عذاباته".
إلى ذلك، يلفت الشاب الفلسطيني إلى مشكلات صعوبة تعلم مجال الـ3D في غزة لعدم وجود معاهد تعليمية متخصصة، إضافة إلى احتياجه لأدوات وأجهزة لإنتاج فيديوهات ضخمة كهذه، على غرار مشكلة الكهرباء الملازمة لأحوال الغزّيين الصعبة، في ظل انقطاع التيار الكهربائي عن سكان القطاع لأكثر من 20 ساعة يومياً.


المساهمون