"ليبراسيون" تغني فيروز لمواساة حلب: ردّني إلى بلادي

06 أكتوبر 2016
ركزت "ليبراسيون" على مأساة حلب (جورج أورفليان/فرانس برس)
+ الخط -

استضاف عدد اليوم الخميس من صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية، عدداً من المؤرخين الفرنسيين الذين ساهموا في إنجاز العدد، وكان من بينهم ثلاثة ركّزوا على المأساة السورية، وتحديداً حلب، إذ كانت الافتتاحيتان مخصصتين للشأن السوري، وهما من توقيع كريستيان إنغراو: "الكتابة في الليل، الكتابة من أجل حلب"، ومليكة رحال: "الكتابة في زمن حلب".

وكتب كريستيان إنغراو، وهو باحث في المركز الوطني للأبحاث العلمية ومتخصص في النازية: "في نهاية صيف 1943، في قلب نيويورك، كان يقيم برتولد بريخت لاجئاً، فألّف أغنية لا تزال تُسمع خصوصا في أزمنة الضيق والشدة التي يمر بها الشرق الأوسط".

وأضاف أن "الأزمنة تتغير دائماً، ولا أحد ولا أي من أشكال العنف ولا أي سلطة تستطيع فعل شيء. هذا، من دون شك، هو خطاب أوروبا للسوريين والعراقيين، وهو خطاب يمكن أن يكون مسموعاً، ربما، بشكل أكبر، من هذه الصواريخ التي لا تعبأ بحواجز العمر ولا النوع ولا الوضعية القتالية ولا المعسكر التي تصيبه".

من جانبها، وقّعت الباحثة في معهد تاريخ الزمن المعاصر والشرق الأوسط المعاصر، مليكة رحال، نصّاً بعنوان: "الكتابة في زمن حلب". وبدأت بأغنية فيروز: "ردّني إلى بلادي..". وأضافت في النص "هكذا غنت فيروز من أجل الفلسطينيين. لاجئون آخرون استعادوا هذه الأبيات، اللبنانيون ثم الجزائريون وهم يفرّون من حروبهم الأهلية، والعراقيون وهم يفرّون من الفوضى التي سببها التدخل الأجنبي".

وأشارت إلى أن "هذا النشيد المُحمَّل بالمنافي السابقة هو اليوم نشيد السوريين الذين ينتشرون في موجة رحيل لم تُشهد من قبل". وتضيف رحال: "إزاء جرائم الحرب المرتكبة في حلب يُطلَب منا أن نعبّر عن إدانتنا لنحتمي من حكم التاريخ. أن يكون المرء مؤرّخاً في زمن حلب يعني أن يواصل ممارسة عمله حتى حين تواصل أخبار العالم العربي قتلنا، كل يوم. إنه إرغام النفس على انتقاد التدخلات العسكرية حين تدمر مجتمعات وتتسبب في الفوضى. مع التذكير بأنه، خلال قرنين من الزمن، لم يسبق لأي تدخل عسكري أجنبي في المغرب العربي والشرق الأوسط، أن حسّن ظروف العيش للسكان، كما يزعم".

وتقول رحال إنه "التساؤل عن الروابط الاجتماعية التي يتم الحفاظ عليها أو تلك التي تتكون من جديد تحت القصف والجرائم، لأن الأزمنة، كما يقول لنا أرتولد بريخت، ستتغير. أن تكون مؤرّخاً معنى أن تتذكر أين نتحدث ومع من نتحدث. الإدانة ليست في مستوى ما يحدث في حلب. يجب علينا أن ننجز تفكيرا حول الحرب، وهذه الحرب هي حرب عالمية".

بدورها، كتبت أستاذة التاريخ المعاصر في جامعة تولوز الفرنسية، سيليا كيرين، نصّاً بعنوان فيه نوع من السخرية: "سورية، بالنسبة لنا، ليست كما كانت حرب إسبانيا"، وهي عبارة عن مقاربة مستحيلة بين وضع سورية بعد 2011 وإسبانيا زمن الحرب الأهلية، بين 1936 و1939، والتي استقبلت فيها فرنسا نحو 10 آلاف طفل إسباني، بفضل حماس مجتمع مدني ونقابات قوية ومنظمة"، وهو "ما ينقص اليومَ".

وضمّنت الباحثة فكرتها في الفقرة التالية: "منذ بداية الحرب في سورية سنة 2011، جرت، بشكل متكرر، مقارنة بينها وبين حرب إسبانيا 1936 - 1939، سواء تعلق الأمر بـ"عدم تدخل" القوى الغربية في مواجهة روسيا وإيران أو تردد الحكومة الفرنسية في السماح للاجئين بالدخول إلى أراضيها. كما أن المقارنة تمس التعبئة والقوة التي عبّرت عنها صور الأطفال من ضحايا الحرب. صدى صور الطفل إيلان كردي، الغريق على شاطئ في تركيا، وعمران، الذي نجا، بفضل معجزة من الضربات الجوية في حلب، وصور أطفال قتلوا في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول 1936 أثناء الغارات على مدريد (أولى الهجمات الجوية على المدنيين) تنتشر في العالم".

وتصل الباحثة ذاتها إلى هذه النهاية المؤلمة بالقول: "ما الذي تُعلّمه لنا هذه العودة إلى الماضي حول صعوبات وربما فشل سياسة استقبال أطفال لاجئين سوريين؟ تعلّمنا ما يلي: أثناء الحرب الأهلية في إسبانيا قطاعات واسعة من المجتمع المدني الفرنسي ترسّخت فيها مشاعر انتماء إلى هويات جماعية عبر نقابات قوية، وخصوصاً نقابة سي جي تي، بـ 4 ملايين عضو، المجتمع المدني الفرنسي، اليوم، شبه غائب، والنقابات الفرنسية لم تعد تمثل شيئاً، سي جي تي باتت تقتصر الآن على نحو 700 ألف عضو".




المساهمون