"مشاهد من الحياة الزوجية" استعادة نص إنغمار بيرغمان

14 فبراير 2019
(من العرض، الصورة من حساب المخرج على فيسبوك)
+ الخط -
في 27 آذار/ مارس 1972، كتب السينمائي والمسرحي السويدي إنغمار بيرغمان (1918-2007) في دفتر ملاحظاته "هنا شيء يمكننا القيام به للتسلية. يجب ألا يكلّف الكثير، ولا ينطوي على أي مخاطر مالية. سيكون لدينا الكثير من المواد للتصرّف بها قدر المستطاع. سيكون هناك الكثير من الحوارات المثيرة والتي ستظل عالقة في الذهن. ولن يكون هناك شيء على الإطلاق خارج عن المألوف. سأتخيّل سلسلة مشاهد من الزواج".

لاحقاً سيصرّح صاحب فيلم "بيرسونا" للصحف أنه من الناحية الموضوعية يقوم بتكييف عملين تراجيديين كتبهما سابقاً أحدهما للتلفزيون وهو "الكذبة" والثاني للسينما وهو "اللمس"، ومضمون المسلسل سيكون حول "حقيقة أن المثال البرجوازي النموذجي لفكرة الأمان تفسد حياة الناس العاطفية، وتحطّ من قدرهم، وتخيفهم".

بحلول 27 أيار/ مايو 1972، كان بيرغمان قد انتهى من كتابة السيناريو، وتكوّن المسلسل من ستّ حلقات هي "البراءة والذعر" و"فن كنس الأشياء تحت السجادة" و"بولا" و"وادي الدموع" و"الأميين" و"في منتصف الليل في منزل مظلم في مكان ما في العالم".

هذا المسلسل (عُرض عام 1973) هو الذي يستوحي منه المخرج اللبناني ميشال جبر عمله المسرحي الذي حافظ فيه على العنوان نفسه، "مشاهد من الحياة الزوجية"، والذي استند فيه أيضاً إلى تجربته الشخصية، ويُعرض حالياً على خشبة "مسرح المدينة" ويتواصل عرضها حتى العاشر من آذار/ مارس المقبل.

العمل من تمثيل نيللي معتوق (ندى اسمها ماريان في النص الأصلي) ورودريغ سليمان (ربيع اسمه يوهان في النص الأصلي)، وتتناول حياة زوجين بعد مضي عشرة أعوام على ارتباطهما، كانا خلالها يشكّلان زوجين نموذجيين ومعاصرين بالنسبة إلى الجميع، ولا يوجد ما يدلّ على أن ثمة ما يهدّد هذه العلاقة بينهما.

لكن النقاشات والجدالات والمشاكسات على أبسط الأمور تبدأ بينهما، وما بدا في ذهن كل منهما صفقة جيدة أصبح يضغط على روحيهما وجسديهما، الجميل في حوار بيرغمان هو تلك البساطة والراحة التي يعبر فيها الممثلان عمّا يفكران فيه، لكنه بالطبع ليس الحوار نفسه في العرض، فالعرض ليس ترجمة لنص بيرغمان، الذي تحول إلى فيلم أيضاً، بل هو بناء قام به المخرج اللبناني على الفكرة فقط، لكن ذلك لا يمنع حضور مسحة بيرغمان المسرحية في عمل جبر.

إلى أن يأتي اليوم الذي يصارح ربيع فيه ندى بأنه وقع في حب امرأة أخرى، وأنه قرّر إنهاء الزواج وبداية حياة جديدة مع الحبيبة الجديدة.

فتعود علاقتهما للاشتعال من جديد، وتدخل مشاعر الخيبة والغيرة والرغبة في التمسك بالعلاقة من طرف والتخلّي عنها من الآخر وما يحدث خلال ذلك من تداعيات للماضي وتخوّفات من المستقبل وتنازلات عاطفية كبيرة وجارحة.

يقول جبر في حديثه إلى "العربي الجديد" إنه "لم يأخذ من بيرغمان سوى الفكرة والبنية، فقد كان يرغب في تناول الزواج في عمل مسرحي، وبسبب ميله إلى المسرح السيكولوجي الذي درسه جبر في روسيا، وربما يكون بيرغمان أبرز ممثّل لهذا النوع من المسرح".

ويضيف "غيّرت النهاية أيضاً ولم ألتزم بقصة بيرغمان، لم يعد الزوجان إلى بعضهما في عرضي بل بعد زمن من التكاذب بينهما يحدث الانفصال رغم رغبة الطرفين في بعضهما، لكن الخوف من ترسّبات الماضي المؤلم تجعل كلّ منهما يأخذ طريقاً آخر".

المساهمون