في 25 يناير/كانون الثاني عام 2011 انتفض المصريون ضدّ حسني مبارك، القابع على سدّة الرئاسة منذ ثلاثين عاماً. ويبدو أن الاحتجاج، اليوم، أصبح صعباً. فـ"باسم الأمن، لا يتوقف الرئيس المصري الحالي، عبدالفتاح السيسي، عن انتهاك الحريّات"، وفقاً لصحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، اليوم الأربعاء.
وخصصت "ليبراسيون" صفحتين في عددها الصادر اليوم، للتطرق إلى "ثورة 25 يناير" في ذكراها السادسة، عبر تقرير أعدّته مراسلتها الخاصة، كلود هاليني.
وكتبت هاليني أن المصريين يستعدون منذ أسابيع عدة لهذه الذكرى، في ظلّ توتر بالغ. وأشارت إلى أنه عوضاً عن الاحتفال بهذه الذكرى، "اختار السيسي هذا التاريخ لإرساء "عيد الشرطة"، وأصبح بالتالي، من الآن، يوم عطلة".
لكن "الشعب المصري ليس ساذجاً"، فنقلت هاليني عن إحدى المواطنات المصريات قولها إنه "لا يوجد رمز أفضل لمصادرة حرياتنا من تحويل الاحتفال بالانتفاضة ضدّ الاستبداد إلى عيد لقوّات الأمن"، وأضافت "النظام الحالي أصبح أكثر قمعية من نظام مبارك".
وأشارت الكاتبة إلى أن هذا الرأي ليس حصراً على هذه المواطنة المصرية، بل إن اشتداد القمع والمراقبة من قبل الأمن والاستخبارات وأيضا الوشاية، "دفع المعارضين والمثقفين، بل وأيضاً الباحثين الأجانب إلى اشتراط عدم ذكر أسمائهم حتى يستطيعوا التحدث، ويصل الأمر إلى درجة استخدام الهمس في الآذان في المقاهي التي تتميز بالضجيج، حين يتعلق الأمر بالتطرق للوضع السياسي أو الاقتصادي في البلد".
وقالت هاليني إن "الحد من الحريات وانتهاك حقوق الإنسان لم يتوقف في مصر منذ وصول السيسي، في صيف 2013، إلى السلطة"، وأضافت "إذا كانت هذه السياسة القمعية موجهة في البداية ضد "الإخوان المسلمين"، بعد عزل الرئيس محمد مرسي، في يوليو/تموز 2013، فإن هذا القمع توسَّع ليشمل كل المعارضين الديمقراطيين".
واستعرضت الصحيفة الفرنسية بعض أسماء المقموعين من قبل نظام السيسي، بينهم منسق "حركة شباب 6 إبريل"، أحمد ماهر. كما تطرقت إلى الحديث عن محمد البرادعي، الحاصل على "جائزة نوبل للسلام"، والذي رافَعَ عن ماهر، وأعلن، قبل أيام، عن عودته إلى المشهد السياسي، بعد غياب أكثر من ثلاث سنوات، عبر "تلفزيون العربي".
ورأت "ليبراسيون" أن الأوضاع "تعكس حالة نفسية تتمدد في قلعة السيسي المحاصَرَة. إذ باسم الأمن القومي، ومكافحة الإرهاب، تبنّت السلطة السياسية المصرية، في الأسابيع الأخيرة، قوانين تشدد الخناق على وسائل الإعلام وعلى منظمات المجتمع المدني".
ولفتت الصحيفة إلى القانون حول المنظمات غير الحكومية الذي تم تبنيه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، معتبرة نتائجه "كارثية" على المنظمات التي تدافع عن حقوق الإنسان. كما وصفت القانون بـ"الابتزاز"، لأنه يرغم كل منظمة على التقدم بطلب ترخيص من الحكومة المصرية من أجل إجراء أي عمل بحثي أو نشره أو تلقي أموال من الخارج.
وأشارت هاليني إلى أن معظم المصريين مؤمنون باستمرار "ثورة 25 يناير"، لكن أحزاب المعارضة والحركات الشبابية لا تجرؤ على الدعوة إلى التظاهر، لأنها "تخشى القمع كما تخشى فتوراً في التعبئة".
كما أجرت لقاءً مع المحامية والناشطة، عزة سليمان، والتي قالت إن "مكافحة الإرهاب تمنح، الآن، إطاراً قانونياً للسلطات المصرية كي تمارس القمع كيفما تشاء. إذ لديها، الآن، كل السلطات: الحكومة والشرطة ووسائل الإعلام"، ولكن سليمان سرعان ما تكشف عن صمودها "ليس لديّ من سلاح سوى القانون، ولن أتوقف عن اتباع كل الإجراءات والطعون القضائية للدفاع عن نفسي".