"كورونا" لم يغادر السعودية خوفاً من الإبل

09 مارس 2017
الفيروس ما زال يقلق المعنيين (فايز نورالدين/ فرانس برس)
+ الخط -
تبذل وزارة الصحة السعوديّة جهوداً كبيرة للسيطرة على الأمراض المعدية في البلاد. على الرغم من ذلك، فإنّ أمراضا عدّة، مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسيّة التي يتسبّب بها فيروس "كورونا"، وحمى الضنك، ما زالت تسجَّل بين السعوديين.

منذ عام 2012، تسعى وزارة الصحة إلى السيطرة على فيروس كورونا، من دون جدوى، إذ إنّه ما زال قادراً على حصد الأرواح. وقد بلغ إجمالي عدد الإصابات 1520 إصابة، شُفيت منها 905 حالات، في حين ما زالت 12 حالة تتلقى العلاج. إلى ذلك، توفي 651 مريضاً.

يرى عدد من المتخصّصين في الشأن الصحي السعودي أنّ عدم السيطرة على المرض، خلال أكثر من أربع سنوات، يرتبط بتداخل الصلاحيات بين وزارة الصحة ووزارة الزراعة. ويقول الطبيب المتخصص في الأمراض الوبائية، الدكتور عبد الله الهليل، إنّ "تراخي وزارة الصحة يساهم في عودة المرض مجدّداً، في حين يُعتقد أنّها سيطرت عليه بالكامل". ويستغرب من "فشل الوزارة في القضاء على المرض تماماً، على الرغم من كلّ الجهود التي بُذلت في هذا المجال". ويوضح لـ "العربي الجديد" أنّه "على الرغم من مرور أكثر من أربع سنوات على ظهور المرض في السعودية، إلا أنّ الإصابات ما زالت تسجَّل بصورة شبه يومية وتؤدي إلى وفاة كثيرين، علماً أن الفيروس ليس معقّداً إلى هذه الدرجة. لكنّ المشكلة تكمن في أنّ جهات خارجية تعيق عمل الوزارة، خصوصاً وزارة الزراعة التي لم تتمكّن من السيطرة على تفشّي المرض بين الإبل، بعدما ثبت أنّها الحاضن الأساسي للفيروس".

ويشدّد الهليل على "وجوب إيجاد سياسة أكثر صرامة. فالإبل قيمة مختلفة عن الطيور، لكنّه من غير الممكن الاستهانة بحياة المرضى. صحيح أنّ المرض لا يُصنّف مرضاً قاتلاً، إلا أنّه تسبب في وفاة 651 مصاباً به حتى اليوم". ويسأل: "هل يجب أن ننتظر تحوّله إلى وباء حتى تُسنّ قوانين صارمة للتعامل مع الحيوانات الحاضنة للفيروس؟ أظنّ أنّ الوزارة تأخّرت كثيراً في حسم الأمر. وهذا التراخي يهدد حياة كثيرين. نعلم يقيناً أن الإبل هي المسبّب الأوّل للمرض".

تجدر الإشارة إلى أنّ مربّي الإبل يرفضون نتائج الأبحاث التي أعلنت عنها وزارة الصحة بالاشتراك مع وزارة الزراعة، والتي أكّدت أنّ الإبل هي الحاضن الرئيسي للفيروس. وقد دفع رفض بعض مربي الإبل سحب عينات من إبلهم، الأطباء البيطريين التابعين للوزارة، إلى الطلب من وزارة الداخلية السماح لهم بالاستعانة برجال الأمن.



من جهته، ينفي مدير مكافحة العدوى في وزارة الصحة واستشاري الأمراض المعدية، الدكتور هايل العبدلي، ما يُقال عن عدم تسجيل إصابات بين الإبل، مشدداً على أنّ الأمر مثبت.

في السياق، يؤكد طبيب متخصّص في الأمراض التنفسيّة أنّ "التعامل مع الفيروس كان أقلّ من المطلوب"، لافتاً في الوقت نفسه إلى أنّ "وزارة الصحة قد تكون معذورة بعض الشيء، بما أنّ التعامل مع الإبل يختلف عن التعامل مع الطيور". ويوضح لـ "العربي الجديد"، وقد فضّل عدم الكشف عن هويّته، أنّ "كثيرين من مربّي الإبل لا يتعاملون مع قطعانهم على أنّها مجرّد ماشية، فهي عزيزة على قلوبهم. بالتالي، لا يفرّطون فيها بسهولة، وهو الأمر الذي يؤدّي إلى بقاء الفيروس". يضيف أنّ "الوزارة نجحت بصورة كبيرة في السيطرة على حمّى الوادي المتصّدع، لأن ظهورها بين الأغنام كان أكثر وضوحاً. لكنّ ذلك لا يجب أن يكون عذراً للجهات المعنيّة. في نهاية المطاف، صحّة الإنسان أهمّ من الإبل".

إلى ذلك، تشير وزارة الصحة إلى انخفاض في معدّلات الإصابة ببعض الأمراض التي يشملها التحصين، نتيجة تغطية 90 في المائة من المناطق. وتفيد بأنّ معدلات الإصابة بالحصبة الألمانية انخفضت بفضل اللقاحات، بالإضافة إلى حملات تحصين أخرى، نُظّمت آخرها في عام 2015، وقد حصّن 4.9 ملايين مواطن باللقاح الثلاثي.

وقد حرصت الوزارة، في العام الماضي كذلك، على تحصين الأطفال الرضّع (ثلاث جرعات) بلقاحات السعال الديكي، والدفتيريا أو الخناق، والكزاز، والمستدمية النزلية، والتهاب الكبد الوبائي من النوع "بي"، وشلل الأطفال. في السياق نفسه، فعّلت نظام "حصن" الإلكتروني، وهو برنامج تقني تستخدمه للاستفادة من التقنيات الحديثة في مجال الصحة العامة، والإبلاغ عن الأمراض المعدية، وتسجيل اللقاحات، ومراقبة وإدارة الأمراض والأوبئة. وكلّ ذلك سعياً إلى توفير معلومات دقيقة للعاملين في المجال الصحي وأصحاب القرار، حتى يتمكنوا من تقديم مستوى عالٍ من الخدمات الصحية. وخلال الشهر الماضي، أطلقت الوزارة أكبر مسح صحي في تاريخها، شمل أكثر من خمسين ألف أسرة، بهدف تحديد الحالة الصحية للسكان والعوامل التي تمثّل خطراً عليهم، على غرار عدم ممارسة الرياضة والتدخين وغيرهما.