"لا نريد حرباً أهلية"... شعار الحريري لمهادنة حزب الله

04 مارس 2016
لا يريد تيار المستقبل المزيد من الدمار للبنان(حسين بيضون)
+ الخط -

تورّط تيار المستقبل في مستنقع السياسة الخارجية للبنان؛ فبعد مضي ما يقارب الشهرين على إمساك "المستقبل"، الحليف للسعودية، بهذه الورقة للتصويب على خصومه، حزب الله أولاً ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، وجد المستقبليون أنفسهم يطلقون مواقف مطابقة لما صدر عن صهر عون، وزير الخارجية جبران باسيل. وكان الأخير موضوع انتقادات واسعة على خلفية رفضه في مناسبتين متتاليتين، أي في اجتماع وزراء الخارجية العرب واجتماع وزراء خارجية منظمة المؤتمر الاسلامي، إدانة حزب الله وإيران على خلفية الاعتداء على المصالح الدبلوماسية السعودية في إيران.

وخرج وزير الداخلية "المستقبلي"، نهاد المشنوق، من اجتماع وزراء الداخلية العرب في تونس قبل يومين، ليشير إلى تحفظ لبنان على البيان الصادر عن اللقاء والذي جاء منسجماً مع قرار دول مجلس التعاون الخليجي بتصنيف حزب الله "منظمة إرهابية". رفض "المستقبل"، على لسان وزير الداخلية، القرار العربي وتراجع عن مبدأ "الإجماع العربي" الذي تلطّى وراءه لأسابيع، والذي من أجله أطلق زعيمه سعد الحريري عريضةً في كل المناطق اللبنانية للتأكيد على وقوف لبنان إلى جانب الدول العربية في معركتها مع إيران وحلفائها.

لم يكتفِ "المستقبل" بهذا التراجع فحسب، بل أعلن الحريري أيضاً استمرار الحوار الثنائي مع الحزب، ليكرّس بذلك الغطاء السياسي الذي يمنحه للحزب وممارساته التعطيلية في الداخل والعسكرية والأمنية في الخارج. "لا يريد تيار المستقبل المزيد من الدمار للبنان ومؤسساته الرسمية وأوضاعه الاقتصادية"، بهذه العبارة يردّ مسؤولو تيار المستقبل على كل من يسألهم عن سبب التراجع الملحوظ في موقفهم تجاه حزب الله. كما ينقل أحد نواب المستقبل لـ"العربي الجديد"، عن الحريري قوله "لا نريد حرباً أهلية في البلد".

ويضيف هؤلاء أنّه من الواضح أنّ "حزب الله نجح كالعادة بابتزاز القوى السياسية اللبنانية بقوّته الميدانية والعسكرية". يبدو أنّ الاعتراضات الشعبية (بحجة الاعتراض على تناول الأمين العام لحزب الله في برنامج ساخر على قنوات فضائية عربية) التي نفّذها أنصار الحزب قد أتت بثمارها.

اقرأ أيضاً: الحريري يمتص القرار الخليجي ويمضي بالحوار مع "حزب الله"

ومع انتشار آلاف الشبان في شوارع بيروت وقيامهم بمسيرات سيّارة وصلت إلى تخوم منزل الحريري في وسط بيروت، وقطع طرقات رئيسية شرقي البلاد وعلى مداخل بيروت الجنوبية والشمالية، وجّه الحزب في غضون ساعات رسالته بأنّه لا يزال ممسّكاً بالبلد. مع العلم أنّ حزب الله سبق له أن لجأ إلى التلويح بورقة الأمن في ظاهرة "القمصان السود" (انتشار عناصر حزب الله في بيروت ومحيطها بقمصانهم السود للإيحاء بإشارات أمنية ضد خصوهم)، كما سبق ونفّذها في اجتياحه لبيروت في مايو/ أيار 2008.

يشير متابعون لأجواء الحريري إلى أنّ "حزب الله يعرف تماماً نقاط ضعف المستقبل، وإحداها الأمن". وبناءً على هذا الواقع، يمضي فريق الحريري في الخيار القائل إنّ "حزب الله يقوم بأعمال إرهابية في الخارج لكن في الموضوع الداخلي نتحاور معه من أجل التهدئة، والحوار مع الحزب سيوصل إلى النتائج اللازمة عاجلاً أو آجلاً". وهو ما يدفع إلى القول إنه مهما فعل حزب الله، في الداخل والخارج، سيكون مرحّباً به على طاولة الحوار مع المستقبل الذي لا يجد سبيلاً آخر للمواجهة.

بناءً على هذا الواقع، تستمر الحكومة اللبنانية برئاسة تمام سلام في تأمين الغطاء الشرعي لحزب الله بعد أن أصبح مصنّفاً على لوائح الإرهاب العربية. فقد صدر عن الحكومة اللبنانية الموقف نفسه الداعي إلى النأي بالنفس تجاه الخلافات العربية، لإبعاد تفجيرها عن الداخل وضمان استمرارها. مع العلم أنّ سلام لم ينجح بعد في ترتيب مواعيده مع الزعماء العرب إثر إعلان نيّته القيام بجولة على الدول العربية لتوضيح موقف لبنان ومحاولة إبعاد التوتر عن العلاقات اللبنانية ــ العربية. 

اقرأ أيضاً: تصنيف حزب الله "إرهابياً"... إجماع خليجي رغم التباينات

المساهمون