بعيداً عن الإحباطات التي تصيب باليأس، من الرطوبة التي يخلّفها غياب الكهرباء في الجلد، ومطبّات الطرقات التي باتت فخاخاً مفتوحة تترك آثارها في العظام، وخدمة الهاتف الخلوي التي تشبه الأجهزة العسكرية اللاسلكية، وكلّ ما شابه ذلك من يوميات تبعث على اليأس والاستسلام، قرّرت مجموعة من الشباب أن ترفع صوتها لتقول "لا".
نزل هؤلاء إلى الشارع تحت شعار حملة "طلعت ريحتكم"، رفضاً لما وصل إليه واقع المدينة وضواحيها، وتحوّلها إلى مكبّ كبير للنفايات. نزلوا بعدما تسلّلت رائحة الفساد من كل شيء، وليس من النفايات وإدارتها فحسب، ولو أن هذه الأخيرة أغرقت المدينة بالروائح الكريهة.
غير بعيد عن هذه الحملة، انطلقت حملة أخرى في اليومين الماضيين بدأت "افتراضياً" على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن المرجّح أن تأخذ أبعاداً أخرى، دفاعاً عن حقوقٍ لم تكن يوماً. قرّرت مجموعة من الصحافيين أن تثور على جسم مهترئ لا يشبه بتركيبته "التسووية" السخيفة، والسياسية، والمذهبية، إلا النظام اللبناني، هو نقابة المحرّرين. فما زالت انتخابات مجلس هذه النقابة (تجرى بعد غد الأربعاء) تحصل في ظلّ نظام داخلي يترك معظم العاملين في المهنة خارج الجدول النقابي، ومخالفات تنظيمية وإدارية لطالما ارتكبها "القيّمون" على هذه النقابة أو تغاضوا عنها، وما يزالون، في مشهد يشبه بسورياليته تمثال القرود الثلاثة الذين قرّروا إغلاق أفواههم، وعيونهم، وآذانهم.
الأمر نفسه قامت به الحكومة اللبنانية عندما تجاهلت الشباب الذين نزلوا إلى الشارع دفاعاً عن حقهم في بيئة نظيفة خالية من الفساد. تصرّفت كأن شيئاً لا يحصل. لكن مشاعر المسؤولين فيها انجرحت عندما قرّر شاب من المشاركين في الحملة رمي كيسٍ من النفايات على سيارة أحد الوزراء. وبغض النظر عن الرأي في هذه الخطوة، أدّى الأمر إلى استنفار جهاز أمني للقبض على "المذنب" في وقت تتكثّف فيه الجرائم القاتلة كل يوم.
الحملتان، المطلبية والنقابية (قاطعوا انتخابات المحررين)، مستمرّتان. قد تُحقّقان أهدافهما وقد لا تتمكنان من ذلك. ليس الأمر هنا. الملفت أن شباباً في الحملتين ما زالوا يتمتّعون بالحماس، والرغبة في تغيير الواقع، على سواده. وسواء نجحوا في الوصول إلى أهدافهم، أو بعضها، أو سواء عجزوا عن ذلك، يبقى باعثاً للأمل أن هناك أناساً ما زالوا متمسّكين بالـ"لا"، في الزمن الذي يطأطئ كثيرون رقابهم للـ"نعم" أو يعتصمون بالصمت الثقيل.
وهذا وحده يعيد بعض الحياة إلى القلب.
إقرأ أيضاً: رائحتنا القاتلة
نزل هؤلاء إلى الشارع تحت شعار حملة "طلعت ريحتكم"، رفضاً لما وصل إليه واقع المدينة وضواحيها، وتحوّلها إلى مكبّ كبير للنفايات. نزلوا بعدما تسلّلت رائحة الفساد من كل شيء، وليس من النفايات وإدارتها فحسب، ولو أن هذه الأخيرة أغرقت المدينة بالروائح الكريهة.
غير بعيد عن هذه الحملة، انطلقت حملة أخرى في اليومين الماضيين بدأت "افتراضياً" على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن المرجّح أن تأخذ أبعاداً أخرى، دفاعاً عن حقوقٍ لم تكن يوماً. قرّرت مجموعة من الصحافيين أن تثور على جسم مهترئ لا يشبه بتركيبته "التسووية" السخيفة، والسياسية، والمذهبية، إلا النظام اللبناني، هو نقابة المحرّرين. فما زالت انتخابات مجلس هذه النقابة (تجرى بعد غد الأربعاء) تحصل في ظلّ نظام داخلي يترك معظم العاملين في المهنة خارج الجدول النقابي، ومخالفات تنظيمية وإدارية لطالما ارتكبها "القيّمون" على هذه النقابة أو تغاضوا عنها، وما يزالون، في مشهد يشبه بسورياليته تمثال القرود الثلاثة الذين قرّروا إغلاق أفواههم، وعيونهم، وآذانهم.
الأمر نفسه قامت به الحكومة اللبنانية عندما تجاهلت الشباب الذين نزلوا إلى الشارع دفاعاً عن حقهم في بيئة نظيفة خالية من الفساد. تصرّفت كأن شيئاً لا يحصل. لكن مشاعر المسؤولين فيها انجرحت عندما قرّر شاب من المشاركين في الحملة رمي كيسٍ من النفايات على سيارة أحد الوزراء. وبغض النظر عن الرأي في هذه الخطوة، أدّى الأمر إلى استنفار جهاز أمني للقبض على "المذنب" في وقت تتكثّف فيه الجرائم القاتلة كل يوم.
الحملتان، المطلبية والنقابية (قاطعوا انتخابات المحررين)، مستمرّتان. قد تُحقّقان أهدافهما وقد لا تتمكنان من ذلك. ليس الأمر هنا. الملفت أن شباباً في الحملتين ما زالوا يتمتّعون بالحماس، والرغبة في تغيير الواقع، على سواده. وسواء نجحوا في الوصول إلى أهدافهم، أو بعضها، أو سواء عجزوا عن ذلك، يبقى باعثاً للأمل أن هناك أناساً ما زالوا متمسّكين بالـ"لا"، في الزمن الذي يطأطئ كثيرون رقابهم للـ"نعم" أو يعتصمون بالصمت الثقيل.
وهذا وحده يعيد بعض الحياة إلى القلب.
إقرأ أيضاً: رائحتنا القاتلة