"مذكرات غير شخصية": في سيرة عبد الله كنون الحسني

20 مارس 2020
(عبد الله كنون الحسني)
+ الخط -
يعدّ عبد الله كنون الحسني أحد أبرز رواد الحركة الوطنية في المغرب من خلال قصائده ومقالاته التي دعا من خلالها إلى رحيل الاستعمار الفرنسي عن بلاده، كما كان في طليعة المنادين بالتعريب وتبني إصلاح اجتماعي وسياسي من منظور إسلامي.

وضع السياسي والمؤرّخ المغربي (1908 – 1989) العديد من المؤلّفات منها "نظرة في منجد الآداب والعلوم"، و"مدخل إلى تاريخ المغرب"، و"أمراؤنا الشعراء"، و"الجيش المجلب على المدهش المطرب"، و"أدب الفقهاء"، كما أصدر بعض الصحف والمجلّات مثل "لسان الدين"، و"الميثاق"، إلى جانب انخراطه في العمل السياسي من خلال "كتلة العمل الوطني" وتسلمّه وزارة العدل لفترة.

عن "المركز الثقافي العربي" صدرت حديثاً طبعة جديدة من "مذكرات غير شخصية" للحسني، الذي يتناول محطّات مفصلية في حياته منذ مولده في مدينة فاس لعائلة اشتهر منها عدد من السياسيين والكتّاب، ثم انتقلت لتستقّر في طنجة حيث تعلّم فيها دروس الحديث واللغة والنحو والأدب والتاريخ، وأتقن اللغتين الإسبانية والفرنسية.

وتتطرّق المذكرات إلى كتابه" النبوغ المغربي في الأدب العربي"، الذي يعتبر من أبرز مؤلّفاته كونه تضمّن الفكرة الأساسية لمشروعه في النهضة بالثقافة المغربية، وعمله بالتدريس في "المعهد الخليفي" و"المعهد الديني العالي" في كلّ من طنجة وتطوان.

يقول كنون في التقديم "لم أفكر يوماً في كتابة مذكّرات شخصية عن حياتي لسبب بسيط، وهو أنني لم أعتبر قط أنّ حياتي تستحق التدوين بالتفصيل الذي تستدعيه كتابة المذكّرات، إلّا إذا كنت سأثقل حواشيها بالتوافه التي لا قيمة لها، أو الادّعاءات العريضة التي لا نصيب لها من الحقيقة، كما يفعل بعضهم، وهو الأمر الذي جعلني لا أرغب في قراءة بعضها ممّا يقع في وهلي أنها ربما تكون ذات جدوى مثل المذكّرات السياسية أو العسكرية التي كُتبت عن الحربين العالميتين: (1914 و1939) فأجدني أنصرف عنها لما ألمسه فيها من التزيّد ومخالفة الواقع".

ويضيف "أمر آخر، هو ما جدّ في كتابة التراجم ممّا يسمّونه بالتحليل النفسي، وما يتضمّنه من التلفيقات والافتراضات التي تصبح أحكاماً هدفها الوحيد تحطيم الشخصية الإنسانية للمترجم لمجرّد أنه مرَض في صغره مثلا بمرض معيّن أو أحبّ في شبابه شيئاً ما ثم نُزع منه، وما شابه ذلك ممّا يجيء في كلامه عرضاً أو يتحدّث به عنه زميل له أو فرد من أفراد أسرته ربما كان هو لا علم له به ولا صلة بينه وبين ما نسباه إليه، بل لعلّه من انعكاسات التصوّرات الذاتية التي يثيرها فضول المحلّلين النفسيين فيؤدي الأمر إلى ما يعبّر عنه المثل العربي القائل "رَمتني بدائها وانسلّت" وعلَّله المتنبي في هذا البيت الشعري: إذا ساء فعلُ المرءِ ساءت ظنونه وصّدَق ما يعتاده من توهم".

المساهمون