لا يكاد الزائر لمعرض "منتجات نسائنا" الذي افتتح في مدينة غزة، أن يغمض عينيه برهة حتى يفتحهما ثانية، ليرى معالم تمسك الأجيال الفلسطينية بأرضها وتراثها تتجسد بمختلف تفاصيلها، في أعمال يدوية، أبدعت العشرات من نساء غزة في تكوينها وزخرفتها بمختلف الأشكال والألوان.
وبدا المشهد أكثر جمالاً، عندما اجتمع التراث الفلسطيني القديم، المتمثل بالثوب الفلاحي والمأكولات الشعبية وصور المسجد الأقصى المطرزة على الأقمشة، مع الأعمال اليدوية الشابة التي توثق صمود أهالي قطاع غزة في وجه الاعتداءات الإسرائيلية العسكرية وتشيد بثباتهم في وجه الحصار.
تلك اللوحة الجميلة، تكفّل مركز شؤون المرأة بتكوينها عندما افتتح معرضه السنوي العاشر "منتجات نسائنا"، على شرف يوم المرأة العالمي، تحت شعار "رغم الدمار. عاش الثامن من آذار"، فيما أوكلت مهمة تزين اللوحة لـ 12 مؤسسة نسوية شاركت في المعرض، بجانب 31 مشروعاً صغيراً لنساء قام المركز بدعمهن.
وفي إحدى جوانب المعرض، عرضت الفنانة سهير عابد، أعمالها اليدوية التي تنوعت بين الرسم على الزجاج والفخار والنقش على الخشب، ومن بينها برز مفتاح العودة الذي حفر على جذع شجرة زيتون بهيئة خريطة فلسطين، للإشارة إلى ارتباط عودة اللاجئين الفلسطينيين بالتمسك بكامل الأرض المسلوبة.
وتقول عابد لـ "العربي الجديد"، إنها جاءت لتسويق أعمالها التي صنعتها بجهدها ووفق موهبتها التي اكتسبتها منذ الصغر وتمارسها بشغف كمصدر دخل مالي لعائلتها منذ نحو 14 عاماً، مشيدة بدور المعارض المحلية في حفظ المهن اليدوية، خاصة التراثية، إلى جانب إظهار إنجازات نساء غزة.
وبجوار عابد، وقفت الشقيقتان رزان ومي الخزندار، أمام بعض الملابس التي طبعت عليها كلمات وطنية بألوان العلم الفلسطيني وبخطوط عريضة جذابة، مثل "راجع يا بلدي"، وقالت رزان (28 عاماً)، لا بد أن نسوق قضيتنا العادلة ومطالبنا المشروعة، عبر الوسائل المختلفة سواء القديمة أو الجديدة.
وتضيف رزان لـ "العربي الجديد"، أنها توجهت إلى الرسم والطباعة على الملابس بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، رغبة منها في إيصال صوت المحاصرين عبر بعض الملابس التي قد تقدم للوفود المتضامنة معنا، بجانب الهروب من التداعيات النفسية للحرب من بوابة الفن.
وضمت محتويات المعرض أعمالاً نسائية متنوعة، كمشاهد طبيعية خلابة رسمت على الزجاج، إلى جانب الهدايا والإكسسوارات والمشغولات يدوية الصنع وملابس أطفال، فضلاً عن المطرزات والمجسمات الخشبية التي جسدت معالم ورموز القضية الفلسطينية.
بدورها، قالت مديرة مركز شؤون المرأة، آمال صيام، عقب افتتاح المعرض: "إن منتجات نسائنا، بمثابة منصة محلية تعرض إبداعات المرأة الفلسطينية، وقدراتها على مواجهة الظروف الحياتية التي تمر بها داخل القطاع، رغم شح المواد وصعوبة تسويق المنتجات بسبب إغلاق المعابر والحصار.
وأضافت صيام أنّ العدوان الإسرائيلي الأخير وضع تحديات كبيرة أمام بعض المشاركات في المعرض، نتيجة تدمير مشاريعهن بشكل كلي أو جزئي، غير أن مشاركتهن في المعرض جاءت لتؤكد قدرتهن على التغلب على الصعوبات، مشددة على أهمية تعزيز دور المرأة الاقتصادي والسياسي.