"معديات الموت" في نيل مصر عرض مستمر

01 يناير 2016
وفيات جراء غرق قارب في مصر (العربي الجديد)
+ الخط -

فجر حادث غرق معدية قرية سنديون، التابعة لمركز فوه بمحافظة كفر الشيخ "شمال القاهرة" مع بداية أول يوم في العام الجديد، ووفاة أكثر من 18 شخصاً، ملف "معديات الموت" المنتشرة بطول نهر النيل في المحافظات، حيث تعد تلك المعديات الوسيلة الوحيدة اليومية للانتقال إلى أعمالهم، ومستشفياتهم، ومدارسهم في الضفة الثانية من النهر، غير عابئين بتوافر شروط السلامة والأمان لتلك المعديات.

ويتجاوز عدد تلك المراكب، والقوارب التي يستخدمها المواطنون في تنقلاتهم اليومية المئات على نهر النيل بسبب عدم وجود مواصلات بديلة، وعدم وجود جسور علوية على نهر النيل، أو لبعد الجسور أو لعدم وجود طرق ممهدة، ومعظم تلك المعديات تعمل بلا تراخيص رغم المرور اليومي لشرطة المسطحات المائية، ولكن لا يتم أي إجراء أمني مع أصحاب تلك المعديات خوفا من ثورة الأهالي عليهم بسبب أن تلك"القوارب" هي وسيلتهم الوحيدة في التنقل.

وأمام ذلك، يواجه الآلاف من المواطنين يومياً "معديات الموت" على مستوى المحافظات، حيث لا يخلو شهر دون غرق إحدى المعديات، وعليها عدد من الأهالي لعدم صلاحية تلك المعديات، وحمولتها المضاعفة، وقيادة الصبية، وعدم وجود اشتراطات الأمان، والسلامة الملاحية، وغياب الرقابة، والمتابعة من قبل المسطحات المائية، أو الشرطة، والوحدات المحلية والمحافظة وهيئة النقل النهري.

اقرأ أيضاً:وفاة 14 مصرياً في غرق قارب بنهر النيل

ويعيش عدد كبير من المواطنين الذين يستخدمون تلك المعديات حالة قلق يومياً، أثناء ذهابهم، وعودتهم من أعمالهم بعد ركوبهم تلك الوسيلة الوحيدة للتنقل، حيث يكثر الأهالي من التشهد خوفاً على حياتهم، وبعد النزول يقول الجميع بصوت واحد "الحمد الله"، دليلاً على نجاتهم، نتيجة زيادة عدد الحمولة التي تصل إلى 100 شخص، حيث يتجاوز مسؤول تشغيل المركب أضعاف العدد المسموح به، وطالب الأهالي بضرورة متابعة المعديات غير المرخصة منعا لحدوث كوارث، إلى جانب إنشاء مرفق الأتوبيس النهري بصفة عاجلة لإنقاذ أرواح المواطنين.

في هذا الصدد، قال "محمد أبوزيد" الذي يعمل فى المجال الإعلامي، إن المعديات في محافظات الوجه البحري بصفة خاصة كارثية، فكلها متهالكة، وتعمل بلا تراخيص، وإن المواطنين يصرون على ركوب المعديات لبعد الكباري، وعدم وجود مواصلات بديلة، مؤكداً أن عمل تلك المعديات لا يقتصر على نقل المواطنين فقط في المراكب، والمعديات، بل يتم وضع المواشي، والدواب، والطيور لبيعها في الأسواق مما يعد حمولة جديدة قد يؤدي بذلك "المركب" إلى الغرق بخاصة مع وجود الرياح وارتفاع الأمواج التى تزداد مع فصل الشتاء.

وأشار"أبوزيد" إلى نقطة أخرى وهي أن تلك المعديات تعمل في الفترة المسائية في الأعمال المنافية للآداب وتجارة وتعاطي المخدرات ونقل الزريعة السمكية المحظور صيدها تحت سمع، وأنظار المسؤولين، وتم إبلاغ الجهات المعنية بذلك، ولكن دون أي رد فعل، مؤكداً أن غرق المعديات مسلسل سوف يستمر في ظل وجود حكومة لا تعي وضع الفقراء، مشيراً إلى أن أي حادث يوجد به أغنياء يختلف عن حادث الفقراء.

اقرأ أيضاً:النظام المصري: هل قلت حريّة تعبير؟

وأشار حسن الفار، وهو موظف، الى أن حادثة غرق معدية "قرية سنديون"، ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة طالما ظل الإهمال واللامبالاة، وتضارب الاختصاصات، وغياب الرقابة على أصحاب هذه المراكب غير المرخصة والعشوائية، مشيراً إلى أن هذه المراكب قديمة، ويصل طولها إلى 6 أمتار وعرضها إلى مترين، يجلس جزء من الركاب على حافة المركب، والآخرون بداخله، ونظرا لجشع بعض أصحابها يقومون بتكديس العشرات من الركاب بها بخاصة في أوقات الذروة، وخروج الموظفين من عملهم، وأيام السوق، والمناسبات مما يجعل المركب يغوص في المياه، ناهيك عن الصبية الذين يقودون هذه المراكب، ويتسابقون في المياه للوصول الى البر الثاني للفوز بالحمولة، أو الهزار والمزاح، وإظهار القدرات أمام الركاب بخاصة أن المسافة ما بين الضفتين لا تزيد على 500 متر.

وأشار محمد العزازي (موظف) إلى أن الأهالي يستخدمون المعديات بصفة يومية لقضاء مصالحهم، واحتياجاتهم سواء كانت صحية أو تعليمية أو تجارية، مطالباً بضرورة إنشاء كبارٍ (جسور) بمناطق المعديات، وفي هذا السياق أكد أدهم حسانين"مزارع" أنهم يعتمدون بشكل كبير على المعديات، قائلا: "هي دي المواصلة الوحيدة اللي بنقدر نطلع وندخل بيها" مناشداً المسؤولين ضرورة الاهتمام بتلك الوسيلة الوحيدة، حتى لا يسقط المزيد من الضحايا.

وكان 18 مصرياً لقوا مصرعهم، بعد غرق قارب ينقل ركاباً بين ضفتي فرع لنهر النيل الليلة الماضية، وقال محافظ كفر الشيخ بمصر السيد نصر، اليوم الجمعة، إن السلطات استطاعت إنقاذ شخصين فقط من بين الركاب، فيما يعتقد وجود شخص آخر مفقود.

وأضاف المحافظ أن فرق البحث لا تزال تواصل عملها منذ مساء أمس الخميس، للبحث عن الشخص المفقود، وتابع أن الحالة الصحية للمصابين اللذين انتشلا "شبه مستقرة"، وكان القارب ينقل أشخاصا بين قرية سنديون التابعة لمحافظة كفر الشيخ الواقعة شمال غربي القاهرة، وقرية ديروط التابعة لمحافظة البحيرة على الضفة الأخرى من النهر.

اقرأ أيضاً: "مليون ونصف فدان" فريضة دينية جديدة في مصر

دلالات