"لازم مسرح": سؤال المساحات البديلة من جديد

12 ابريل 2018
(من التظاهرة)
+ الخط -

صاحَب "ثورة 25 يناير"، خروج مختلف الفنون من القاعات والمسارح وصالات العرض المغلقة، إلى الشارع والفضاءات العامة، بصورة ظهرت معها الأنشطة والعروض الفنية، بوصفها التجلي الأبرز للثورة، لكن هذه الحالة من دمقرطة الفن، ووجود مساحات وفضاءات بديلة للعروض والتفاعل بين الفنانين والجمهور، لم تدم طويلاً، وتمت محاصرتها في ظل تراجع الحالة الثورية بشكل عام.

في دورته الخامسة التي اختتمت مؤخراً، طرح مهرجان "لازم مسرح" سؤال المساحات البديلة من جديد، ليس بوصفها جزءاً ونتيجة للفعل الثوري، بقدر ما تعبّر عن روح العروض المعاصرة، وعن احتياج فني وثقافي ومجتمعي.

والتظاهرة هي عبارة ملتقى مسرحي اتخذ من "يوم المسرح العالمي" (27 آذار من كل سنة) ميعاداً لانطلاق تظاهرة مسرحية معاصرة، تعنى بالمسرح المعاصر والمستقل، وتسعى لدعم جيل الشباب من المسرحيين الذين واجهوا الآليات والممارسات السلطوية غير المرحبة بإسهام وتطوير الشباب في مجتمعاتهم.

يشير عادل عبد الوهاب، مؤسس المهرجان، في حديث إلى "العربي الجديد" إلى أن "هناك إرثاً كبيراً من العروض والأنشطة الفنية في الشارع سبقت حتى "ثورة 25 يناير"، ثم اتسعت هذه المساحة بصورة كبيرة بعد الثورة، لكن في السنوات الماضية تلاشى هذا الحضور، لذلك حرصنا على تنظيم ورشة عمل بعنوان مساحات بديلة لفتح نقاش حول كيفية العودة من جديد للفضاء العام، وخاصة في ظل وجود عدد محدود للغاية من المسارح".

الورشة التي أدارها الفنان سلام يسري، وشارك فيها 14 فناناً وفنانة، ركزت على التأكيد على أن المساحات البديلة ليس المقصود بها فقط العروض الفنية التي تقام في الشوارع والميادين العامة، ولكن تندرج تحتها البيوت والأندية والمدارس والمطاعم والمكتبات والمستشفيات والمصانع ومؤسسات المجتمع المدني، كل تلك الأماكن يمكنها أن تكون فضاءات بديلة للعروض الفنية.

تناولت الورشة أيضاً سؤال لماذا يريد الفنانون الخروج للفضاء العام؟ فكثير من العروض تخرج إلى الفضاءات العامة، دون أن تتفاعل مع تلك الفضاءات، لتعيد إنتاج صورة تقليدية للعرض المسرحي.

يقول يسري: "الفضاءات العامة، تحفز خيال الفنان بصورة كبيرة، لكي يتفاعل معها ويعيد التفكير في علاقة الفن بالجمهور وبالوسيط الذي يقدم من خلاله، ويكسر العلاقة التقليدية بين الجمهور وخشبة المسرح"، موضحاً أن الهدف الرئيسي من الخروج للفضاءات العامة ليس فقط تقديم العروض المسرحية والفنية في أماكن مختلفة، بقدر السعي للتفاعل مع تلك الفضاءات لتصبح فاعلة في العملية الفنية.

يضيف: "التضييق على الممارسات الفنية في الشوارع والميادين العامة في المدن الكبرى، ساهم بشكل كبير، في اتساع مفهوم الفضاءات البديلة، وكذلك حفّز الكثير من الفنانين على الخروج للقرى الصغيرة، والأحياء الشعبية، هذه الحالة من الحراك، تحتاج لتسليط الضوء عليها وتوثيقها، وفتح نقاش حول كيفية تطويرها".

في واحدة من التجارب المميزة التي عرضت خلال ورشة العمل، تحدثت الفنانة والمخرجة المسرحية ندى ثابت عن تجربتها في تنظيم ورشة مسرحية مع 12 من مقدمات الرعاية للأطفال الذين يترددون على مستشفى الصحة النفسية، نتج عنها عرض "تاء ساكنة" المشارك في التظاهرة. يركّز العرض على التحديات النفسية والاجتماعية التي تواجه المرأة في المجتمع المصري بعد مرحلة الزواج والأمومة، ورصد الصور السلبية والنمطية المتعلقة بالصحة العقلية.

تشير ثابت إلى أنها على مدار عام كامل من العمل النسائي في مستشفى العباسية، أنشأت علاقات جديدة بين النساء، وكانت تجربة بروفات المسرح ملهمة للغاية، حيث تقول: "المسؤوليات والأعباء الاجتماعية لم تمكنهن من القيام ببطولة العرض، فقدمنا المسرحية من خلال ممثلات محترفات، وتظل تجربة فتح أبواب المسرح على الفضاءات البديلة، هى الأمل في عودة الحياة لفن المسرح من جديد".

المساهمون