"لحظات" مهنّد عرابي: وجوه تنظر إلينا

08 سبتمبر 2018
(مقطع من أحد أعمال مهند عرابي)
+ الخط -

بدأ الفنان التشكيلي السوري، مهنّد عرابي (1977)، مشواره برسم وجوه دائرية وصور مبسّطة، وانتقل لاحقاً إلى تعبيرية واقعية تعكسها بورتريهاته التي يكاد لا يرسم سواها؛ حيث يُواصل البحث في الوجه الإنساني في أكثر من اتجاه يحاكي سيرته وتفاصيل المكان الدمشقي الذي وُلد وعاش فيه زمناً.

في أعماله الأخيرة، لم يعد يرسم وجوهاً محايدة في تعبيراتها، وأصبحت عيون أشخاصه مفتوحة باتساع، مصدومة بالمشهد المحيط، وتعلن رفضها ودهشتها وتساؤلاتها حول ما يحدث في بلده سورية، وكأنه يريد لها أن تنظر إلينا، وتكشف ما تفكّر فيه وتسرد ما تحسّ به.

"لحظات" عنوان معرضه الجديد الذي يُفتتح عند السادسة من مساء اليوم السبت في "غاليري وادي فينان للفنون" في عمّان، ويتواصل حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري، والذي يضمّ مجموعة من البورتريهات التي تُصّر على فعل المراقبة والتحديق بكل ما يدور من حولها.

يُركّز الفنّان على تلك النظرة التي تبعث شيئاً من الغموض وربما تشير إلى حكمة ما، أو إلى حالة من السكينة الممزوجة بالدهشة أو الحيرة، ضمن تكوين يسمح لها بهذا الظهور؛ حيث تُرسَم وجوه عرابي كأقواس تلتفّ نحو بؤرة مركزية تثير الالتفات إليها، أو يذهب في ألوانه المتداخلة على السطح ليشكّل من تراكم دوائرها فوق بعضها وجهاً.

تحضر وجوه طفولية في العديد من لوحاته في أجواء مبهجة عادة، حيث يرتدي أطفاله ملابس زاهية من دون أن يحدّد هويتهم ذكوراً كانوا او إناثاً، وكأنه يحيلهم إلى لحظة لا يُقسَّم فيها البشر بأي تصنيف كان؛ لحظة البراءة التي سرعان ما تختفي في عمر لاحق، حيث يخضعون لاشتراطات المجتمع ومحدّدات قبوله لهم.

التغيّر الأساسي الذي طرأ على حياة الأطفال بعد اندلاع الأزمة السورية نلمسه في كونهم كانوا في أعماله يركضون خلف العصافير ويلهون بألعابهم، لكنهم غدوا بعد ذلك كائنات صامتة ومتأملة ومفكّرة، لكنهم بالتأكيد لا يريدون أن يغادروا عفويتهم الأبدية.

دلالات
المساهمون